السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أسعد الله أوقاتكم بكل خير وصحة وعافية.
أنا -للأسف- مدمن على الحشيش لمدة تتجاوز نصف عمري، ولم أتوقف يوما واحدا عن تعاطي الحشيش.
حاولت كثيرا أن أتوقف ولكن لم أستطع لأنني عصبي، وأخاف أن أغضب الناس من حولي بعصبيتي.
استطعت أن أخفف الكمية ولكن لم أستطع الاستغناء نهائيا عنها، وآمل من الله أن أتوقف تماما عن الإدمان.
يا ليت يا دكتور ترشدني إلى دواء يساعدني ويمنع الرغبة في تدخين الحشيش، مع العلم أنني لا أدخن إلا الحشيش فقط، وعند الخروج خارج المنزل أدخن سيجارتين أو ثلاثا فقط، وأعود لسجائر الحشيش.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حسن حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد
فإن أهم نقطة في حياة المدمن على المخدرات هي أن يكون قد اتخذ قراره بالتوقف، هذه هي أهم خطوة إذا وفق الإنسان فيها وكان صادق النوايا، ولديه الدافعية، واستشعر كمية الأذى والضرر الذي ألحقه بنفسه، وأراد أن يحرر نفسه من هذا الاستعباد.
فبعد ذلك يكون التوقف سهلا، وأنا أركز على كلمة (سهلا) لأنني أعرف الكثير من الناس ممن أنعم الله عليهم بالإقلاع والتوقف، وكانوا يعتقدون أن هذا من المستحيل، فأنت قد تواصلت معنا في (إسلام ويب)، ونحن نقول لك بعلمية ومهنية صادقة: إن تعاطي المخدرات هو مرض يصيب الدماغ، هو مرض يؤدي إلى تلف الدماغ، وهذا مثبت تماما عن الحشيش، وذلك بجانب ما يسببه من قلق وتوتر وربما هلاوس سمعية، وحتى الأمراض الظنانية ربطت الآن بالحشيش ربطا وثيقا، ذلك بجانب أنه يؤدي إلى تغيرات كبيرة في أشكال وحركة الحيوانات المنوية لدى الرجال مما ينتج عنه أضرار بليغة، والعقم كذلك.
نحن لا نبالغ أبدا في الحقائق، فالحقائق يجب أن يعرفها الناس، وأنت من حقك أن تعرف ذلك، وأن تتعامل معه بجدية، وأن تكسر الحواجز النفسية خاصة حاجز النكران والتبرير، فهذه دفاعات نفسية سيئة وقبيحة تجعل الناس يواصلون السلوك الخاطئ؛ لأن الواحد لا يريد أن يواجه نفسه.
وفوق الذي ذكرته لك يجب أن تقيس الأمور بمقياس الحلال والحرام، وأنت قطعا تعرف حرمة الحشيش، فهي ليست حلالا وليست من الطيبات، كما قال تعالى في وصف النبي -صلى الله عليه وسلم- بأنه جاء ليحل الطيبات ويحرم الخبائث: (ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم)، [الأعراف:157]، وكما قال -صلى الله عليه وسلم-: (لا ضرر ولا ضرار)، وهذه قطعا من التي تضر بالنفس وبالصحة وتضر اجتماعيا وتضر ماليا.
إذن: الدوافع قوية والأسباب واضحة لأن تتوقف، وأنا أقول لك: أبشر فالأمر سهل، ولكنه يتطلب منك الصدق، يتطلب منك الصبر، يتطلب منك أن تعرف أن الإنسان يمكن أن يدمن أشياء عظيمة في هذه الحياة، فالإنسان يمكن أن يدمن التواصل الحسن، يمكن أن يدمن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، يمكن أن يكون تاليا مواظبا للقرآن، يمكن أن يكون مجتهدا في عمله يفيد نفسه والآخرين، يمكن أن يدمن الطاعة والقرب من الله تعالى.
حقيقة أنا أنصحك بأن تحرر نفسك من هذا السياج القبيح، وأنا أشكرك على نواياك الصادقة وأقول لك: إن استيعابك لحجم مشكلتك والإصرار على التغيير هو نقطة البداية وهي النقطة المركزية والمحورية.
أما فيما يخص الأدوية التي تساعد فهي كثيرة جدا بفضل الله تعالى.
هنالك دواء يعرف تجاريا باسم (ريمارون Remeron)، ويعرف علميا باسم (ميرتازبين Mirtazapine)، أرجو أن تبدأ في تناوله بجرعة حبة واحدة (ثلاثين مليجراما) ليلا.
وهنالك دواء آخر يعرف تجاريا باسم (دوجماتيل Dogmatil)، ويعرف علميا باسم (سلبرايد Sulipride)، أرجو أن تتناوله بجرعة (مائة مليجرام) في الصباح و(مائة مليجرام) ليلا، الدواء يوجد في شكل كبسولة تحتوي على خمسين مليجراما، وفي بعض الدول يوجد في شكل حبوب تحتوي على مائتي مليجرام.
فإذا وجدته في عبوة مائتين مليجرام فتناول نصف حبة صباحا ومساء، وإذا كانت في شكل كبسولات تحتوي على خمسين مليجراما فتناول كبسولتين في الصباح وكبسولتين في المساء، ويجب أن تستمر على هذه الجرعة -الميرتازبين مع الدوجماتيل- لمدة ستة أشهر.
ثم بعد ذلك خفض الدوجماتيل إلى خمسين مليجراما صباحا وخمسين مليجراما مساء، واستمر على الريمارون لمدة ثلاثة أشهر أخرى، ثم بعد ذلك خفض الريمارون إلى نصف حبة -أي: خمسة عشرة مليجرام- ليلا لمدة شهرين، ثم توقف عن تناوله، ويمكن أن تستمر على الدوجماتيل لمدة ثلاثة أشهر أخرى بعد التوقف عن تناول الريمارون، ثم يمكن التوقف عن تناول الدوجماتيل.
إن شاء الله هذه الأدوية تعطيك شعورا بالاسترخاء، لا أقول لك: إنها بديل لهذا المخدر (الحشيش)، ولكنها بالطبع سوف تساعدك كثيرا، ولن تحدث لك آثارا انسحابية، ولكن العزيمة والتصميم واتخاذ القرار هي الدوافع الرئيسة للتوقف فعليك بذلك.
وأنصحك أن تمارس الرياضة، وأنصحك بالرفقة الطيبة والقدوة الحسنة، وحتى التدخين -السيجارة- يمكن أن تتوقف عنها، لا تكن مستعبدا لها، ابعد نفسك عن كل هذه الشرور، وأنا على ثقة تامة أنك -إن شاء الله- سوف تتحسن كثيرا، استثمر وقتك -كما ذكرنا لك-، مارس الرياضة، اجعل لحياتك انطلاقة جديدة.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونحن نشكر لك تواصلك مع (إسلام ويب)، وعليك بالدعاء فالدعاء هو سلاح المؤمن.
نسأل الله لك العافية والمعافاة في الدين والدنيا والآخرة، ولنا جميعا، وبالله التوفيق والسداد.