السؤال
لدي ثلاثة أبناء ذكور، ابني الأكبر عمره سبع سنوات ويسبب لي القلق بسبب ميله الشديد إلى كل ما يخص البنات، سواء من الألعاب أو من الملابس، وحتى من التصرفات فلديه رغبة شديدة في لبس الملابس الوردية، ويتمنى أن يطول شعرة ويحب التفرج على برامج الأطفال الخاصة بالبنات مثل: الأميرات وسندرلا وغيرها! ولا يميل لبرامج الأولاد أبدا، ولا يحب اللعب بكرة القدم أو بالدراجات، ولم أستطع تأمين صحبة مناسبة له من الأولاد، فكل المحيط بنا من بنات أخي وبنات أخ زوجي.
وبالتالي فأنا أفضل الجلوس في البيت أفضل من الاختلاط بالبنات معظم الوقت، ولا أعلم هل هذه تصرفات سيتمكن من تجاوزها مستقبلا أم أنها ستؤثر فيه؟
علما بأنه طفل ذكي للغاية يحب النقاش والتعلم، ويسأل عن كل شيء، ويحب التفرج على البرامج العلمية، وخاصة الظواهر الطبيعية، وبالمجمل إنه يتصرف بطريقة طبيعية، ولكن هذه هي رغباته الداخلية أعرفها من خلال النقاش معه، ودائما يتمنى أن يكون لدينا بنت، ويعلم أن هذه التصرفات غير مقبولة لدينا، ولكنه يحاول كبتها فقط وليس التخلي عنها، فأرجو منكم الإفادة.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ بشرى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإن رسالتك تتميز بأنك طرحت المشكلة وأعتقد أنك قد طرحت الحلول، فأنت مدركة لحجم المشكلة، وأقول لك أن ابنك في مثل هذا العمر يستطيع لدرجة كبيرة أن يبني هويته الجنسية، أقصد بذلك أن الأمر يجب تداركه، ولا أريد أبدا أن أولد لديك أي قلق، ولكن يجب أن نملكك الحقائق، فنحن الآن نشاهد الكثير من المآسي فيما يخص اضطراب الهوية الجنسية، وحينما قمنا ببحث هذه الحالات اتضح لنا في كثير منها أن تأثير البيئة والتهاون من جانب الأسرة، وربما أيضا ضعف الإدراك في بعض الأحيان هو الذي أدى إلى اضطرابات الهوية الجنسية.
أنا أقدر الظروف التي تعيشين فيها، ولكني أقول لك أن العلاج لمثل حالة ابنك تتمثل في الوقاية، والوقاية التي نقصد بها كتربية وقائية هو أن يهيأ له المحيط الذكوري، هذا مهم وضروري.
الطفل يفهم ويعرف ويدرك تماما في هذا العمر، فالأطفال أذكاء وليس كما يتصور البعض أنهم غير ذلك، يجب أن نوضح له الفرق بين الذكر والأنثى، يجب أن تشعريه بأنه رجل، ولابد أن يكون لوالده دور كبير في هذا، ولا أريدك أنت تتحملي هذه المسئولية وحدك؛ لأنك أنت أيضا في نهاية الأمر أنثى، حتى وإن كنت أما له، اجعليه يقلد والده، اجعليه يحس أنه رجل في داخل البيت، لابد أن يختلط بالأولاد الذكور، إذا كانت إمكانية لأن يذهب إلى مراكز تحفيظ القرآن، فهذا يساعده كثيرا، ويمكن أن يوصى الشيخ أو المحفظ ومدرس القرآن بأن يوليه اهتماما خاصا.
وعليك أن تقومي بتثبيت بعض القيم الرجولية فيه، كأن تقومي مثلا بإعطائه قلما وورقة ليقوم برسم الرجال، ويتصور نفسه أنه هو في هذا الموقف بعد سنوات قادمة.
ويجب أن تقضي تماما على الملابس ذات الطابع الأنثوي أو حتى الملابس التي تتاح للجنسين، وهذه الآن مشكلة كبيرة جدا وهي ما تسمى بـ(يونيسكس) هذه ظاهرة غريبة وبشعة، وأعتقد أنه من المهم جدا التحوط في هذا الأمر.
فإذن الشيء الذي يميز تفكيرك هو إدراكك التام لحجم المشكلة، وأعتقد أن الحلول واضحة، وهي تهيئة البيئة لتنشئة الطفل، يجب أن ينشأ دون أن نرهبه، ولكن لابد أن يكون هناك نوع من الصرامة ونوع من تحديد الثوابت، وفي نفس الوقت يشجع الطفل ويحفز على أي سلوك إيجابي يقوم به فيما يخص دوره الجنسي خاصة، اجعليه يشاهد الأفلام الكرتونية ذات الطابع الرجولي، الألعاب التي يتعامل معها خاصة الألعاب التعليمية، لابد أن يكون اهتمامه بها كبيرا.
هذا هو المبدأ، واعرفي نوعية المدارس أو المدرسة التي يذهب إليها؛ لأن المدرسة أيضا تلعب دورا مهما وفاعلا، واحذري تماما من المدارس المختلطة؛ لأن في كثير من الدول يكون الأولاد والبنات في فصول مختلطة في أعمار معينة، وهذا الابن - حفظه الله - لا زال صغيرا.
عموما لست متخوفا؛ لأني ألاحظ أنك مدركة لحجم المشكلة، وأنت قلت أنها رغبات داخلية، والرغبات الداخلية أيضا تنشأ من البيئة، فكل مولود يولد على الفطرة ولا شك في ذلك، وكل إنسان يتعلم من بيئته، والتعليم في الصغر كالنقش على الحجر، والفطرة هنا قصد بها التوحيد، كما قال صلى الله عليه وسلم: (كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه، أو ينصرانه، أو يمجسانه)، فهي أيضا تعني أن التوجه التكويني للإنسان يناسب جنسه ذكرا كان أم أنثى. فلا أريدك أبدا أن تأخذي ما وصفته برغباته الداخلية كحاجز أو كعثرة، بمعنى يجب ألا ترضخي لهذه الأمور أبدا؛ لأن الكثير من الناس قد تهاونوا تأثرا بمثل هذه المفاهيم أو أن الأمر بسيط أو أن الأمر سوف يتغير.
هذا هو الذي أنصح به، ولدي اهتمامات وأبحاث الآن في مثل هذه المشاكل، والعمر الذي فيه البناء هو العمر الذي يمكن أن يبنى سلوك فيه هذا الطفل، فأرجو الحرص وعليك بالدعاء وأسأل الله له التوفيق والسداد.
وبالله التوفيق.