السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
كنت أعاني من الرهاب الاجتماعي: الخجل، وعدم القدرة على إبداء الرأي أمام الجميع، والخوف في أغلب مواقف المواجهات، وخاصة المشاكل، فعندما أتعرض لموقف مفاجئ أحس مثل البرق ضرب في قلبي ودقات قلبي سريعة، ولا أستطيع التركيز واتخاذ القرار، وغصة في الحلق عند الكلام من الخوف حتى من أبسط المواقف.
ذهبت لدكتور -هذا طبعا قبل 7 سنوات- فكتب الدكتور لي علاجات لا أذكرها بالضبط، لكن كان آخرها (البسبيرون 5 ملي) و(الفافيرون)، من العلاجات السابقة تحسنت قليلا، ولكن من الفافيرون لم ألاحظ تحسنا، وبعدها انقطعت عن العلاج لفترة طويلة حتى قبل (20) يوما قرأت عن السيبرالكس أنه علاج جيد وآمن ولا يضر بأي من أعضاء الجسم القلب والرئتين والكلى والكبد، ولا يسبب تليفات، فقمت باستخدامه حبة (10مليجرام) ليلا، فأحسست ذلك اليوم بفقدان النوم من الساعة 12 ليلا وحتى الساعة 8 صباحا مع ضيق شديد (كتمة في الصدر)، وفي اليوم الثاني خففت من الجرعة وجعلتها نصف حبة (أي: 5 مليجرام) فكانت لا بأس أقل من اليوم الأول، واستمررت عليه حتى الآن حوالي (20 يوما) فأحس بتحسن جيد من حيث عدم الخوف، ولكن عند قيامي الصباح لا أحس برغبة في الأكل إلا بعد ساعة على الأقل، وأحس نفسي متضايقا قليلا، فما رأيكم: هل أستمر على السيبرالكس أم لا؟
جزاكم الله خيرا على اهتمامكم بأسئلة الناس، ووفقكم لما فيه الخير والسداد.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو عبد الملك حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد:
فقد وصفت حالتك بصورة جيدة، وهي أنك بالفعل تعاني من درجة بسيطة إلى متوسطة من الخوف أو الرهاب الاجتماعي، ولديك أيضا القابلية لما يمكن أن نسميه بنوبات الهرع البسيطة، وهو نوع من الخوف أو الرهاب المفاجئ، ويتمثل في الأعراض الجسدية مثل تسارع في ضربات القلب والشعور بالضيقة الشديدة، والبعض يأتيه الشعور بأنه سوف يفقد السيطرة على الموقف أو يتلعثم أو يرتعش، أو هكذا.
من حيث العلاج الدوائي فإن السبرالكس علاج جيد وممتاز، وما سببه لك من أرق هذا قد يحدث لبعض الناس، لذا هنالك من يتناول هذا الدواء في أثناء النهار، وحتى الشركة المصنعة قد تنصح بذلك، ولكن البعض حينما يتناوله نهارا يأتي ويقول بأنه قد شعر باسترخاء زائد وشيء من التكاسل، لذا ننصح في مثل هذه الحالات باستعماله ليلا.
عموما: التجربة الشخصية مع الدواء هي التي تتحكم في وقت استعماله، وأعتقد أنك أنت الآن تسير في الطريق الصحيح، وقد أصبحت تتلمس فوائد الدواء، وأقول لك: إن الجرعة التي تتناولها هي جرعة صغيرة جدا، فأنت قد بدأت بعشرة مليجرام ليلا، ولكن نسبة للتفاعل السلبي الذي حدث بدأت الآن تتناول خمسة مليجرام.
أنا أقول لك: إن الخمسة مليجرام هي جرعة البداية والبداية جدا في بعض الحالات، ولا نعتقد أبدا أنها تحمل قيمة علاجية كبيرة، فإذن أرجو أن ترفع الجرعة إلى عشرة مليجرام يوميا، يمكن أن تتناولها كجرعة واحدة في اليوم صباحا أو مساء حسب ما يروق لك وحسب ما تراه مناسبا، خاصة فيما يخص النوم.
ويمكنك أيضا أن تتناول هذه الجرعة بمعدل خمسة مليجرام صباحا وخمسة مليجرام مساء، وأنا أعتقد أن هذه جرعة علاجية سوف تكون مناسبة لك، علما بأن الكثير من الناس يتناول عشرين أو ثلاثين مليجراما في اليوم من هذا الدواء دون أي صعوبات أو مشاكل.
فأقول لك: استمر على السبرالكس، ولكن يفضل أن ترفع الجرعة إلى عشرة مليجرام، ويجب أن تستمر على هذه الجرعة على الأقل لمدة ستة أشهر، ثم بعد ذلك خفض الجرعة مرة أخرى إلى خمسة مليجرام، واستمر عليها لمدة شهرين أو ثلاثة، ثم يمكنك أن تتوقف عن الدواء.
بالنسبة لشعورك بعدم الرغبة في الأكل هذا يلاحظ كأحد نتائج القلق وعسر المزاج، وإن شاء الله سوف ينتهي هذا الأثر تدريجيا، لابد ألا تغفل الآليات العلاجية الأخرى، وأهمها أن تعرف أن كل الذي بك هو نوع من القلق وليس أكثر من ذلك، ويجب أن تكثر من المواجهة، أي: لا تتجنب المواقف الاجتماعية؛ لأن التجنب يزيد من الرهاب والمواجهة تؤدي إلى القضاء عليه، لابد أن يكون هنالك نوع من التحسين وتصحيح المفاهيم؛ لأن الكثير من مرضى القلق -خاصة الرهاب الاجتماعي- تأتيهم هواجس أن شخصياتهم معلولة وأن إيمانهم قد قل وشيء من هذا القبيل، وهذا ليس صحيحا، والبعض يأتيه أيضا شعور بأنه مرصود أو مراقب من قبل الآخرين، وأنه يتلعثم بصورة واضحة، وأنه سوف يسقط أرضا في حالة التجمعات، وهكذا، هذه أيضا ليست صحيحة، فيجب أن يكون هنالك نوع من تصحيح المفاهيم، وهذا سوف يكون ذا عائد علاجي ممتاز عليك.
عليك بممارسة الرياضة، ويا حبذا لو كانت هذه الرياضة رياضة جماعية، حضور حلقات التلاوة والأنشطة الجماعية والاجتماعية أيضا هي من وسائل علاج الخوف والرهاب الاجتماعي، وعليك أن تكون إيجابيا من حيث التواصل الاجتماعي، يجب أن يكون لك حضور، يجب أن تكون مجتهدا في عملك وترفع من إنتاجيتك، وتكون نظرتك نحو المستقبل إيجابية.
أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد، ونشكرك كثيرا على تواصلك مع (إسلام ويب).