الخلاف بين علماء الأمة نموذج لما تعيشه الأمة من صراع وفرقة وكيفية علاج ذلك

0 495

السؤال

إن مما يدمي العيون ما نراه من خلافات بين علماء الأمة، فنرجو منكم بعض التوجيهات.
وكملاحظة فالخلاف بين الأوائل يختلف عما نراه في عصرنا هذا.



الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل / فؤاد حفظه الله .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أخي فؤاد: ما أعظم أن تعمل الأمة الإسلامية على مراجعة حساباتها بين الحين والآخر، وتراجع مسيرتها وخطتها ومواقفها، إن الأمة القوية هي التي تقف هذه الوقفة الإيمانية الواعية، وقفة نظر وتدبر وتذكير وعبرة؛ حتى لا تتراكم الأخطاء، وحتى تجد الأمة الفرصة وتجدد عزيمتها لتصحح ما يجب تصحيحه من الدرب والأسلوب، إنها وقفات لا تعطل المسيرة ولا البذل، ولا تفسد النهج والخطة وعلى العكس مما قد يتصوره بعضهم، فإن هذه الوقفة الإيمانية هي وقفة التقويم والمراجعة والحساب، وإن أولى الناس بهذه الوقفة هم المؤمنون الذين يحملون رسالة الله إلى الناس ليخرجوهم من عبادة العباد والأوثان إلى عبادة الله وحده.

اعلم يا أخي فؤاد أن هناك من الدعاة والعلماء المخلصين من يدعون إلى جمع الأمة في صف واحد وفي لقاء واحد تلتقي فيه الأمة الإسلامية، تنبذ فيها خلافاتها وعصبياتها الجاهلية، وتعمل على محاسبة نفسها، ويسودها رأي الشورى والنصيحة، مع صدق النية وإخلاصها، ويكون مصدر ذلك هو الكتاب والسنة، وهذا جزء من التربية والبناء والتدريب والإعداد.

لقد استغل أعداء الإسلام هذه الخلافات بين علماء الأمة حتى أصاب هذه الأمة الفتور، وضاع كثير من جهد الصالحين خلال هذه الفترة الطويلة.

اعلم يا أخي أن معركة الإسلام تبتدئ في داخل العالم والداعية المسلم نفسه، فإذا انتصر فيها مهد لانتصاره في ميدان أكبر ، وسيحقق النصر بجهده، ولكن الله هو الذي ينزل النصر على المؤمنين الصادقين.

لكي نعالج الأمراض التي أصيبت بها الأمة الإسلامية من فرقة وصراع وولاء لغير الله وعصبيات جاهلية، هناك خطوات أقتبسها من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم :

1- التربية الإيمانية، واللجوء إلى الله تعالى، حيث أن العمل الصالح هو ثمرة الممارسة الإيمانية لمنهاج الله في الواقع البشري.

2- يجب أن نتخلص من الذنوب والخطايا ونتوب منها؛ حتى نبتعد عن الفرقة، ثم بعد ذلك نحرز النصر والتمكين0

3- ترك الوهن؛ لأن الوهن صفة من صفات الضعف، ولابد من صبر يقابل ذلك الابتلاء، صبر لا يعرف الوهن ولا الضعف ولا الاستكانة.

4- الثبات عند المحنة المزلزلة، فإن النصر مدخر لمن يستحقونه ولن يستحقه إلا الذين يثبتون ويصمدون حتى النهاية على البأساء والضراء، والذين لا يحنون رؤوسهم للعاصفة، فهؤلاء هم الذي يتطلعون للنصر.

5- إن النهج والتخطيط يجب أن ينطلقا من النية الخالصة لله سبحانه وتعالى، فيرسم الدرب الذي يسير عليه ويحدد الأساليب، ويطمئن إلى أن هذا الدرب مرتبط بمنهاج الله وقواعد الإيمان والتوحيد، وهذه هي مسئولية كل عالم وداعية.

سيحاسب العلماء والدعاة عن ماذا نصحوا للأمة، وبماذا تنصحون؟ وهل قبلوا النصيحة؟ وهل كانوا أهلا للمسئولية التي تصدوا لها ؟ وهل قدموا للأمة نهجا وخطة وأهدافا ينبع ذلك كله من منهاج الله فيلبي حاجات الواقع؟

اللهم نسألك الثبات على الحق والعزيمة على المضي، وأن تجمع كلمة المسلمين على الحق لتقوم أمة الإسلام واحدة، والله ولي الهداية والتوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات