أشكو من الاكتئاب وفقدت الرغبة في الطعام والشراب!

0 32

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا طالب في إحدى الكليات العملية في مصر، ملتح وحافظ للقرآن، وطلبت لفترة العلم ثم حدثت لي مشلكة أثرت بي نفسيا، أكثر من سنة ونصف أعاني منها إلى الآن، أعاني من الاكتئاب، ليس لي رغبة في أي شيء، تركت مراجعة القرآن وتركت التعلم، حتى الكلية أهملتها، وأنا على وشك الرسوب.

لا أفعل أي شيء في حياتي مفيدا سوى أنني أصلي، فقدت الرغبة في الطعام والشراب، والمشكلة الكبرى أنني أثناء وجودي على شبكة الإنترنت دخلت على منتدى الكلية، وتعرفت إلى فتاة وأصبحت أحدثها يوميا، ولا أستطيع ترك التحدث معها، مع أني لم أرها، ولكنها معي في الكلية في نفس القسم.

أريد العودة إلى سابق حالي، فأنا أصبحت انطوائيا بشكل مخيف، لا أقابل أحدا ولا أتصل بأحد، ولا أحد يعلم عني شيئا من الإخوة.

دلوني ماذا أفعل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

قد ذكرت أنك تعاني من الأعراض الاكتئابية منذ سنة ونصف، ونعتقد أن هذه المدة طويلة، لا بد أن تبدأ مباشرة في تناول العلاج الدوائي، فالأعراض التي ذكرتها تشير إلى أنك تعاني من اكتئاب بيولوجي، ففقدان الرغبة، وكذلك ضعف الشهية للطعام، هذه كلها – أيها الفاضل الكريم – مؤشرات على أن نوع الاكتئاب الذي تعاني منه لا بد أن يتم تناول أحد الأدوية المضادة له.

بما أنك في مصر، ومصر -بفضل الله- غنية وزاخرة جدا بخدمات الطب النفسي، فإذا استطعت أن تتواصل مع أحد الأطباء النفسيين فهذا سيكون هو الوضع الأفضل والوضع المثالي، ولا شك أن أساتذة كلية الطب من الأخصائيين النفسيين يمكن أن يكونوا هم الأفضل من أجل مساعدتك.

إذا لم يتيسر لك الذهاب إلى طبيب فأقول لك: إن الدواء الذي يمكنك أن تتناوله هو أحد مضادات الاكتئاب الجيدة، يسمى علميا باسم (سيرترالين Sertraline)، وتجاريا يسمى باسم (زولفت Zoloft)، كما أنه يسمى باسم (لسترال Lustral)، وفي مصر له مسمى تجاري آخر وهو (مودابكس Moodapex).

تبدأ في تناول هذا الدواء بجرعة خمسين مليجراما ليلا، يفضل تناوله بعد الأكل، استمر على هذه الجرعة لمدة شهرين، ثم ارفع الجرعة إلى مائة مليجرام يوميا، يمكنك أن تتناولها كجرعة واحدة في المساء، أو يمكن أن تقسمها إلى خمسين مليجراما ليلا ومثلها مساء، استمر على الجرعة العلاجية هذه لمدة ثلاثة أشهر، ثم بعد ذلك خفض الجرعة مرة أخرى إلى خمسين مليجراما – أي حبة واحدة – يوميا، واستمر عليها لمدة ستة أشهر، ثم حبة يوما بعد يوم لمدة ثلاثة أشهر، ثم توقف عن تناول الدواء، هذا الدواء من الأدوية الجيدة والفعالة والمفيدة جدا.

بقي الأمر الضروري جدا، وهو أن تحاول أن تغير من تفكيرك السلبي، فأنت -بفضل الله تعالى- حافظ لكتاب الله تعالى، وهذا يجب أن ينير قلبك وأن يطمئنك، وعليك بالرجاء والأمل والإكثار من الدعاء، والتيقن من الإجابة بعون الله تعالى.

لا شك أن تواصلك مع هذه الفتاة عن طريق الإنترنت أمر خطير، وأمر خطأ، ولا يليق بك أبدا كشاب مسلم ملتح وملتزم، وما لا ترضاه لأختك ولمحارمك من النساء يجب ألا تقبله للآخرين، والذي مثلك يجب أن يقيس الأمور بمقياس الحلال والحرام، هذا هو المقياس الذي يجب أن تركز فيه وتعتمد عليه.

غيرك من غير الملتزمين قد تكون لهم مقاييسهم الأخرى للأمور، ولكن في مثل حالتك لا بد أن يكون الأمر الضابط والمرجعية الصحيحة هي الحلال والحرام، وأنت كيس وأنت فطن، ويجب أن توقف هذا الأمر الآن، لا تترك الشيطان يتلاعب بك، ولا تتبع خطوات الشيطان؛ لأنه كما قال الله تعالى: (ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر)[النور:21]، ولا تتبع هواك فقد قال تعالى: (وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى) [النازعات:40].

لا تجد لنفسك أعذارا، فمهما حدث اكتئاب وغير اكتئاب فهذه كلها ابتلاءات يجب على الإنسان أن يصبر عليها، ويمرر هذا الاختبار، وأنت رجل مدرك ومستبصر، وتفرق بين الخطأ والصواب، والحلال والحرام كما ذكرنا، وحكمك على الأمور سليم، فهذا تناقض غير مقبول أبدا في حياتك، قال تعالى: (أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون)[البقرة:44].

أسأل الله تعالى أن ييسر أمرك، ويجب أن تعيد حساباتك تماما.

عليك أيضا بالطبع أن تتفاعل اجتماعيا: حاول أن تخرج، ابدأ بزيارة أرحامك، حاول أن ترفه وتروح عن نفسك بما هو مباح ومشروع وحلال، مارس الرياضة، الرياضة تفيد الإنسان كثيرا خاصة لعلاج الاكتئاب والتوتر، ولا بد أن تكون لك نظرة ورؤية إيجابية حول المستقبل، فأنت لك سمات ـ الحمد لله ـ طيبة جدا، وأنت في عمر حقيقة عمر الشباب وفي بدايات الشباب، وهذا هو عمر الطاقات النفسية والجسدية والاجتماعية، فيجب أن تستفيد من ذلك، ويجب أن تكون نظرتك للمستقبل مشرقة.

ركز حول دراستك، واسع لأن تكون من المتميزين، وكن من الذين قال فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كمثل الأترجة طعمها طيب وريحها طيب)،

أسأل الله لك التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات