تأخر الكلام عند الطفل وعلاقته بمرض التوحد

0 1040

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم

ابني بعمر عامين، لديه تأخر في الكلام، ينطق مقدار خمس كلمات مفهومة فقط، مع أنه في عمر سنة كان يردد كلاما أكثر، ولكن للأسف امتنع بعد ذلك عن الكلام.

المشكلة الثانية: أنه لا يستجيب لنا في النداء عليه إلا قليلا، ويركز بشدة مع التلفزيون ويتفاعل معه في الحركات والضحك، وعندما يسمع أغنية أو إعلانا وهو في حجرة أخرى يجري إلى التلفزيون، وكذلك يستجيب للهاتف ولجرس الباب ويحب الأطفال ويتفاعل معهم ولكن ليس باستمرار، وبه عادة أنه يحب ترتيب الأشياء ورصها بجوار بعض ثم يقوم بهدمها وترتيبها من جديد، وقد ذهب للحضانة من أسبوع ولكنه دائم البكاء هناك.

أفيدوني أفادكم الله هل عنده أعراض لمرض التوحد؟ وبماذا تنصحونني؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

إن تشخيص مرض التوحد أو ما يسمى بـ (الذواتية) ليس بالتشخيص الذي يجب أن يقوم به أي طبيب دون التأكد القاطع من أن الطفل بالفعل يعاني من هذه الحالة؛ لأنه حقيقة من التشخيصات الطبية التي تترتب عليها الكثير من الأشياء في حياة الأسرة وفي حياة الطفل.

التشخيص يتطلب جهدا من الطبيب في بعض الحالات، خاصة الحالات التي قد تحمل بعض السمات ولا تحمل سمات أخرى من هذه المتلازمة.

أعتقد هذه المقدمة مهمة جدا، وتصحيح المفاهيم حول المرض نفسه وعدم حقيقة التهاون وكذلك عدم الاستعجال في تشخيصه هي مبادئ جيدة ورصينة.

أنا بالطبع أيها الفاضل الكريم أجد لك العذر في تخوفك أن ابنك قد يكون مصابا بهذه الحالة، وذلك لأن الذعر والمخاوف أصابت الناس من مرض التوحد نسبة للحديث الذي كثر عنه في الآونة أو السنوات الأخيرة.

أنا من وجهة نظري أرى أن ابنك ليس لديه أي مؤشرات قوية على أنه يعاني من التوحد، وذلك بناء على ما يأتي: أن الابن قد نطق ببعض الكلمات، وهذا حقيقة لا نشاهده في أطفال التوحد، وحتى الطفل الذي لم ينطق في السنين الأولى لا نكون منزعجين كثيرا، ولكن إذا استمر هذا خلال الأربع سنوات الأولى من عمره بالطبع يعتبر هذا مؤشرا مهما، والطفل إذا لم تبدأ لديه اللغة بعد عمر خمس سنوات من عمره من المؤكد أن اللغة لن تتطور عنده بعد ذلك إلا بجهد وصعوبات تأهيلية وعلمية كبيرة، وهذا بالطبع يعني الجهد العلاجي وكذلك الجهد وتفاني الأسرة من أجل تقديم المساعدة للابن أو البنت.

عموما ما دام هذا الابن - حفظه الله تعالى - قد نطق ببعض الكلمات وإن كان قد فقدها الآن، هذا ربما يكون فقط ناتج من نوع من النكوص أو الرجوع إلى حالة التطورية الأولى، وليس أبدا دليلا على وجود سمة من سمات التوحد أو ما يعرف بالذواتية.

الابن حفظه الله يتفاعل مع النداء، وإن كان بصورة محدودة، ولكنه يشاهد التلفزيون ويتفاعل معه، ويتحرك وكذلك يبحث عن التلفزيون وعن مصدر الهاتف وجرس الباب، وهكذا. هذه حقيقة تفاعلات اجتماعية لا نجدها مطلقا في طفل التوحد.

إذن أخي الكريم! هذا الابن وبما أنه أيضا يحب الأطفال ويتفاعل معهم أنا أستطيع أن أقول لك وأنا على درجة عالية جدا من اليقين أن ابنك بفضل الله تعالى لا يعاني من متلازمة التوحد.

بالنسبة لما يمكن أن نسميه بالطقوسية أو الترتيبية - أعرف أنها سمة من سمات التوحد ولكنها ليست كافية - هذا الابن كما ذكرت يقوم برص الأشياء بجوار بعضها البعض ثم يقوم بهدمها وترتيبها. هذه ليست الطقوسية التي نشاهدها لدى أطفال التوحد، طفل التوحد مثلا قد يدور حول نفسه بصورة روتينية وفيها الكثير من الرتابة، ولكن بما أن هذا الطفل يقوم برص الأشياء ثم يهدمها ثم يرتبها مرة أخرى، هذا النوع من السلوك لا يتطابق مع ما نشاهده في التوحد، وهذا شيء بالطبع مشجع.

بالنسبة لبكائه الدائم، هذا يكون نوعا من الاحتجاج لأن محيط الروضة بالنسبة له يمثل بيئة جديدة وتجربة جديدة، ولا شك أنه قد أصيب بما نسميه بقلق الفراق؛ لأنه افتقد أمان البيت، وهذه مرحلة طبيعية جدا، أرجو أن لا تكون سببا في أن لا يذهب الطفل إلى الروضة، بل على العكس تماما يجب أن يكون هناك إصرار لأنه سوف يستفيد جدا من الروضة في تطوير لغته ومهاراته كطفل.

هذا هو الذي أود أن أقوله لك، وأسأل الله تعالى له العافية والتوفيق لكم جميعا، وبارك الله فيك وجزاك الله خيرا، ونشكرك على تواصلك مع إسلام ويب.

مواد ذات صلة

الاستشارات