السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
عندما أتذكر أي موقف محزن في الماضي أتأثر كثيرا، حتى إنني أبكي دون إرادتي، حتى لو كنت تخلصت من أسلوبي في حل هذه المشكلات، وقد عاهدت الله أنني أسامح كل من أخطأ في حقي، إلا أنني أتأثر كثيرا لرؤية من تسبب في إيذائي، لدرجة أنني أرتبك وقد أتلعثم، فأرجو أن تفيدوني، وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ هناء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فلا شك أن الحزن هو أحد العواطف السالبة، والحزن كثيرا ما يكون مربوطا بأحداث حدثت في الماضي، أما الخوف فيكون دائما مرتبطا بأحداث حدثت في الوقت الحاضر أو لها علاقة بالمستقبل، فأنت تحدث لك هذه العاطفة السالبة وكان من المفترض أن تتخطي هذا الوجدان السلبي ببناء أفكار جديدة؛ لأن كل أحداث الماضي من الناحية النفسية والسلوكية ينظر إليها كتجارب، والتجارب يجب ألا نقيسها بمقاييس الفشل أو النجاح، إنما نقيسها بمقاييس الخبرة ونضعها في بنك معلومات الخبرة للاستزادة وللاستفادة والاستنباط منها لتطوير الحاضر وتطوير المستقبل.
فأنصحك أن تعيدي تقييم هذه الأحزان، وألا تنظري إلى الوراء كثيرا، لا تنظري إلى الأمور بسوداوية، ولا تنظري إليها بمقياس الفشل والنجاح كما ذكرت لك، انظري إليها بمقياس أنها تجارب.
والعهد الذي قطعته على نفسك بأن يكون منهجك هو التسامح والإحسان في مواجهة أخطاء الآخرين هذا مبدأ عظيم ومبدأ إسلامي أصيل، وأنت إن شاء الله مأجورة في ذلك بفضل الله، وما يحدث لك من ارتباك حين رؤية من تسبب إلحاق الأذى بك في الماضي فيه شيء من الخوف الاجتماعي، والخوف الاجتماعي أيضا هو تجربة وجدانية سالبة، وهذا الشعور السالب نتخطاه دائما بأن نفهم أنه سالب، ويجب أن يعامل بالتجاهل وبالاحتقار، هذا من الناحية النفسية المعرفية.
فيجب أن تعيدي النظر أيضا في هذه العواطف التي تحدث لك وهذا التعلثم والارتباك وتخاطبي نفسك: لماذا أتلعثم؟ لماذا أرتبك؟ الأمر قد انتهى، وحتى إن كان هذا الشخص يتسبب في إلحاق الأذى بي في الوقت الحاضر أيضا سوف أكون متسامحة وسوف أقابل الخطأ بالتسامح وطلب الأجر من عند الله تعالى.
هناك أيضا مبدأ نسميه بمبدأ تذكر الإيجابيات، فانظري إلى حياتك بإيجابية، انظري إلى الأحداث السعيدة والجميلة التي حدثت لك في الماضي، وحين تأتيك أي خاطرة محزنة حاولي أن تتذكري أيضا حدثا سعيدا حدث لك في الماضي، والحدث السعيد يجب أن يعادل الحدث المحزن وحتى يتفوق عليه؛ لأن الخير دائما أقوى من الشر، وبنفس المفهوم والمبدأ حين تواجهين شخصا قام بإيذائك في الماضي تذكرين من عاملوك المعاملة الطيبة، تذكري الخيرين، تذكرين صديقاتك وزميلاتك اللائي لم يخطئن في حقك أبدا.
إذن القصد هو استبدال كل هذه المشاعر السلبية بمشاعر إيجابية مخالفة لها، وأيضا لا تجعلي هذه الأفكار تعيق حياتك أبدا، وجهي حياتك التوجيه الصحيح، اجعلي لها معنى، مارسي نشاطاتك اليومية بكل اقتدار وتركيز واستثمار لوقتك.
هذه المخاوف القلقية نقول لك: أيضا الأدوية المضادة للمخاوف تساعد في زوالها إن شاء الله، لذا سأصف لك عقارا يعرف تجاريا باسم (زولفت Zoloft) أو يسمى باسم (لسترال Lustral)، ويسمى علميا باسم (سيرترالين Sertraline)، أرجو أن تتناوليه بجرعة حبة واحدة (خمسين مليجراما) ليلا لمدة ثلاثة أشهر، ثم بعد ذلك خفضي الجرعة إلى حبة واحدة كل ليلتين لمدة شهر، ثم توقفي عن تناول الدواء.
الدواء من الأدوية السليمة وغير إدماني وليس له أي تأثير على الأعضاء الرئيسة في الجسم أو على الهرمونات الأنثوية، فاتبعي الإرشادات السلوكية المعرفية السابقة، وتناولي هذا الدواء الذي وصفته لك، وانظري إلى المستقبل بأمل ورجاء، وإن شاء الله سوف يزول كل الذي بك.
وختاما: نشكرك على ثقتك في موقع إسلام ويب وفي استشاراته.
وبالله التوفيق.