السؤال
أعاني من عدم الاهتمام أو الإنصات عند التحدث مع الآخرين، وأشعر أنهم لا يحبوني، فأضطر للسكوت حتى لو كان عندي ما أتحدث به، ودائما أجد نفسي صامتة حزينة، وأبكي إذا رأيت من الناس من يتحدث ويسعد من يستمع له، كيف له هذا القدر؟ أريد أن أكون مثله لكن كيف؟! فأنا مملة في حديثي، ودائما أكون مع صديقاتي صامتة حتى أنهم ينسون وجودي، كل من تصاحبني تذهب لغيري وتتركني، لذلك لم أعد أحب الصداقات، وأتمنى البقاء في عالم ليس به أحد من الناس.
ساعدوني فكلما ذهبت إلى المدرسة يزداد انطوائي وبكائي، فكأني إنسانة حكم عليها بالصمت مدى الحياة!
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ بندري حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإن هذه المشكلة قد تكون ناتجة من أن شخصيتك تحمل سمات الشخصية الانطوائية، أو أنك تعانين من اكتئاب نفسي متوسط الدرجة؛ لأن الاكتئاب النفسي كثيرا ما يأتي في صورة الميل للانعزال وفقدان الثقة بالنفس، والشعور بالذنب حيال الآخرين، وعدم تقدير الذات بصورة صحيحة.
وأنصحك أولا بأن لا تفكري سلبيا في نفسك، حاولي أن تعيدي تقدير وتقييم نفسك بصورة إيجابية، انظري إلى الأشياء الطيبة في حياتك، والصفات والسمات الجيدة التي تتميزين بها، لا تتذكري فقط السلبيات عن نفسك، وتركزي على الإيجابيات حول الآخرين، أنت أيضا لك إيجابيات لكنك لم تستشعريها، وعدم استشعارك أو ملاحظتك لها جعلك تحسين بهذا الشعور الانهزامي.
إذن تقييم الذات مهم وضروري جدا، ولا تحتقري نفسك، خاطبي نفسك: (أنا لا أقل عن الآخرين، أنا أيضا لي مقدراتي، فقط انطباعي سلبي عن نفسي، وهذا هو الذي جعلني أكون منسحبة ومبتعدة وأعتقد أن الآخرين لا يكنون لي أي نوع من الحب، يجب أن أصحح مفاهيمي، فمفهومي الحالي خاطئ)، قولي لنفسك هذا، وهذه هي حقيقة الأمر، وهذا من الأساليب الضرورية لإعادة تقييم الذات.
ثم بعد ذلك حاولي أن تطلعي على مواضيع معينة، اقرئي شيئا في الأدب، شيئا في الدين والسيرة، قصة جميلة من قصص الصحابيات، شيئا ورد في الأخبار، أو أي نوع من الدعابة والتسلية، بعد ذلك افتحي هذه المواضيع حين تقابلين زميلاتك وصديقاتك، أي يجب أن تكون لك مساهمة معدة إعدادا جيدا قبل أن تأتي لمقابلة الناس، فهذا يطور من مهاراتك الاجتماعية ومهاراتك الخطابية.
شيء آخر مهم وهو حين تتحدثين إلى زميلاتك انظري في وجوههن، وتذكري دائما أن تبسمك في وجهك أختك هو صدقة، وكذلك مع معلمتك في المدرسة، فهذا أمر طيب يجعلك إن شاء الله محببة في نظر الآخرين.
وأنصحك أيضا أن تنضمي إلى الجمعيات والنشاطات الطلابية؛ لأن هذه النشاطات الطلابية هي فرصة عظيمة للإنسان لأن يتواصل مع الآخرين ولأن يطور مهاراته، وهناك أيضا الجمعيات الثقافية، والجمعيات التي تهتم بالسيرة، والجمعيات الرياضية في داخل المدارس، كل هذا شيء جيد، وهي طريقة لصقل مقدراتك وبناء مهارات جديدة تحسن من قدرتك على التواصل.
هناك علاج نسميه بالعلاج السلوكي في الخيال، أريدك أن تجلسي في المنزل وتخصصي نصف ساعة في اليوم، خلال هذا الوقت تخيلي أنك في وسط زميلاتك أو صديقاتك، تخيلي أنك في رحلة معهن، والرحلة تتطلب المشاركة: المشاركة في تجهيز المخيم، المشاركة في تجهيز الطعام، حين يأتي وقت الصلاة يصلي الناس مع بعضهم البعض.. عيشي هذه الرحلة في الخيال، وركزي أن تكون مساهماتك إيجابية، وفي اليوم الثاني تخيلي وضعا آخر، تخيلي أنك في دارسة جماعية مع بعض صديقاتك، وكان من الملفت أنك قد حضرت أحد المواضيع تحضيرا جيدا واستطعت أن تجيبي على كل الأسئلة التي طرحت في هذا النقاش والدراسة الجماعية، موضوع آخر ثالث ... وهكذا.
عيشي هذه الخيالات السلوكية وبعد ذلك حاولي أن تنقليها لأرض الواقع، هذه علاجات نفسية معروفة ومفيدة إذا طبقت بالصورة الصحيحة.
أنت لم توضحي عمرك، ولكني أعتقد أنك صغيرة في السن، والأدوية لها دور في علاج مثل حالتك لتحسين المزاج ولتحسين الأداء النفسي والمعرفي، وإذا كان عمرك فوق الخمسة عشر سنة فهناك عقار يعرف علميا باسم (فلوكستين Fluoxetine)، ويسمى تجاريا باسم (بروزاك Prozac)، أريدك أن تتناوليه بجرعة كبسولة واحدة ليلا بعد الأكل لمدة ثلاثة أشهر، ثم بعد ذلك خفضي الجرعة إلى كبسولة واحدة كل يومين لمدة شهرين، ثم توقفي عن تناول الدواء، وأما إذا كان عمرك أقل من خمسة عشر عاما فلا داعي لاستعمال الأدوية.
الدواء من الأدوية السليمة والفعالة وهو محسن للمزاج ويزيل التردد وإن شاء الله يعطيك دافعية ويؤدي إلى نوع من الاستنفار النفسي والجسدي الإيجابي.
هذا هو الذي أود أن أقوله لك، نسأل الله لك الشفاء والعافية، وأرجو أن تضعي بعض الأهداف المستقبلية، انظري إلى مستقبلك بأمل ورجاء، وضعي هدفا وبعد ذلك اختاري الآليات المعقولة التي سوف توصلك إلى هذا الهدف، وختاما نشكرك على تواصلك مع موقعك إسلام ويب.
وبالله التوفيق.