تمارين الاسترخاء وارتباطها بالعلاج من القلق والاكتئاب

0 729

السؤال

السلام عليكم

قرأت عن العلاج المعرفي السلوكي وتمارين الاسترخاء في العلاج، فهل من الممكن معرفة ما تتضمنه هذه الطرق؟ وكيف تساعد في معالجة حالات القلق والخوف والاكتئاب؟ وهل يمكن الاكتفاء بها دون الحاجة إلى استخدام الدواء؟ ومن الدكتور - الذي تفضله - المؤلف لهذه الكتب لاقتنائها؟!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ رواء الإسلام حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فإن العلاج المعرفي السلوكي يقوم على أساس أن اضطرابات السلوك أيا كان نوعها هي مكتسبة ومتعلمة، ونقصد هنا بالسلوك ما قد يسلكه الإنسان من منهج في تصرفاته يكون غير متوافق مع ذاته أو مع مجتمعه، ولا نعني هنا بالطبع بالسلوك المنحرف، نعني الحالات النفسية كالوساوس القهرية وكالمخاوف وكالغضب الزائد والتأثر الشديد والسريع للانفعالات البسيطة.

وكلمة معرفي تعني فكري، وسلوكي تحمل أيضا الجانب الفكري ولكنها في نفس الوقت تحمل الجانب الآلي أو الميكانيكي في الأمر، وكان علماء النفس في بداية الأمر يعتمدون على العلاج السلوكي فقط، وهذا قائم على نظرية العالم الروسي (بافلوف Pavlov): يعرف أنه أتى بالكلاب وقدم لها الطعام دون أن يسمح لها بتناول الطعام، وشاهد ولاحظ أن اللعاب يسيل من فم الكلاب مع رؤية الطعام، وبعد ذلك بدأ يضرب الجرس مع تقديم الطعام، وكان يصحب ضرب الجرس ووجود الطعام أيضا أن يسيل اللعاب من فم الكلاب، وبعد فترة سحب الطعام وبدأ يضرب الجرس فقط، وهنا أيضا سال لعاب الكلاب لضرب الجرس فقط دون وجود الطعام.

إذن هناك رباط واضح سماه بـ(الارتباط الشرطي)، وبعد فترة استمر في ضرب الجرس دون وجود الطعام فتوقف سيل اللعاب من فم الكلاب.

هذه هي الفكرة الأساسية التي بني عليها العلاج السلوكي، وبعد ذلك تم تعديل هذه النظرية من علماء آخرين مثل وارسن Wrasn وعالم آخر يعرف (آرون بك Aaron beck)، والذي رأى أن الفكر المعرفي للإنسان هو الذي يحدد سلوكه، فالتفكير السلبي يؤدي إلى الاكتئاب، والتفكير التشاؤمي كذلك يؤدي إلى الاكتئاب..وهكذا، ومن ثم قامت نظريات العلاج المعرفي السلوكي، والذي تقوم على أن تعديل السلوك يقوم على التعريض مع منع الاستجابة، بمعنى أن يعرض الإنسان نفسه لمصدر قلقه أو خوفه أو وساوسه دون أن يستجيب استجابة سلبية.

وهناك عدة أصناف وأنواع وفنون للعلاج السلوكي المعرفي، وهو يتطلب التكرار، ويتطلب التركيز، ويتطلب الاقتناع التام بأنه مجدي، ومن أفضل العلاج المعرفي السلوكي هو الذي يكون تحت مراقبة وتعليمات واسترشاد المعالج النفسي، والأخصائيين النفسيين فيهم من هو مختص في العلاج المعرفي السلوكي ومجيد له.

أغلب الحالات التي تستجيب للعلاج المعرفي السلوكي هو: الاكتئاب النفسي والقلق النفسي والوساوس القهرية والرهاب وكذلك المخاوف.

وتمارين الاسترخاء أيضا تعتبر نوعا من العلاج السلوكي لدرجة كبيرة؛ حيث إن التوترات النفسية الداخلية تؤدي إلى انقباضات عضلية، والاسترخاء لا شك أنه ضد الانقباض، فأنت حين تدخل استشعارا مخالفا لما هو موجود إذن هنا تكون قد غيرت الحالة والمشاعر وكذلك السلوك.

هذه الطرق تتضمن وسائل كثيرة، تبدأ بتحليل المشكلة النفسية – وهذا يسمى بالتحليل السلوكي– بعد ذلك يتبعه التدرج في المواجهة للسلوك الذي يود المعالج أن يعالجه، وتكون هذه المواجهة بالتدريج، يبدأ بأقل الأفعال السلوكية تأثيرا على الإنسان، ثم بعد ذلك ينتقل المعالج إلى الأقوى ثم الأشد فالأشد..وهكذا.

تمارين السلوك المعرفي تعتمد أيضا على التحليل النفسي الداخلي، بأن يحاول الإنسان أن يقنع نفسه بأفكار مخالفة لما يتضمنه سلوكه الغير سوي، وهذا يسمى بتعديل السلوك.

أما تمارين الاسترخاء فلها عدة أنواع، من أبسطها طريقة تعرف بطريقة ( جاكبسون Roman jackobson) وهي تقوم على تمارين التنفس التدريجي، وتقوم أيضا على شد وقبض العضلات ثم استرخائها تدريجيا، وعلى الشخص الذي يريد أن يمارس الاسترخاء بصورة صحيحة أن يسترشد بأحد المعالجين النفسيين، علما بأنه أيضا توجد كتيبات وأشرطة ووسائط تعليمية جيدة جدا للتدريب على الاسترخاء، ولكن لا شك أن التعليم المباشر من شخص متدرب وملم يعتبر هو الأفضل.

وأما كيف تساعد في علاج القلق والخوف والاكتئاب فحين يفهم الإنسان القلق على أنه قلق، وأن القلق فيه قلق حميد ومطلوب وفيه قلق سيئ، هذا تغيير معرفي، ومعظم مرضى القلق تكون لهم تأويلات أخرى، فهنالك من يعتقد أن لديه أمراض عضوية كأمراض القلب أو أمراض القولون وهكذا، فأنت حين تصحح مفاهيم الإنسان تساعده، وبعد ذلك تدربه على تمارين الاسترخاء، وكيف يواجه القلق وكيف يتخلص منه، ونفس الشيء بالنسبة للخوف، أن تعرض الإنسان لمصدر خوفه وتمنعه الهروب من الموقف، ويكون التعريض هنا في الخيال، وبعد ذلك ينتقل إلى الواقع.

أما بالنسبة للاكتئاب النفسي فيعرف أن الذي يعاني من الاكتئاب ينظر إلى ماضيه بكل حزن وفقدان للأمل، وينظر للمستقبل بيأس، وينظر على أن الحاضر لا فائدة فيه، فمن خلال المعالجات النفسية السلوكية يستطيع المعالج أن يضع خيارات أمام المريض تساعده على استبدال الفكر السلبي بفكر إيجابي، فعلى سبيل المثال: حين يفكر في المرض، نعم المرض موجود ولكن أيضا الصحة موجودة، وهكذا.

هذه العلاجات لا شك أنها علاجات ممتازة وتساعد الكثير من الناس، ويمكن الاكتفاء بها دون الحاجة للأدوية في بعض الحالات، ولكن في معظم الحالات العلاج الأكثر جدوى هو العلاج المشتمل على العلاج المعرفي السلوكي والاسترخائي وتناول الدواء، وحتى هناك علاج نسميه بالعلاج الاجتماعي، بمعنى أن يصحح الإنسان مساراته الاجتماعية، وهنالك علاج نسميه بالعلاج التأهيلي -مهم جدا- وهو العلاج بالعمل والتواصل الاجتماعي، وهنالك العلاج بممارسة الرياضة، فالأفضل والأجود هو أن تكون الرزمة العلاجية متكاملة.

من الكتب الجيدة جدا والممتازة التي يمكنك اقتنائها كتاب يسمى (العلاج النفسي السلوكي) للدكتور عبد الستار إبراهيم، وهو من الكتب البسيطة والجميلة جدا، وسهلة القراءة والفهم، ونشكرك على تواصلك مع موقعك إسلام ويب، ومرحبا بك، ونسأل الله أن ينفعك وجميع المسلمين بما يقدمه هذا الموقع.

وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات