السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
كنت متفوقة في دراستي في صغري، ودائما كنت أحصل على أعلى النقاط وأحتل المرتبة الأولى بدون منازع في أي مستوى أدرس به من الابتدائي حتى الإعدادي، وجميع أساتذتي آنذاك وكل من يعرفني كان ينبهر لنبوغي ويتنبأ لي بمستقبل علمي زاهر.
لكن ونظرا لظروف عدة مررت بها، أصبت بتعثرات في دراستي وخاصة عندما وصلت إلى المرحلة الثانوية وختم الأمر للأسف بفصلي من الدراسة (من الباكالوريا)، ومر على ذلك الآن حوالي خمس سنوات ومع ذلك ما زلت مصرة على إكمال تعليمي، وكل عام خلال هذه الخمس سنوات كنت أتقدم لاجتياز امتحان الباكالوريا (تعليم حر)، إلا أن الحظ لا يحالفني، وأعزي السبب ربما إلى كوني مصابة بالعين أو ما شابهه أو ربما إلى ضيق وقتي، حيث إني كنت أعمل إلى جانب التحضير للامتحان في كل مرة فلا أستطيع التوفيق والاستعداد جيدا.
وهذه السنة أيضا سأتقدم إن شاء الله لاجتياز هذا الامتحان خلال بداية شهر يونيو أي على بعد شهرين تقريبا من الآن، لكن المشكلة أني ما زلت أعمل ولم أحضر بعد أي شيء، وأنا في حيرة هل أغادر العمل (مع العلم أنه وفي كل الأحوال عمل مؤقت) وأتفرغ تماما للتحضير فيما تبقى من وقت خاصة وأن حلم حياتي هو إكمال دراساتي العليا والتفوق فيها والتي آمل إن شاء الله تعالى أن تفتح لي آفاقا جديدة، وكما لا يخفى عليكم ما للعلم من قيمة دينية ودنيوية، قال صلى الله عليه وسلم: (طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة)، وقال أيضا عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام: (من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة)، فما الذي يجب علي فعله؟ وما هي السبل والخطوات العملية التي سأسلكها للتغلب على هذا المشكل ومن ثم النجاح واستعادة تفوقي السابق في دراستي؟
ولكم جزيل الثواب.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فاطمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله - العلي الأعلى - بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يشرح صدرك للذي هو خير، وأن يفتح عليك بفتوح العارفين بحكمته، وأن يجعل لك من لدنه وليا ونصيرا، وأن يوفقك في هذا العام لاجتياز هذا الامتحان بتفوق، وأن يجعلك من المسلمات الصالحات القانتات اللواتي يحملن راية الإسلام ويرفعن الذل عن أمة المسلمين.
وبخصوص ما ورد برسالتك، فما دام لديك هذا الطموح وتلك الرغبة وهذه الهمة العالية، فأنصحك أن تأخذي بأسباب التميز والتفوق. كونك دخلت اختبار البكالوريا أكثر من مرة ولم توفقي - وذلك كما ذكرت أنت – بسبب ضعف التحضير للامتحانات في كل مرة، حيث إنك تواصلين العمل إلى آخر لحظة، وبالتالي لا تعطين نفسك الفرصة الكافية للتحضير الجيد والاعتداد الجاد للامتحانات، وأنا حقيقة أهيب بك استغلال هذه الرغبة التي أكرمك الله بها وتوظيفها بطريقة جيدة في تحقيق أكبر قدر ممكن من التميز في هذا العام بإذن الله، والله جل جلاله كما لا يخفى عليك لا يضيع عمل عامل، حتى وإن كان هذا العامل غير مسلم، فإن الله وعد ألا يضيع عمل عامل من ذكر أو أنثى خاصة إذا كان مؤمنا.
ومن هنا استعيني بالله تعالى وتوكلي على الله، واجتهدي في تحقيق هذا الطموح؛ لأنه كما ذكرت فإن المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وإن كان في كل خير، كما أخبر النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم، ولكن حتى تعانين على تحقيق هذه الرغبة أتمنى بداية أن تقومي بعمل رقية شرعية لنفسك إن استطعت إلى ذلك سبيلا، الرقية الشرعية ليست شيئا خاصا ولا سر مهنة – كما يقولون – وإنما هي أمر بمقدور كل أحد أن يستعمله، لأنها عبارة عن كلام الله تعالى وكلام النبي محمد عليه الصلاة والسلام.
فأوصيك في المقام الأول بعمل الرقية الشرعية لنفسك خاصة إن استطعت إلى ذلك سبيلا، وهذا إن شاء الله سهل ومقدور عليه، فقطعا لديكم مكتبات إسلامية فيها الكتيبات التي تتكلم عن آيات الرقية وأحاديث الرقية وكيفية الرقية، وكذلك أيضا هناك أشرطة إسلامية مسجلة لكثير من القراء المعالجين فيها إن شاء الله ما تحتاجين إليه، وأتمنى أن تبدئي هذا الأمر بنفسك بإذن الله علاج نفسك أولا بالرقية الشرعية قد تكوني مصابة بالعين أو ما شابه ذلك – كما ذكرت – وهذا لا يستبعد أبدا، بل إنه نتيجة توقفك الدراسي أنت عرضة حقيقة لهذا أكثر من أي شخص آخر، فأتمنى أن تأخذي في هذا الجانب عاجلا غير آجل.
الأمر الثاني: أتمنى أن تتوقفي عن العمل نهائيا خاصة وأنه عمل مؤقت، توقفي عنه وفرغي وقتك المتبقي للاختبار؛ لأن الله قال: ((ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه))[الأحزاب:4]، فأنت الآن مشغولة بالعمل، وعادة ما ترجعين إلى البيت وأنت في حالة من الإعياء والضعف، الذي بالتالي يترتب عليه عدم رغبتك الجادة في المذاكرة أو حتى إن كانت لديك رغبة فليست لديك القدرة الذهنية على التركيز.
فأرى أن تتوقفي عن العمل حتى تعطي نفسك الفرصة الكافية للقراءة والمذاكرة والتركيز، حتى يتحقق لك ما تريدين - بإذن الله تعالى -.
ثالثا: أنصحك بالدعاء لنفسك أن يفتح الله عليك؛ لأن الدعاء كما تعلمين عامل من عوامل التغيير الكبرى، حيث إن به يمكن تغيير الواقع كله، وتغيير الدنيا كلها بالدعاء، كما حدث ذلك في عهد نوح عليه السلام وغيره من الأنبياء والمرسلين.
فتضرعي إلى الله بشدة وإلحاح وبكاء، واعلمي أن الله تبارك وتعالى يحب الملحين في الدعاء، واعلمي أنه كما أخبر النبي عليه الصلاة والسلام: (ليس شيء أكرم على الله من الدعاء)، والنبي عليه الصلاة والسلام قال: (لا يرد القضاء إلا الدعاء)، وقال صلوات ربي وسلامه عليه: (إن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل فعليكم عباد الله بالدعاء، فإنه لا يهلك مع الدعاء أحد) إلى غير ذلك من الأحاديث التي تبين لنا فضل الدعاء وخطورة الدعاء وخطر الدعاء وأهمية الدعاء، فأوصيك ونفسي أن تجتهدي قدر استطاعتك، إن استطعت أن تدعي الله تبارك وتعالى ولو في كل ساعة عدة مرات فافعلي، وسلي الله تعالى أن يفتح عليك بفتوح العارفين وأن يوفقك في هذا العام وأن يجعلك من الفائزات المتميزات.
رابعا: أتمنى أن تكثري أيضا من الصلاة على النبي محمد عليه الصلاة والسلام بنية أن يفتح الله عليك وأن يشرح الله صدرك.
خامسا: أن تكثري من الاستغفار أيضا – هذا بجوار المحافظة على الصلوات في أوقاتها والحجاب الشرعي – لأن هذه كلها مسائل بدهية لا نقاش فيها ولا جدال حولها.
وأخيرا أتمنى أن تطلبي من والديك الدعاء لك؛ لأنك كما تعلمين أن النبي - عليه الصلاة والسلام قال: (ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن -وعد منهن- دعوة الوالد لولده)، فاطلبي من الوالد والوالدة الدعاء لك والتركيز عليك بالدعاء، عسى الله أن يفتح عليك فتحا خاصا متميزا ببركة هذا الدعاء ومن ثم توفقين في امتحانك وتحصلين أعلى الدرجات أو على درجات عالية، تتمكنين من خلال هذا التميز أن تدخلي الدراسة التي ترغبينها، لتكوني جندية من جنود الإسلام الذين يرفعون راية الإسلام في مجال العلم والتعليم، نسأل الله لك التوفيق والسداد والهداية والرشاد والفتح المبين، والتميز بين الطلبة والطالبات، إنه جواد كريم.
وبالله التوفيق.