السؤال
ابني عمره عشر سنوات، يقوم بافتعال مشاكل يومية في البيت، ولا يسمع أي نصيحة، فما هي الوسيلة السليمة لتربيته؟!
علما بأنه يخاف أن ينام وحده، وطلباته كثيرة، وينكد على البيت، ونحن في غربة، فانصحوني، وجزاكم الله خيرا.
ابني عمره عشر سنوات، يقوم بافتعال مشاكل يومية في البيت، ولا يسمع أي نصيحة، فما هي الوسيلة السليمة لتربيته؟!
علما بأنه يخاف أن ينام وحده، وطلباته كثيرة، وينكد على البيت، ونحن في غربة، فانصحوني، وجزاكم الله خيرا.
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Ashrafhmm66 حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإن المشاكل لدى الأطفال أو صعوبات المسلك والعناد لا تكون وليدة اللحظة، فهي تبدأ بسيطة وصغيرة ثم بعد ذلك تتسع، وهي حقيقة تمثل نوعا من تراكم الخبرات السلبية، وأسبابها تكون بالطبع إما لشخصية الطفل أو لبيئته أو للمنزل – مع كل التقدير والاحترام – ومعظم الحالات تكون هي نتاج لهذه العوامل، أي تتفاعل مع بعضها البعض، ربما يكون الطفل أصلا لديه شيء من الحساسية في شخصيته، ثم بعد ذلك تأتي البيئة، ونحن كآباء وأمهات كثيرا ما نتساهل أو نخطئ تربويا دون أن نقصد.
الذي أود أن أقوله أن هذه السلبيات هي سلبيات مكتسبة، والشيء المكتسب يمكن أن يفقد، وهنالك أمر آخر لابد أن أركز عليه، وهو أن بعض الآباء والأمهات يفتقدون الصبر في مرحلة معينة؛ وذلك نسبة لضغوطات اجتماعية أو حياتية أو نفسية تحدث لهم، ومن ثم تنعكس سلبا على طريقة تعاملهم مع أبنائهم. فأرجو اعتبار هذا الجانب.
المبادئ العامة للتعامل مع مثل هذا الابن تقوم على أن نركز على محاسنه: فالجميل والطيب والإيجابي في هذا الطفل يجب أن نبني عليه؛ بأن نشجعه وبأن نحفزه وبأن نشعره بقيمته وبوجوده وأنه قد كبر، وأنه يمكن أن يشارك في قرارات الأسرة، والتحفيز دائما يكون بالكلمة الطيبة ويكون بالهدايا المعقولة، وإن كثرت مطالبه يجب ألا يستجاب له إلا بشروط معينة، نحن دائما ندعو إلى طريقة النجوم للأطفال الذين هم أصغر منه، وهي طريقة ممتازة جدا، نطالب الآباء والأمهات بأن يضعوا لوحة فوق سرير الطفل، وإذا قام الطفل بعمل إيجابي فيكافأ بأن يعطى ثلاث نجوم في هذه اللوحة فوق سريره، وإذا قام بأي عمل سلبي تسحب منه النجوم، وبالطبع يشرح للطفل مسبقا أنه سوف يستبدل مجموع النجوم التي سوف يتحصل عليها بهدية مفضلة في نهاية الأسبوع.
من المبادئ العامة أيضا في التعامل مع ابنك هو أن تتجاهل التصرفات السلبية بقدر المستطاع، وهذا يتطلب الصبر، فكل سلوك سلبي منه يتم تجاهله - وهذا هو الأفيد وهذا هو الأفضل - وفي نفس الوقت يحفز ويثاب على كل تصرف إيجابي مهما كان بسيطا ومهما كان صغيرا، ونحفزه بالكلمة الطيبة والابتسامة وباحتضانه..بإعطائه الأشياء المحببة إليه في حدود المعقول، وفي نفس الوقت نتجاهل تصرفه السلبي .. هذه هي أفضل وسيلة لتعديل سلوك الأطفال خاصة في مثل عمر ابنك، فأرجو أن تتجاهل كل السلبيات التي تظهر على ابنك وتعزز الإيجابيات لديه.
ولابد أن لا نكثر من انتقاد الطفل، فأرجو أن تتجاهلوا بعض تصرفاته السلبية، فالتجاهل إذن هو مبدأ علاجي وهو مبدأ سلوكي معروف، ويتم التوبيخ على بعض التصرفات التي نرى أنه يصعب تحملها، وما بين التوبيخ والتجاهل لابد أن يبرز التشجيع، أي عمل بسيط يقوم به الطفل حتى إذا نظف أسنانه يجب أن نشجعه عليه، ويجب أن نحفزه، ونعطيه مهاما داخل المنزل.. هذه هي الطرق والمبادئ الصحيحة.
أيضا يجب أن تبنوا في الطفل القيم الإسلامية النبيلة: الصدق، الأمانة، الرحمة، الرأفة، تقدير الوالدين .. أنا أعرف أنكم تعيشون في مكان قد تكون فيه البيئة غير مشجعة، ولكن بفضل الله تعالى أعرف أنه يوجد الكثير من المسلمين، وهذا يدعو لأن تتواصلوا مع أسر أخرى يكون فيها أطفال في عمر ابنك؛ لأن الطفل يتعلم مع الطفل، والطفل يجد راحته مع الطفل الآخر، فأرجو وأسأل الله تعالى أن يهيئ لكم هذه الوسيلة لأنها وسيلة تربوية جيدة لتغيير السلوك.
أما بالنسبة لخوف الطفل من النوم لوحده، فلا شك أنه قد تعلم وقد اكتسب ذلك، وهنا يمكن أن يشرح له أنك من الأفضل أن يكون لك غرفتك حتى لا يأتي أحد ويستولى عليها، وهكذا يمكن بإقناعه بالتشجيع وبالصبر والمثابرة.
هذا هو الذي أود أن أقوله، ولابد أن أذكرك بأن المنهج التربوي يجب أن يتبع من الوالدين، أي يجب أن يكون هنالك تطابق وانسجام كامل في المنهج التربوي؛ لأنه في بعض الأسر تجد أن الأب يشد والأم تكون عكسه تماما، هذا مبدأ تربوي سيء جدا، فلابد أن يكون هناك انسجام وتوافق بين الوالدين في طريقة التعامل مع الطفل، التشجيع معا، التوبيخ معا، والتجاهل معا؛ لأن الطفل أيضا لديه القدرة بأن يميز ويبني علاقة تقوم على الاستغلالية والانتهازية مع من يتساهل معه من الوالدين، ونحن في ذات الوقت لا ندعو للقسوة ولكن أيضا نخاف جدا من عدم الانسجام التربوي بين الوالدين، نسأل الله تعالى أن يحفظ ولدك، وأن يجعله قرة عين لكم.
وبالله التوفيق.