معالجة عناد الطفل وصراخه

0 665

السؤال

عند بلوغ ابنتي سنتين بدأت في التمرد والصراخ مع ضربي، وتفسيري الغريب أن ابنتي عندما كانت تضربني كانت تحس باللوم وتأتي وتقبلني، أما الآن فهي تزيدني في الضرب ولا ينفع معها إذا رمقتها أو إذا أجلستها بمفردها مع أني أهتم بها كثيرا، فكيف أتعامل معها؟

علما بأن لديها أخا عمره خمسة أشهر وأهتم به أكثر منه، وهي أصبحت لا تطاق، ولا أريد استخدام الضرب معها.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخت الفاضلة/ هند حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن هذه الابنة حفظها الله تحتج وتتمرد على مكاسب قد كسبتها في الماضي وأصبحت الآن تحس بأنها مهددة بصورة مباشرة أو غير مباشرة من أنها سوف تفتقد هذه المكاسب وهذه المنافع التي اكتسبتها، خاصة بعد قدوم أخيها الصغير – حفظه الله – والذي أصبح له وجوده وكينونته، ولا شك أنه يستأثر باهتمامك؛ لأن سنه يتطلب ذلك.

أنت ذكرت أنك أكثر اهتماما بها، وهذا أمر معقول وجيد، ولكن لا شك أن وجود الطفل في حد ذاته يمثل تهديدا لمصالحها، هذه الابنة اكتسبت وضعا معينا كانت هي المتفردة بحبك وحنانك - وكذلك والدها – كانت هي محط الاهتمام ومحط تقديم كل ما هو جميل لها، الآن لم ينزع منها شيئا ولكنها أصبحت مهددة وأصبحت تطالب بالمزيد.

هذا الذي تقوم به من تصرفات واحتجاج على الوضع، هذه هي اللغة الوحيدة الذي يعرفها الطفل ويمتلكها الطفل للتعبير عن مشاعره حين يحس بالتهديد، أرجو ألا تنزعجي مطلقا، فهذا الأمر يحدث ويحدث في معظم الأسر خاصة في مجتمعاتنا.

الذي أقوله لك أن المبادئ السلوكية توضح أن من أهم طرق علاج هذا الوضع هو التحمل من جانبك والتجاهل لتصرف الابنة، هنالك أمر وحيد أود أن أتأكد منه - لأنني شاهدت الكثير من الحالات – وهو أنك لست مصابة بأي نوع من القلق أو عسر المزاج؛ لأن هنالك الكثير من الأمهات يفتقدن القدرة على التحمل، وذلك لأن القدرة على التحمل لتصرفات الطفل تقل كثيرا في حالة إصابة الأم لدرجة ما من الاكتئاب أو القلق أو التوتر، والكثير من الأمهات لا يشعرن بذلك.

أنا لا أريد أن أبعث خوفا فيك، ولكن هذا جانب أرجو أن نراعيه، وأرجو ألا تكوني مصابة بأي نوع من الكدر أو الإحباط، وعموما حتى وإن كان هنالك شيء بسيط من ذلك فأرجو أن تتحملي وأرجو أن تعرفي أن الابنة ليست متمردة وليست متصنعة، ولكنها تريد أن تستأثر بكل حبك وودك، وهذا وضع طبيعي للأطفال.

فإذن أنصحك بتجاهل تصرفاتها، دعيها تصرخ، دعيها تضربك، دعيها تقوم بما تقوم به، وأنت تكوني – لا أقول لك متبلدة المشاعر – ولكن منصرفة تماما ولا تعيري ذلك اهتماما.

ويجب أن تقومي أيضا بتشجيعها وتقديم اللعب المناسبة لها، وأن تلاعبيها ليس في وقت احتجاجها، ولكن في الوقت الذي لا تبدي فيه الاحتجاج، أما في وقت الاحتجاج فيجب ألا تكافئ سلوكها، كافئيها بتعزيز سلبي وهو ألا تكافئي السلوك، بل تعاقبي هذا السلوك بالتجاهل، وفي علم النفس التجاهل يعتبر نوعا من العقاب الإيجابي. لا تضربيها أبدا؛ لأن الضرب يمثل إهانة، الضرب حين الغضب ليس جيدا أبدا.

الأمر الآخر هو أن تجعليها تتقرب أكثر من أخيها، كلفيها مثلا بأن تحضر له البزازة، بأن تساهم في نظافته، وهكذا. هذا يقلل من شعورها بالتهديد.

اجعلي أيضا والدها يعاملها بنفس النمط؛ لأن هذا ضروري جدا، فحين تتصرف تصرفا سلبيا يتم تجاهلها من كل الأطراف، منك ومن والدها.

التصرف السلبي يختفي لدى الأطفال، إلا إذا شجعنا هذا السلوك بتدخلاتنا وباحتجاجنا وبمحاولتنا التصدي للطفل بصورة عنيفة، هذا ليس أمرا جيدا وهذا ما وددت أن أنبه إليه أيتها الفاضلة الكريمة.

أرجو أن تتيحي لها فرصة اللعب مع بقية الأطفال، فهذا إن شاء الله يجعل انتباهها يصرف إلى ما هو إيجابي.

إذن الأمر بسيط وأتمنى لو تحصلين على بعض الكتيبات التي توجد في المكتبات توضح كيفية التعامل والتربية مع أطفالنا، منها كتاب جيد للأخ الدكتور (مأمون مبيض) بعنوان (أبناؤنا من الطفولة إلى الشباب)، هذا الكتاب فيه دراسات نفسية تحليلية سلوكية جيدة، فأرجو محاولة الحصول عليه وهو متوفر في المكتبات الكبيرة، وهناك مؤلفات أخرى كثيرة، وعموما الأسس التربوية السلوكية هي التي ذكرتها لك، وهذه الأمور إن شاء الله دائما تكون نتائجها إيجابية وجيدة، وختاما نشكرك على تواصلك مع إسلام ويب.
وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات