السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
لي زوجة سيئة في جميع التعامل، ضد رغبتي ولا تطيع أوامري، وتخرج عن طاعتي، ودائما تندب حظها، وتعدد مساوئي، ودائمة التشكي، نقار وتضجر، دائمة النقد والانتقاد لي، مبذرة، مسرفة، همها المظاهر والبذخ والتفاخر، مهملة لبيتها ولي ولأولادها، دائمة الغضب من شيء مجهول، بائسة، مقطبة بلا سبب معروف، ألفاظها جارحة، لا ترى حسناتي بل تدفنها وتظهر السيئات، جلفة، مملوءة بالأنانية، دائما عابسة، فتجرح في المواضع الحساسة، عنيدة، ونبرتها حادة في صوتها، مكدة مستكبرة.
وأخيرا خرجت من بيتي دون علمي ودون محرم تجوب شوارع الحي خلف سيارات الليموزين، وهي عند أهلها منذ خمسة أشهر، وبيننا أربعة أطفال، وهذه حياتنا طوال سبع سنوات من زواجنا.
والحمد لله.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله العلي الأعلى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يفرج كربتك، وأن يقضي حاجتك، وأن يصلح لك زوجك، وأن يهديها صراطه المستقيم، وأن يجمع بينكما على خير، وأن يعينكما على تربية أبنائكما تربية طيبة مباركة.
وبخصوص ما ورد برسالتك، فإن امرأة بهذه الصفات تعتبر مزعجة غاية الإزعاج، وتعتبر داء من الأدواء القاتلة؛ لأن المرأة السيئة في جميع المعاملات وفي جميع الصفات امرأة تؤخر ولا تقدم، وامرأة تمحق بها البركة من البيت، وتجعل الحياة قصيرة، وتجعل الحزن دائما يعشش في داخل البيت، وتجعل السعادة تفارق البيت كله، وتجعل أولادها ينشئون ضحايا لهذه السلوكيات الخاطئة فتضيف إلى رصيد التعساء تعساء جدد، وكان الله في عونك إذا كانت هذه الصفات حقيقية، فأنت تستحق بدل طبيعة حياة، ليس بدل طبيعة عمل وليس طبيعة زوجة؛ لأن حياتك معها فعلا مع هذه الصورة إذا كانت صادقة تعتبر جحيما لا يطاق، ونسأل الله أن يشد من أزرك وأن يقويك وأن يجعل لك من لدنه وليا ونصيرا.
وهذه الصفات التي ذكرتها صفات خطيرة حقا، والمشكلة الكبرى أنه من الصعب أن أقول لك تخلص منها؛ لأن لديك أربعة أطفال، وهي مع ما فيها من سوء ستكون أحرص الناس عليهم، وأرحم الناس بهم وأعطف الناس بهم، رغم ما فيها من سوء، لأنك لو تزوجت امرأة من صالح المؤمنين قد يصعب عليها أن تعامل أبناءك برفق، وتلك طبيعة النساء وتلك طبيعة الحياة، فكل امرأة تنظر إلى أبناء ضرتها على أنهم من أعدائها، وقلما تحسن إليهم وقلما تتقي الله فيهم، وأنت ستحمل همهم ليلا ونهارا، لأنها قد تظهر أمامك حسن المعاملة ولكن من وراءك لا تجيد معاملتهم، فيظل تفكيرك مشغولا بأبنائك، أما مع أمهم رغم ما فيها من سوء أنت تعلم أنها أمهم، ويصعب أن نقبل أي كلام من أنها تعتدي عليهم أو تهضم حقهم أبدا، حتى إن ضربتهم فهي تضربهم ضرب الأم لابنها مع الرأفة والرحمة؛ لأن هذه طبيعة الأمومة، وهذه العاطفة التي أودعها الله تبارك وتعالى في قلوب الأمهات عن الأبناء.
وبما أنها في بيت أهلها منذ خمسة أشهر، أرى أن تستغل هذه الفرصة، لا تعد إلى بيتك إلا بشروط جديدة، هذه السلبيات كلها التي ذكرتها تجمعها، ثم بعد ذلك لا تأتي بها وحدها، وإنما تلتقي بأهلها، ولا مانع من الاستعانة ببعض العقلاء من أهلها وأهلك، وتوضع هذه الأشياء على مائدة المفاوضات ويوضع لها حد، فإذا كان عندها استعداد أن تتخلى عن تلك التصرفات المزعجة والعادات السيئة فحبا وكرامة وتعطى فرصة أخرى للعودة إلى بيتها.
أما إذا لم يكن لديها استعداد مطلقا للتنازل عن هذه الصفات أو بعضها، فأرى أن تتركها في بيت أهلها ويعوضك الله خيرا؛ لأنه أحيانا قد تكون هذه هي قسمتك وهذا قدرك الذي قدره الله وليس أمامك إلا أن تصبر، وذلك كالأمراض فإن الله تعالى يخلق بعض العباد ببعض العاهات وهم لا ذنب لهم ولا جريرة، ولكن الله أراد أن يختبرهم وأن يمتحن إيمانهم وأن يجعلهم عظة لغيرهم من الأصحاء، وهؤلاء سيعوضون قطعا في الآخرة، وأنت كذلك ستعوض بصبرك على هذه المرأة السيئة، ولذلك كان هناك رجل عنده امرأة كامرأتك هذه وكان يصبر عليها صبرا جليلا وكبير وصبرا جميلا، فقال له أصحابه: لم لا تطلقها فالنساء غيرها كثير؟ فكان رجل في قمة الحلم والحكمة، فقال: أخشى أن أطلقها فيبتلى بها غيري، فأمسك عليها فقال: أنا قدر على تحملها، أما غيري فلعله لا يقدر على تحملها فيطلقها.
ولذلك حاول أن تستغل هذه الفرصة الآن وهي موجودة عند أهلها، وإذا رغبت في العودة ترجع بشروط، وهذه الشروط تكون بدقة، وهذه الشروط يتم الموافقة عليها والتوقيع عليها من الحضور إن أمكن، على أن تكون هذه بالنسبة لها وقفة، فإن قدر الله واستقام حالها فهذا ما نرجوه وما نتمناه وما نوده، أما إن قدر الله خلاف ذلك وكانت المرأة ليست من النوع الذي يرعوي أو النوع الذي يتأثر بوجود وحضور الكبار، فهذا قدرك، ولذلك يكون لك الخيار أن تواصل الرحلة معها مع صبر جميل أو أن تطلقها وتتزوج بغيرها، وأولادك هذا قدرهم وأنت لم تجني عليهم، وإنما هذه جناية أمهم، وأسأل الله تبارك وتعالى أن يصلحها لك وأن يذهب عنها هذه الصفات السيئة، وأن يعطيها صفات حسنة طيبة، وأن يجمع بينكما على خير، إنه جواد كريم.
وبالله التوفيق.