ظاهرة الغيرة عند الأطفال

0 573

السؤال

ابنتي عمرها ثلاث سنوات، ودائما تضرب أخاها الذي يبلغ سنة، لدرجة أنها تجرحه أحيانا، مع أننا نعامل أخاها كمعاملتها، ولا نحاول أن نفضل أحدا على الآخر، واستخدمنا معها أسلوب الترغيب والترهيب والعقاب ولم يجد، مع العلم أننا نضطر إلى الجلوس معهما دائما حتى لا تضربه.

أرشدونا إلى الحل ولكم شكري.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ فيصل حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلا وسهلا ومرحبا بك في موقعك، ونعتذر عن تأخر الرد لظروف خارجة عن إرادتنا، وكم يسعدنا اتصالك بنا دائما في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله جل وعلا أن يبارك فيك وفي أهلك وأولادك، وأن يجعلكم جميعا من عباده الصالحين وأوليائه المقربين، وأن يعينكم على ذكره وشكره وحسن عبادته، وأن يوفقكم لتربية أولادكم تربية صالحة، وأن ييسر لكم علاج تلك الغيرة لدى ابنتكم الغالية.

وبخصوص ما ورد برسالتك فلقد اطلعت على أكثر من مرجع في مشاكل الأطفال للسلوكية لأتمكن من مساعدتكم في التغلب على هذه المشكلة، وخلصت من هذا الاطلاع إلى الآتي:

1- إن الغيرة ليست أمرا وراثيا، بل هي نتيجة للأنانية التي تنتج من التربية السيئة الخاطئة.

2- إن الحسد والغيرة بين الإخوة شيء طبيعي بالنسبة للأطفال، ولكن قد لا تكون علاماته واضحة بالنسبة للأهل، فيظنون أن ابنهم لا يشعر بالحسد أو الغيرة، ولذا فعلينا أن نتوقع الحسد أو الغيرة من أطفالنا، وأن نعالجه بالحكمة وإلا فإنه قد يؤدي إلى مشكلات صعبة.

3- إن مظاهر الغيرة الطفولية غالبا ما تتسلل عبر سنوات عمر الإنسان لتظهر في سن متأخرة، لذلك يجب معالجتها منذ الصغر بالطريقة التي تناسب سنه.

4- كثيرا ما يشعر الطفل بالغيرة إذا ما رأى والديه منصرفين عنه، أو مهتمين بأشيائهما الخاصة أو بإخوته الباقين، وفي مفهوم الطفل الصغير أنك إذا أعطيت حبك له لا يمكن أن تعطيه لشخص آخر غيره، إلا إذا أخذته منه هو.

5- إن أسباب الغيرة كثيرة ومتنوعة، منها ما يلي:

1- المفاضلة التعسفية من قبل الوالدين بين الأبناء.

2- شعور الطفل بالضعف أو التقصير.

3- اضطراب الأجواء الأسرية.

4- التعلق الشديد من قبل الطفل بوالديه.

5- ارتباط الغيرة بالأنانية.

6- إن وسائل التعبير عن الغيرة متنوعة منها:

1- الصياح والعبث بأعراض الآخرين خاصة الذين يغار منهم.

2- الاعتداء الجسدي على من يغار منه.

3- إزعاج الآخرين وإقلاق راحتهم.

4- اصطناع الحب الزائد نحو الفريق الآخر لتعمية الأنظار عن الغيرة الدفينة، فما أن تتاح الفرصة للطفل الغيور حتى يقوم بإيذاء أخيه ضربا أو عضا أو غير ذلك.

7- أما عن علاج هذه الظاهرة فيمكن أن يكون على النحو التالي:

1- المساواة بين الإخوة وحسن المعاملة، وعدم التدليل الزائد.

2- عدم التعلق الزائد بالوالدين، وترك الأمور طبيعية بحيث تكون علاقة الطفل بوالديه طبيعية وعادية وغير مبالغ فيها.

3- هدوء الأجواء الأسرية وبعدها عن الاضطرابات والخلافات.

4- مراعاة مبدأ الفروق الفردية بين الأطفال في هذا الموضوع.

5- تعويد الأولاد على الأثرة وروح التعاون الجاد المخلص، وتبادل الألعاب والهدايا.

8- يعمل الأهل على زيادة وتنمية هذه الغيرة على غير إرادة منهم، نتيجة سلوكهم الخاطئ وغير المنظم، وقد يضعون حدا لها بحسن تعاملهم ومساواتهم بين الأطفال.

9- على الأم ألا تنصرف بكليتها عن المولود الأول إلى المولود الجديد كما يحدث غالبا؛ لأنه لا يحتاج إلى العطف مثل الأول، وعليها أن تبقى على صلة عاطفية ودية مع الطفل الأول.

10- تنشأ الغيرة في السنوات الأولى للطفولة عندما يشعر الطفل بأن بعض امتيازاته المادية والمعنوية بدأت تتضاءل وتتحول إلى طفل آخر، فيبدأ الشعور بالقلق والكراهية لبيته، خاصة هذا المولود الجديد.

11- قبل قدوم المولود الجديد يجب على الأسرة أن تصارح الطفل الكبير بأن عليه أن يتوقع أخا أو أختا جديدة، وأن نحدثه عن المميزات والمتعة التي سوف يجدها مع صديقه وزميله المقبل حين يلعبان ويمرحان، وعلينا أن ندلي إليه في صراحة بما سوف يلقى عليه من تبعات ينبغي عليه القيام بها، وعندئذ فقط نجده يتطلع إلى هذه المفاجأة في صبر نافذ وشفق ملموس واضح، ويتطلع إلى صحبة زميله الجديد في اللعب أو إلى هذا الصديق الذي سوف يكون عليه أن يحميه ويعتني به، ومن ثم يؤدي هذا الشعور بالمسئولية إلى منفعة الطفلين على السواء .

وإذا حدث أن أصبح الطفل الكبير غيورا من الصغير، فلا ينبغي أن نزيد غيرته بالإغاظة أو بالنظر إليه على أنه مبعث للفكاهة والتندر؛ لأن للأطفال حساسية مرهفة، وإنما ينبغي علينا أن نقنع الطفل بأنه ما زال محلا للعطف والرعاية، وأنه لا يزال عضوا في العائلة له مكانته التي لم يغتصبها هذا الدخيل الجديد، وأنه يجب أن يكون له دور في رعاية أخيه والإحسان إليه، ولا مانع من شراء الهدية له ولأخيه، وأن نطلب منه أن يقدم الهدايا لأخيه الصغير بنفسه دائما.

12- إن بدرت من الطفل علامة من علامات الغيرة أو الحسد كأن ضرب أخاه أو رماه أرضا فعندها يجب علينا الامتناع بتاتا عن ضربه أو توبيخه أو تعنيفه؛ لأن هذا يؤكد للطفل أنه فعلا فقد مكانته عند أبويه بعد مقدم أخيه، وهذا ما يغير صدره بدرجة أشد، فيجب معالجة السبب لا أن ننظر إلى الحادثة فقط، ويجب إشعار الطفل بالمحبة والحنان، وأما العقاب فإنه لا يؤدي إلا إلى فقد الاطمئنان أو اضطرابه، ولا بأس أن يقال له إنه أخاك، ألا تحبه؟ اذهب قبله أو ساعده وهكذا.

وبناء على ما سبق -أخي المهندس فيصل- يجب عليك ألا تضربها أو تسبها إذا ضربت أخاها، وإنما حاول أن تصبر عليها الصبر الجميل، واشتري لها الهدايا أو الحلوى، واطلب منها أن تقدمها لأخيها، وأن تحرص دائما على أن تتواجد أنت وزوجتك بجوارهما؛ مخافة أن تلحق به أذى وهي لا تشعر، ولعلك فهمت من كلامي أن ابنتك ضحية لسوء تصرف سابق، خاصة عند قدوم أخيها على اعتبار أنه ذكر وأنها أنثى، وأنه أفضل، وإن لم تفعل ذلك أنت شخصيا فلعل غيرك من الأهل أو الأقارب فعله مما أدى إلى تلك الكراهية.

والله الموفق.

مواد ذات صلة

الاستشارات