تعلق الرجل بزميله في العمل وحقيقة الحب في الله

0 389

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

لدي تعلق شديد بصاحب في الشركة، ونحن جميعا ولله الحمد من جماعة المسجد، ونلتقي أحيانا عند الصلاة، ولدينا اجتماع أسبوعي، وأحيانا نلتقي أكثر من مرة مع صحبة طيبة على العشاء أو للقهوة، ونتبادل عندها الأخبار ومختلف الأحاديث.

وقد تطورت العلاقة بيننا وأحسست بأنني متعلق به، وذلك بحديثي عنه وإعجابي بشخصيته ولباقته وخبرته في الحياة والعمل وبعائلته وأولاده وقربه من منزلي، وقد صارحته أكثر من مرة باهتمامي به وبمعزته الخاصة من بين تلك الصحبة، وقمت بإرسال رسائل دعوية له عن طريق الجوال وأخرى عن الصداقة ونحو ذلك، وأحيانا أقدم له بعض الهدايا.

وزاد تعلقي به حتى أنني لا أستطيع فراقه ولو حتى خلال العطلة الأسبوعية أو السنوية، وأحس أنني دائما مشتاق له، وأشعر بالارتياح التام عندما أجلس بالقرب منه والحديث معه عندما نلتقي على العشاء برفقة الصحبة الأسبوعية، وأحب معرفة كل شيء عنه وأحواله، وأشعر بأنه طيب جدا ويستحق صحبتي له، وأنه مختلف عن باقي الناس.

كما أشعر بأني أناني في حبه، حيث أود مجالسته والحديث معه والخروج والأكل معه لنفسي فقط دون وجود شخص آخر، وعندما يتم ذلك يكون كل شيء طبيعي من ناحيته ولكني أشعر بأني محتاج إليه لأكبر فترة ممكنة، وأشعر بالحزن والأسى لفراقه.

علما بأني متزوج ولدي أبناء ولله الحمد، وهو أيضا كذلك، وعمري بالعقد الرابع وهو بالعقد الخامس، وقد استطعت مع زوجتي تجنب الأغاني والتلفاز وقمت بالحج ثلاث مرات، ومنتظم ومواظب على النوافل والصلاة بالمسجد، وهو أيضا كذلك، فأرجو تحديد هذا الشعور الذي ينتابني، حيث أشعر أحيانا بالغيرة من بقية الصحبة، وكذلك ألمس هذا من زوجتي أثناء حديثي عنه، وقد حاولت مرات عديدة أن أبتعد عنه وذلك بتقليل اختلاطي به وعدم إرسال رسائل له عن طريق الجوال والبريد الإلكتروني وعدم الاهتمام الزائد به وكأنه كأحد بقية الصحبة ولكني لم أقدر، ويؤثر ذلك علي بالأرق وعدم شهيتي للأكل، فماذا أفعل؟!

ولكم جزيل الشكر والتقدير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ *---* حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن الحب الذي ينال به الإنسان أرفع الدرجات هو ما كان لله وفي الله وعلى مراد الله، وكل أخوة وصداقة لا تقوم على الإيمان والتقوى تنقلب في الدنيا إلى حسرات وفي الآخرة إلى عداوات، قال تعالى: ((الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين))[الزخرف:67].

وعليه فنحن نقول: إذا كان حبك لصاحبك المذكور لأجل دينه وطاعته لربه فذلك هو المطلوب وفيه جاءت البشرى بأن المرء مع من أحب، أما إذا كان ذلك الميل لأجل ماله ولأجله شكله أو لأجل أي مظهر أو عرض، فهذا ما يستحق التوقف.

وهذه بعض الأسئلة التي تساعدنا على الوصول إلى حقيقة الأمر:

(1) هل حبك له لأجل الله؟
(2) هل يزداد ذلك الحب إذا اجتهد في طاعة الله؟
(3) هل يمكن أن تنفض عنه إذا رأيته يعصي الله؟
(4) هل يمكن أن تحب كل من كان مطيعا لله من زملائك؟
(5) ألا توافقنا على أن الحب لله وفي الله إطاره واسع لأنه يشمل كل مطيع لله وقد نفهم وجود بعض التفاوت اليسير لأن الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف، ولكن المسلم يحب أهل الإيمان وإن كان يتضايق من بعض تصرفاتهم، فذلك كره لأفعالهم وليس لذواتهم.
(6) إذا كان صاحبك مطيعا لله فعلى كل مؤمن أن يحبه، فلماذا نرفض المنافسة؟! وأرجو أن تعلم أن هذا مؤشر سلبي.

ولا شك أن الوقوف مع هذه الأسئلة يساعدك في وضع الأمر في إطاره الصحيح، وأرجو أن تحترم مشاعر زوجتك فإنها تغار ولا تمدح صاحبك كثيرا أمامها وأعطها حقها من الود والحقوق المادية والمعنوية، ونحن بلا شك نؤيد محاولات الابتعاد لبعض الأوقات، ولا بأس من الذهاب للصلاة أحيانا في مساجد مجاورة فإن البعيد عن العين بعيد عن القلب، وأحبب حبيبك هونا ما، ونسأل الله أن يجعلنا محبين لبعضنا في الله ولله وبالله وعلى مراد الله.

وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات