السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أشعر بالخوف عندما أود محادثة أحد، وكلما أردت التحدث مع أي شخص -خاصة عبر الهاتف- أشعر بنوع من الخوف والقلق وتسارع في نبضات القلب والتوتر، وأتلعثم في الكلمات، ورغم قيامي بتحضير الكلام قبل المحادثة إلا أنني أفشل في الكلام فور بدء المحادثة، وهذه المشكلة تضايقني كثيرا، فما الذي يجب علي فعله؟!
وشكرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمود حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فلا توجد لديك مشكلة كبيرة، وإنما هي مشكلة صغيرة، وهي نوع من القلق أو الخوف الظرفي المرتبط بوضع معين، وفي حالتك هي عدم القدرة على التعبير أو التحدث عبر الهاتف أو أنك تشعر بخوف وقلق وتسارع في نبضات القلب.
ومثل هذا الخوف في الغالب يكون مكتسبا، أي أنك ربما تكون قد مررت بتجربة سلبية أثناء تحدثك عبر الهاتف، وربما يكون هذا الحدث الذي حدث لك بسيط للدرجة التي جعلتك لا تتذكره الآن أو لم تعطه اهتماما في وقته.
وعموما فإن طريقة العلاج هي أن تتفهم أن هذه الحالة حالة بسيطة، وتقوم بإجراء تحليل نفسي داخلي وتسأل نفسك: لماذا يحدث لي هذا الخوف فإن الأمر بسيط، وملايين الناس يتحدثون عبر الهاتف في زماننا هذا بكل سهولة ودون أي تعثر؟ فلماذا أحس بهذا الخوف؟! وعليك أن تتذكر أن الهاتف هو نعمة من نعم الله علينا، وقل لنفسك: لماذا لا أستفيد من هذه النعمة مثل الآخرين؟
وعليك أن تقوم بإجراء تمارين في الخيال، بمعنى أن تمسك سماعة الهاتف وتعتبر نفسك أنك تتحدث مع شخص ما وقم بالفعل بمحادثة هذا الشخص المفترض وتصور أن هذا الشخص شخص مهم أو صاحب مركز، وتصور أنه قد أتصل بك وطلب منك أشياء معينة وقم بالرد عليه، وكرر هذا التمرين عدة مرات.
وحين تقوم بهذا التمرين في الخيال تصور كأنك ترى الشخص أيضا، فإن هذا يعرضك أكثر للخوف والقلق، وحين تتعرض للخوف والقلق سوف يرتفع مستوى القلق ثم بعد ذلك يبدأ في الانخفاض، وحين يبدأ القلق في الانخفاض سوف تشعر بالاسترخاء التام إن شاء الله تعالى.
ويمكنك أن تتفق مع بعض أصدقائك أو أهل بيتك على برنامج يومي متكامل للاتصال عبر الهاتف وذلك من أجل التمرين ومن أجل تخطي هذه العقبة، فاطلب من أحد هؤلاء الأصدقاء أو من أهل بيتك بأن يتصل بك، أو تقوم أنت بالاتصال به، وكرر هذا التمرين عدت مرات، وعليك أيضا أن تحاول أن تجاوب على التليفون في المنزل، وكذلك في المكتب، فربما تحس بقلق وتوتر في بداية الأمر، ولكن بعد ذلك سوف تجد أن الأمر أصبح عاديا، فلابد أن تعرض نفسك لهذه المواقف وهذه هي الطريقة المثلى للعلاج.
وأنصحك أيضا بأن تقوم ببعض تمارين الاسترخاء، ومن أفضل هذه التمارين تمارين التنفس: استلق في مكان هادئ ثم بعد ذلك أغمض عينيك وافتح فمك قليلا وتأمل في شيء طيب ثم بعد ذلك خذ نفسا عميقا وبطيئا من الأنف واملأ صدرك بالهواء، واجعل البطن ترتفع قليلا بالهواء واقبض على الهواء في الصدر ثم بعد ذلك أخرج الهواء – وهذا هو الزفير – عن طريق الفم، ويجب أن يكون بنفس القوة والبطء، هذا التمرين هام جدا، كرر هذا التمرين عدت مرات.
وأيضا في بداية المحادثات التليفونية حاول أن تأخذ نفسا عميقا وتملأ صدرك بالهواء قليلا ثم بعد ذلك أخرج الهواء أثناء التحدث، وهذا إن شاء الله تعالى يساعدك كثيرا، فهذه تمارين مهمة وبسيطة، وإذا طبقتها بالصورة المطلوبة سوف تجد أنها قد ساعدتك كثيرا.
يأتي بعد ذلك العلاج الدوائي، فهناك أدوية كثيرة تساعد في علاج هذا النوع من الخوف الخاص، والعلاج أو الدواء الذي أفضله هو العقار الذي يعرف باسمه التجاري (زيروكسات Seroxat)، فأرجو أن تبدأ في تناول (باكسل Paxil) والذي يعرف باسمه العلمي (باروكستين Paroxetine) بجرعة عشرة مليجرام – نصف حبة – يوميا بعد الأكل لمدة أسبوعين، ثم ارفع الجرعة إلى عشرين مليجرام – حبة كاملة – ويفضل أن تتناولها في المساء بعد الأكل، واستمر عليها لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفض الجرعة إلى نصف حبة يوميا لمدة شهرين، ثم توقف عنه.
وهناك عقار آخر يعرف باسم (أندرال)، وهو دواء متميز لعلاج الأعراض الجسدية للقلق مثل تسارع ضربات القلب أو التعرق أو الرجفة، فأرجو أن تتناول هذا الدواء بجرعة عشرة مليجرام يوميا لمدة ثلاثة أشهر، ثم تتوقف عن تناوله.
وأرجو أن تطبق هذه الإرشادات وتتناول هذا الدواء، وأن تحقر فكرة الخوف نفسه، وهذا سوف يساعدك كثيرا، وسوف تجد أنك قد أصبحت بخير وأنك تستطيع التخاطب والتحدث والتواصل عن طريق التليفون دون أي صعوبة.
وبالله التوفيق.