السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
لقد تزوج زوجي بأخرى بعد ثمانية وثلاثين عاما من زواجنا، مدعيا بأنه لم يكن سعيدا معي، رغم أن لدينا ستة أولاد تزوجوا باستثناء الأخير الذي يكمل دراسته في الجامعة، كما أن زواجه تزامن مع تقاعدي من العمل لبلوغي الستين، وهو لم يخبرني إلا بعد الزواج حيث وضعني أمام الأمر الواقع، ثم بدأ تدريجيا في التوقف عن الإنفاق علي حتى توقف تماما منذ سنتين.
والآن يريد إحضار الزوجة الأخرى إلى منزلنا الذي تشاركنا في بنائه، حيث يقوم بتجهيز جزء من المنزل لها، ويريد بناء جدار قصير بيني وبينها حوالي ارتفاع متر واحد فقط، كما أنه سوف يكون هناك اشتراك في نفس خط الكهرباء والماء الذي سيكون مصدره من القسم الذي سيخصصه للأخرى مدعيا بأنه لا يقدر على دفع أجرة منزل آخر، علما بأنه يمتلك معهدين للكمبيوتر، وسيباشر العمل على تجهيز المنزل في أسرع وقت، ولا أستطيع العيش في نفس المنزل الذي به الأخرى، فأرجو من أهل المشورة أن يرشدوني.
وشكرا لكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فاطمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك (استشارات الشبكة الإسلامية)، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يفرج كربتك وأن يقضي حاجتك، وأن يربط على قلبك، وأن يوفقك لاتخاذ القرار الصائب المناسب الذي يؤدي إلى نفعك ونفع أسرتك وعدم تشتتها في الدنيا والآخرة.
وبخصوص ما ورد برسالتك من أن زوجك قد تزوج بعد ثمانية وثلاثين عاما مدعيا أنه لم يكن سعيدا، فهذه حجج واهية يقدمها الرجل محاولا إقناع الطرف الآخر بالسبب الذي أدى إلى زواجه بأخرى؛ لأن هذا بالعقل والمنطق قول بعيد عن الصحة إلى حد كبير.
ولكن أمر الزواج من الناحية الشرعية جائز شرعا، وكونه لم يخبرك إلا بعد الزواج ووضعك أمام الأمر الواقع فهذا أمر من حقه، فقد يكون الرجل من حرصه عليك ورغبته في استمرار الحياة معك لم يخبرك بأنه تزوج حتى لا تتخذي موقفا بطلب الطلاق أو غيره، ولو لم يكن حريصا عليك لأخبرك بهذا الأمر قبل أن يتم، ولكن كثيرا من الأزواج يحتفظ لزوجته الأولى بمنزلتها ومكانتها بعد زواجه من أخرى.
ولذلك فإنني أرى أن فكرة عدم الرغبة في العيش معه في نفس المنزل غير موفقة؛ لأن هذا سيجعلك تعيشين وحيدة، خاصة إذا لم يوافق ولدك أن يأتي معك وطلب أن يكون مع والده، واحمدي الله أنه قد أغناك عنه وعن غيره، فعليك أن تتحلي بالصبر والتفاهم وهضم الذات حتى تعيشين في بيتك معززة مكرمة على مقربة منه ومن أولادك؛ لأن عودة الأمور إلى ما كانت عليه أصبحت مستحيلة، وطلبك تطليق زوجته لن يقابل بأي قبول أو استجابة، وبمقدورك أن تظلي حظية ومقدمة عند زوجك إذا أبديت بعض المرونة، بل بمقدورك كسب هذه المرأة إلى صفك إن تفهمت الواقع واجتهدت في إحسان معاملة زوجك أفضل مما كنت سابقا؛ لأن هذا أفضل بكثير من الحرب الباردة التي تأكل أصحابها قبل غيرهم.
فتوكلي على الله وتواصلي مع الأسرة واجتهدي في تناسي هذا الموقف، واعتبري هذه الفتاة ابنة لك، ولا تعطي ظهرك لزوجك لأنك بذلك ستفقدين نفسك قبل أن تفقدي الآخرين.
أما ما يتعلق بالنفقة فهذا من حقك الشرعي، فلابد أن ينفق عليك كفايتك بالمعروف حتى لو كنت مستغنية عنه، فالنفقة واجبة عليه، وبإمكانك رفع طلبك إلى القاضي أو الجهات المختصة للفصل في هذا الأمر؛ غير أن الأفضل في حقك هو توسيط أحد الأقارب للتأثير على الزوج وتتميم الأمر بالتفاهم، ولو قدر وأن رفعت أمرك إلى القضاء مثلا فموضوع النفقة لن يكون له أي علاقة بالزواج من ثانية، وإياك أن تربطي بين زواجه من الأخرى وبين النفقة، فقط طالبي بحقك المشروع في الإنفاق بغض النظر عن زواجه من عدمه.
أما مسألة الساتر بينكما والذي لا يزيد على المتر كما ذكرت فلا حرج فيه طالما كانت هي في شقة منفصلة عنك داخل منزلكم، وإن كنت تشعرين بالحرج من ذلك فطالبيه برفعه أكثر، وكل هذه القضايا سيتم حلها إذا عولج الأمر الأول من قبلك بالحكمة واللطف، وهي مسألة الزواج بحد ذاته.
نسأل الله لكم التوفيق والسداد.
وبالله التوفيق.