السؤال
أمي دائمة المشاكل مع زوجتي بدون سبب، وهي دائما سبب المشاكل حتى إني في قرارة نفسي أرتاح إذا سافرت، مع العلم برغبتي الحقيقية في أن أرها في خير حال، حتى إنها سببت مشاكل لأخي مع زوجته كثيرة جدا حتى كادت أن تشتت شمله بدون سبب وجيه، وجننت أختي، حقيقة أن ما أخشاه أن أخسر أنا وإخوتي سعادتنا وزواجنا بسبب أمي.
والله! إننا وزوجاتنا نتمنى رضاها ونسعى له وهي لا ترضى؟ ماذا نعمل؟ مشاكل على أتفه الأسباب! ماذا نعمل؟ أفتوني في أمري إنا نراكم من الصالحين.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ أبو سالم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله تبارك وتعالى أن يصلح لك أمك، وأن يصلح ما بينها وبين زوجتك، وأن يصلح ما بينها وبين زوجات إخوانك، وأن يصلح ما بينها وبين أخواتك، وأن يرزقها حسن الخاتمة، وأن يذهب عنها هذه الحدة، وأن يصرف عنها تلك الشدة، وأن يجعلكم جميعا من سعداء الدنيا والآخرة، وأن يرزقكم الصبر على مشاكلها، إنه جواد كريم.
بخصوص ما ورد برسالتك - أخي الكريم الفاضل المبارك – فإن هناك أمورا يستطيع الإنسان منا أن يغيرها لأنها قابلة للتغيير، وهناك أمور لا يستطيع الإنسان أن يغيرها لأنها مستحيلة التغيير على الأقل بالنسبة لنا كبشر، فأنا أستطيع أن أغير زوجتي وأطلقها وأتزوج غيرها، وأستطيع أن أغير سيارتي، أستطيع أن أغير محل إقامتي، أستطيع أن أغير ديكور منزلي.. أشياء كثيرة، أما أمي فماذا أفعل معها؟ أبي ماذا أفعل معه؟ أبي أنا فرع منه، وأمي أنا فرع منها، ولذلك هذه من الأمور التي يصعب تغييرها، وهي فعلا في حكم الاستحالة بالنسبة لنا كبشر، إلا إذا شاء الله تبارك وتعالى أمرا آخر.
لكن أمرنا نحن كبشر أن نحاول أن نجتهد، يعني: هذه المشاكل الموجودة الآن لابد لها من أسباب، فهل فكرت أن تجلس مع أمك -بارك الله فيك- وأن تناقشها في هذه الأسباب ولو على الأقل عند كل مشكلة؟ اجلس معها وقل لها: يا أمي -بارك الله فيك-! أنا أريد أن أعرف سبب هذه المشكلة. بهدوء وبلطف ومعاملة في غاية الرفق والحنان لأنها أمك كما تعلم، والمولى قال: (( فلا تقل لهما أف ))[الإسراء:23].
إذن إذا حدثت هناك مشكلة واحدة خذ كل مشكلة على انفراد في الأول حتى تلفت نظر والدتك إلى أن تصرفها غير طبيعي، مشكلة حدثت مع زوجتك أو مع زوجة أخيك، اجلسوا معها وقولوا لها: يا أمي! نريد أن نعرف سبب هذه المشكلة. حتى تستطيعوا أن تبينوا لها خطأها، لأنها لعلها تظن أن تصرفاتها صحيحة وأن تصرفاتكم هي الخطأ وأن زوجاتكم أقوى منكم -مثلا- وأنك لست رجلا أمام زوجتك، وأن المفروض أن تفعل وأن تفعل وأن تفعل، كما يحدث كثيرا من بعض الأمهات التي تنكر على ولدها الحكمة في التعامل مع زوجته أو الرفق أو الرحمة، تقول: ما ينبغي، هذا ضعف! وتعتبر هذا التعامل الطيب كأن المرأة ملكتك وأنها ركبتك وأنك لست رجلا، هذا الكلام يحدث في معظم بيوت العرب مع الأسف الشديد.
ولذلك أقول: أتمنى في البداية حتى تلفتوا نظرها أولا إلى هذا الأمر، فإذا حدثت هناك مشكلة معينة وأنتم وجدتم أن الأم ليس لها الحق في شيء، اجلسوا معها بهدوء: تفضلي يا والدتي. سلم عليها، قبل رأسها، قبل قدمها، قبل يدها، وقل لها: أنا أبغي فقط أتكلم معك رجاء في هذا الموضوع، الآن هذه المشكلة ما سببها؟ حتى تلفت نظرها؛ لأنه أحيانا قد لا تنتبه بأن هذه أخطاء، وقد لا تشعر بأنها خطأ، فأنت تبين لها، ومرة بعد مرة أنا واثق من أنها سوف تتغير بإذن الله تعالى.
ثم بعد ذلك عليكم بالدعاء لها؛ لأنه لا أجد حقيقة أي حل إلا هذا الأمر، ماذا تستطيع؟ يعني: هل أنتم الآن تقيمون معا في بيت واحد؟ يبقى هذا السؤال: إما أن يكون الجواب نعم أو لا، فإذا كنتم تقيمون بعيدا عنها إذن اجعل زوجتك لا تحتك بأمك مطلقا إلا في المناسبات أو السؤال في التليفون، ولا تتواصل زوجتك معها حتى لا تحدث مشاكل، واجعل تواصلك أنت بينك وبين أمك وأبعد زوجتك لكي تتجنب المشاكل.
أما إذا كنتم في بيت واحد فكان الله في عونكم؛ لأن أمك -قطعا- ترصد زوجتك صباحا ومساء ليلا ونهارا، حتى وإن كنت في شقة في نفس البيت يمكن أنك تعزل زوجتك فترة من الزمن لترى ما هو رد فعل أمك، أما إذا كنتم تعيشون في بيت واحد وطعامكم واحد وشرابكم واحد ومأكلكم واحد فهذه المسألة ليس لها من دون الله كاشفة.
ولكن -كما ذكرت- بالمصارحة وبالحوار وبنقاش أعتقد أننا من الممكن أن نصل إلى شيء.
ثانيا: الدعاء، فتوجه إلى الله عز وجل أن يصلحها، واعلم أن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل، والله تبارك وتعالى يقول في القرآن الكريم عن زكريا عليه الصلاة والسلام: (( وأصلحنا له زوجه ))[الأنبياء:90]، وذكر أن عمرها كان تسعين سنة، فإذن معنى ذلك أنه ليس مستحيلا أبدا أنك - إن شاء الله تعالى – بالدعاء تصل إلى صلاح الحال ما بينك وما بين أمك.
توجه إذن بالدعاء واصبروا عليها، وأوص زوجتك ألا ترد عليها مطلقا، ومهما قالت فلا تحاول أن تتكلم معها، ولا ترفع صوتها ودعها تتكلم وتفرغ ما في جعبتها دون أي إنكار من زوجتك على ما تفعله وعلى ما تقوله، وإذا فعلتم ذلك لفترة فأنا واثق إن شاء الله تعالى أن الأمر يمكن أن يتحسن.
وأسأل الله لكم التوفيق والسداد، وأوصيك بالدعاء ثم الدعاء ثم الدعاء.
والله ولي التوفيق.