السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أعاني من التهاب في عضلة الصدر إثر تعرضي للمكيف، وتنتابني العصبية بسبب التفكير في الروتين المعتاد الممل، وعندما تلتهب العضلة أشعر بالمعاناة، لكن الشيء الوحيد الذي يلازمني هو الوسواس عند حدوث أي مرض أو قلة النوم أو التفكير في المرض أو كثرة الذهاب للمستشفى، ورغم أن الألم لا يستحق هذا التفكير أو الوسواس إلا أن إصابتي بالقولون جعلت نفس الأفكار ترجع مرة أخرى، فكيف أتخلص من الوسواس؟ وكيف أسترد حياتي وأتخلص من هذا التفكير؟!
علما بأني مستمر على الأذكار والاستعاذة من الشيطان وقراءة القرآن.
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ S.a.w حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإن الأعراض التي سردتها تدل على أنك تعاني من قلق عام أو أن لديك الاستعداد للقلق النفسي، ويظهر هذا في الانقباضات العضلية التي تحدث لك، وأنت وصفته بالتهاب في عضلة الصدر، ولكنه يحدث انقباض في عضلة الصدر.
وبالرغم من اعتقادك بأن هذا يرجع إلى تبريد المكيف، لكني أشك في ذلك، فالنظرية الصحيحة هو أنه بسبب القلق وأن لديك القابلية للقلق فتنقبض هذه العضلات، ويعرف أن أكثر العضلات تكون عرضة للانقباض والانشداد - حين يقلق الإنسان - هي عضلات الصدر وعضلات الرقبة وعضلات القولون وعضلات أسفل الظهر وعضلات فروة الرأس.
فهذه العضلات تكون دائما عرضة للانقباض، والتوتر النفسي حتى وإن كان بسيطا قد يؤدي إلى توتر عضلي، وهذا التوتر وهذا الانقباض الذي يحدث للعضلات هو من أجل أن يجعل الإنسان مستعدا للتصرف لكي يحمي نفسه، فإنه يقال في الزمن الماضي وكانت النظرية السائدة أن هذا الانشداد وهذه القوة التي تأتي للعضلات هي نوع من الحماية الطبيعية للإنسان حتى يحمي نفسه من المخاطر ويستطيع أن يدافع عن نفسه ضد أي عدو يحاول إيذاءه، وعموما هذه النظرية ربما لا تكون صحيحة، ولكن الذي نقوله وهو مؤكد علميا أن التوتر النفسي يؤدي إلى توتر عضلي، فأرجو أن تفهم هذه الحقيقة لأن ذلك سوف يساعدك كثيرا في العلاج.
وقد وصفت أن لديك بعض الوساوس، وهي نوع من المخاوف من الأمراض، وكثير من الناس لديهم أيضا حساسية نحو الأمراض ويخافون منها كثيرا، خاصة أن الزمان الذي نعيش فيه كثر فيه الكلام عن الصحة وعن المرض وظهرت أمراض ربما لم تكن معروفة في الزمان السابق، وهذا الأمر يعالج بالتوكل، والتوكل الذي أعنيه هو أن الإنسان يعلم ويستشعر دائما أنه في معية الله وأنه في حفظ الله، وأن المرض لا يزيد في العمر يوما ولا يؤخر في العمر يوما، هذا هو المبدأ الذي نعتقد أنه أفضل مبدأ علاجي نفسي.
وبعد أن تستوعب السبب، والسبب بسيط وهو القلق النفسي، وليس أكثر من ذلك، والقلق النفسي في حد ذاته ليس كله طاقات سيئة، فهذا القلق هو طاقة نفسية مطلوبة حتى يستشعر الإنسان واجباته وحتى أن يتصرف بالصورة الصحيحة، ولكن هذا القلق حينما يزيد يؤدي إلى مثل هذه الأعراض التي لا تخلو من سلبية وتسبب المضايقة للإنسان.
ومن الضروري أن تتجنب التردد بكثرة على الأطباء، فهذا أيضا يؤدي إلى ما يعرف بـ (المراء/ التوهم المرضي)، هذا أيضا نحذر منه كثيرا وهو كثرة التردد على الأطباء، إلا أنه لا مانع أن يكون للإنسان فحص دوري عند طبيب الأسرة مرة في السنة أو كل ستة أشهر وهكذا، فلا يتطلب الأمر أكثر من ذلك، وإذا قدر للإنسان أن أصيب بمرض له أعراض واضحة ويتطلب الذهاب إلى الطبيب فلا مانع من ذلك.
وأما ما وصفته بوجود ألم في القولون فهو ناتج أيضا من القلق، فالقلق هو الذي يولد هذه الانقباضات في عضلات القولون، ولذا سمي بالقولون العصبي.
وأما قلة النوم فهي مصاحبة أيضا للقلق، وهذا عرض معروف، وكذلك الإكثار من التفكير، وربما يكون أيضا لديك شيء من ضعف التركيز أو تشتت الأفكار وتطايرها.
كل هذه الأعراض من القلق، وأرجو أن لا تنزعج مطلقا لها، فاجعل لنفسك برنامجا يوميا لممارسة أي نوع من الرياضة كرياضة المشي أو الجري أو السباحة أو لعب كرة القدم والطائرة أو السلة، أي نوع من الرياضة متاحة بالنسبة لك، فالرياضة تمتص الطاقات النفسية السلبية وتزيل القلق وتؤدي إلى استرخاء عضلي، فاجعل لنفسك نصيبا من هذا البرنامج الرياضي.
وهناك أيضا تمارين تعرف باسم (تمارين الاسترخاء) وهي تمارين ممتازة وتساعد في استرخاء العضلات وتزيل القلق وتؤدي إلى الطمأنينة إن شاء الله تعالى، وهذه التمارين لها عدة طرق فأرجو أن تتحصل على أحد الكتيبات أو الأشرطة المسجلة والتي توضح كيفية القيام بهذه التمارين، فهناك تمارين للعضلات وتمارين للتنفس، وهي بسيطة وإذا تدرب عليها الإنسان بصورة صحيحة فإن شاء الله فيها خير كبير بالنسبة له.
ويجب أن يكون لديك القدرة على توزيع وقتك واستغلاله بصورة صحيحة، فلابد أن يكون هنالك وقت للعمل ووقت للراحة ووقت للتواصل مع الآخرين، ووقت للترويح عن النفس، ووقت للعبادة... هذا التنظيم يعطي للإنسان الحيوية وقيمة ذاتية تجعله ينسى أو يتجاهل أو لا يهتم بهذا القلق.
وأنا سعيد أنك حريص على الأذكار ولا شك على الصلوات وقراءة القرآن، فهذا من المعينات الكبرى، فاستمر على هذا، ونحن نعرف تماما أن الإنسان إذا كان برا أو فاجرا يأتيه المرض وتأتيه الأعراض، ولكن المؤمن يتميز بالصبر ويتميز أنه دائما يشعر أنه في حرز الله وفي حفظه، وإن شاء الله يرفع عنه الابتلاء أيا كان نوعه.
وسيكون من الجيد أن أصف لك أحد الأدوية الجيدة والتي سوف تساعدك كثيرا إن شاء الله تعالى في علاج حالتك وتحسين النوم لديك، وهذا الدواء يعرف تجاريا وعلميا باسم (موتيفال Motival) فأرجو أن تبدأ في تناوله بجرعة حبة واحدة ليلا لمدة أسبوعين، ثم ارفع الجرعة إلى حبة صباحا ومساء لمدة أربعة أشهر، ثم خفض الجرعة إلى حبة واحدة ليلا لمدة ستة أشهر أخرى.
هذا الدواء من الأدوية البسيطة وغير مكلف من ناحية الثمن، وهو فعال وسليم جدا فأرجو الحصول عليه، كما أنه سوف يكون مفيد لك جدا أن تتجنب النوم النهاري، إلا أنه لا مانع من القيلولة الشرعية والتي هي حاولي نصف ساعة أو ثلثي ساعة، ونصحناك بممارسة الرياضة فهذا أيضا، فهي وسيلة ممتازة لتحسين النوم، وسوف يكون من المفيد لك أيضا أن تتجنب تناول المشروبات مثل الشاي والقهوة والبيبسي والكولا، حيث إن هذه المشروبات تحتوي على مادة (كافيين Caffeine)، ويعرف أن هذه المادة تؤدي إلى زيادة اليقظة وترفع من الطاقات الجسدية لدى الإنسان مما يقلل من نومه.
وكن حريصا أيضا على أذكار النوم، وسوف يكون أيضا من الأشياء الطيبة والإيجابية جدا أن تثبت وقت النوم، بمعنى أن تذهب إلى فراشك في وقت معين من الليل، هذا النوع من التنظيم في وقت النوم وجد أنه يحسن ما يعرف بالساعة البيولوجية لدى الإنسان مما يجعل نومه منتظما.
ويمكنك الاستزادة بالاطلاع على العلاج السلوكي للخوف من الأمراض في الاستشارات التالية: (263760 - 265121 - 263420 - 268738)، ونشكرك على تواصلك مع الشبكة الإسلامية وثقتك فيما تقدمه.
وبالله التوفيق.