السؤال
السلام عليكم.ز
أنا امرأة متزوجة عمري 34 عاما، أعاني من الاكتئاب، وأستعمل (فلوزاك) حبتين يوميا، لكنني لا أشعر بتحسن، وقد ازداد عندي رجفان جسمي وعدم رغبتي بالحركة أو الخروج، وأهمل كثيرا في حق زوجي، وأتمنى أن يتأخر في العمل حتى لا أقوم بأي واجب له، ولدي توأم بنات لم أعد أستطع تحملهم فوضعتهم في حضانة أطفال.
وأشعر بالذنب دائما ولا أرتاح، وكأنني أجري دون توقف، وأحتاج لالتقاط أنفاسي والهدوء، وأخاف أن أخسر زوجي، وأشعر بالخجل الشديد، علما بأني متزوجة منذ خمس سنوات ولكني لا أشعر بشيء مع زوجي، وأصبحت أخاف أن يطلب مني أن أنام معه، رغم أنه لطيف جدا ومتفهم، لكني لا أستطيع أن أشعر بشيء، وعقلي لا يتوقف عن التفكير بكل شيء، وأتمنى لو يدعني جميع الناس بحالي وأن أصبح عدما وأرتاح، فساعدوني.
وشكرا لكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ميساء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإن الاكتئاب أكثر انتشارا وسط النساء خاصة في مثل عمرك، ومن أهم وسائل علاج الاكتئاب هو ما نسميه بالعلاج المعرفي، بمعنى أن تتفهمي أن الاكتئاب هو حالة قد تصيب أي إنسان، ويجب أن تكون لك قناعات تامة أن الاكتئاب يمكن علاجه، ويجب أن تعرفي أن من أهم وسائل علاج الاكتئاب هو أن نوقف الأفكار السلبية التي تتقاطر على الإنسان وتشغل عقله وكيانه؛ لأن هذه من أهم الأعراض السيئة للاكتئاب، أن تسيطر على الأعراض التي تأتي مندفعة ومتتالية على الإنسان وتكون سلبية وتدخله في حلقة مفرغة لدرجة أنه يصبح يعيش نوعا من الخواطر والاجترارات الفكرية المتسلطة عليه، وكل هذا ذات منشأ نفسي، فلابد أن تخترقي هذا النوع من الأفكار، حقري كل فكرة سلبية.
وأنت زوجة ولديك ذرية وفوق ذلك أنت في هذه الأمة المحمدية العظيمة ولله الحمد، فتذكري هذه الإيجابيات، وأنا على ثقة كاملة وتامة أنك إذا نظرت إلى حياتك بكل إيجابية فسوف تجدين أن هناك إيجابيات أكثر لم تخطر على بالك، أو أن التفكير السلبي قد أنساك ما لديك من إيجابيات،فلا أريدك أن تعطي مساحة في كيانك ووجدانك وعاطفتك للفكر الوسواسي السلبي، استبدليه بما هو إيجابي.
وأنصحك بأن تحسني إدارة الوقت والزمن؛ لأن الاكتئاب يتصيد الناس في أوقات الفراغ ويتصيد الناس الذين ليس لديهم الدافعية أو ليس لديهم القابلية والاستعداد من أجل أن يكونوا مثابرين ومنتجين ولهم حضورهم ووجودهم، وأنت لديك الكثير الذي يمكن أن تقومي به، فضعي خارطة ذهنية في رأسك ووزعي من خلالها الوقت والتزمي بتطبيق هذه الخارطة، دعيها تبدأ بصلاة الفجر، ومن يصلي الفجر حاضرا أو من يصليه في جماعة هو في معية الله وفي حفظ الله.
ابدئي هذه البداية، وبعد ذلك وزعي يومك، كوني مع وزوجك حتى يخرج للعمل، قومي بواجباتك المنزلية، خصصي وقتا للراحة، ووقتا للنوم، ووقتا لممارسة الرياضة داخل المنزل أو المشي خارج المنزل مع زوجك، ووقتا للعبادات ووقتا للعناية بالأطفال، ووقتا للتواصل الاجتماعي، ووقتا للترفيه عن النفس بما هو مشروع، أشياء كثيرة تحتاج منك إلى ضبط أوقاتها يمكن أن تقومي بها، وهذا كله لا يعطي مجالا للاكتئاب، فأرجو أن تقومي بذلك.
وبالنسبة للمعاشرة الزوجية فنحن نعرف أن الاكتئاب قد يفقد المرأة الرغبة في المعاشرة، ولكن حاولي أن تبعثي غرائزك وشهوتك، فاعرفي أن هذه الأوقات رحمة وأوقات سكينة وأوقات ستر وهي أمر لطيف لك عليه أجر كما أخبر بذلك النبي صلى عليه وسلم، فأقبلي على زوجك بانشراح، ولا بأس أن تطلبي من زوجك أن يداعبك، وقد ذكرت أنه رجل طيب ولطيف.
ويجب أن أذكر لك أنه توجد دراسات تشير إلى أن عقار (بروزاك Prozac) أو (فلوزاك) - كما ذكرت – رغم أنه دواء جيد إلا أنه ربما يضعف الرغبة الجنسية لدى بعض الناس، وعموما أنت لم تستفيدي كثيرا من هذا الدواء، فأقترح أن تستبدلي الدواء بعقار آخر، والعقار الذي أفضله يعرف تجاريا باسم (إفكسر Efexor) ويعرف علميا باسم (فنلافاكسين Venlafaxine)، وهو من الأدوية الجيدة والطيبة، وأعتقد أنه متوفر في سوريا، يعاب عليه أنه ربما يكون مكلفا بعض الشيء من الناحية المادية، فأرجو أن تنظري لهذا الأمر دون حساسية، فإذا استطعت الحصول عليه فلا بأس في ذلك، وإذا لم تستطيعي الحصول عليه فسوف أقترح عليك بديلا آخر.
فابدئي بجرعة (الإيفكسر) بخمسة وسبعين مليجراما يوميا لمدة أسبوعين، ثم ترفعي الجرعة إلى مائة وخمسين مليجراما يوميا، ويوجد نوع من (الإفكسر) يسمى بـ ( Efexor xr) يمكن تناوله كجرعة واحدة (مائة وخمسين مليجراما) ليلا، استمري على هذه الجرعة لمدة عام، ثم بعد ذلك يمكن أن تخفض الجرعة إلى خمسة وسبعين مليجراما ليلا لمدة عام آخر، ثم يمكن التوقف عن تناوله، هو من الأدوية الفعالة والجيدة.
وإذا لم يتيسر لك الحصول على هذا الدواء فأعتقد أن العقار الذي يعرف تجاريا باسم (زولفت Zoloft) أو (لسترال Lustral) ويسمى علميا باسم (سيرترالين Sertraline)، هو عقار جيد ويعتبر من فصيلة (البروزاك) ولكنه لا يسبب الأعراض التي يسببها (البروزاك)، أنت لديك الرجفة وكذلك لديك عدم الاستقرار الحركي، لديك الرغبة في التحرك، هذا في بعض الأحيان يكون سببه (البروزاك).
وجرعة (السيرترالين) خمسون مليجراما يوميا لمدة أسبوعين، وبعد ذلك ترفعي الجرعة إلى مائة مليجراما وتستمرين عليها لمدة عام ثم بعد ذلك يمكن أن تخفض إلى حبة واحدة (خمسين مليجراما) لمدة عام آخر بإذن الله تعالى، ولا مانع أن تتوقفي عن (الفلوزاك) دون أي نوع من التخفيض أو التحوطات، فهو دواء ليس إدماني وليس تعودي ولا يؤدي إلى أي آثار انسحابية.
وإذا استعملت (السيرترالين) فهناك عقار آخر يعرف تجاريا باسم (فلوناكسول Flunaxol) ويعرف علميا باسم (فلوبنتكسول Flupenthixol) أفضل أن تتناوليه أيضا مع (السيرترالين) بجرعة حبة واحدة (نصف مليجرام) في الصباح؛ لأنه يعرف عنه أنه جيد ويدعم فعالية (السيرترالين)، ولكن لا داعي لاستعماله إذا كان خيارك هو استعمال (الإفكسر).
وختاما: أرجو أن تطبقي الإرشادات السابقة وتتناولي الأدوية بالطريقة التي وصفناها لك، وعليك أن تكوني أكثر إيجابية وأكثر فعالية، فأنت إن شاء الله تعالى بخير.
ويمكنك الاستزادة بالاطلاع على منهج السنة النبوية في علاج الأمراض النفسية في الاستشارات التالية: (272641-265121-267206-265003)، نسأل الله لك العافية والشفاء.
وبالله التوفيق.