السؤال
السلام عليكم
.
عندما أحكي لوالدتي ما يحصل معي سواء في العمل أو مع الأصدقاء فإنها تقف بجانبي وتخفف عني، ولكنها لا تسدي لي النصائح أبدا، وفي غيابي تتحدث عن الأمر وتبدي رأيها فيه بكل موضوعية وصدق، ولا تخبرني بهذا الأمر في وجهي وإنما تقوله لإخواني، وتحدثهم أني لست على حق، وعندما أسألها عن رأيها تخبرني أنني على حق.
علما بأني نلت من العلم ما هو أعلى درجة منها، ولكني في أغلب الأحيان أحتاج إلى نصح وإرشاد وليس لي من أسأله عما يحصل معي سواها، وأتقبل النصيحة منها ولا أثق بأحد سواها، فما الحل؟!
وشكرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حائر حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يفرج كربتك وأن يقضي حاجتك، وأن يعينك على أن تتفاهم مع والدتك حول حاجتك إلى النصح والإرشاد، ونسأله أن يسدد رأيك وأن يصوب فكرك وأن يجعلك من الموفقين دائما، إنه جواد كريم.
وبخصوص ما ورد برسالتك، فإن الله تبارك وتعالى جعل منزلة الوالدين أعظم منزلة، وخاصة الأم، ونحن نعلم أن الأب والأم هما اللذان يتمنيان لأبنائهما أن يكونوا أحسن منهما دون غيرهما، فالأم تتمنى أن يكون أولادها أحسن منها، ولذلك تقدم كل ما يمكن من تضحية وبذل ولا تطلب على ذلك أي مقابل أو أجر، ولذلك جعل الله منزلتهم عظيمة.
وقد أوصانا الله تبارك وتعالى بالآباء والأمهات فقال: ((وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا))[الإسراء:23]، وقال أيضا: ((واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا))[النساء:36]، كل ذلك لأن الله يعلم أن مقام الأبوة والأمومة عظيم فأوصانا بهما، خاصة عند الكبر، ومهما كان علم الواحد منا فهو يحتاج دائما إلى نصيحتهم ومشورتهم؛ لأنهما سيقدمان النصيحة بصدق وإخلاص، ولا يمكن أن يكذبا على أبنائهما أبدا، إلا أن أمك - جزاها الله خيرا - باعتبار أنك نلت درجة أعلى منها من التعليم تتهم نفسها، وذلك لظنها أن هذا التعليم يوفر لك كل ما أنت في حاجة إليه.
وهذا ليس اعتقاد أمك وحدها وإنما اعتقاد معظم الأمهات والآباء في كثير من بلاد الدنيا، وحتى تحل هذه المشكلة لابد أن تواجهها بالحقيقة، وتقول لها (إن هذا التعليم الذي تعلمناه قد يركز على بعض الجوانب ولكن هناك جوانب أخرى نحن في حاجة إليها، وأن الواحد منا مهما تعلم يظل علمه قاصر، ولذلك أود منك عندما أسألك النصيحة أن تقدمي لي شيئا، وقولي ما لديك حتى وإن كان بسيطا، لأني أحتاج إلى من يسدد خطايا، والله تبارك وتعالى أمر نبيه محمد عليه الصلاة والسلام - وهو مؤيد بالعصمة والوحي يتنزل عليه - أن يشاور أصحابه، فقال له: ((وشاورهم في الأمر))[آل عمران:159] وقال عن المسلمين: ((وأمرهم شورى بينهم))[الشورى:38]، ولن أجد من هو أصدق وأحب للخير منك، فأتمنى أن تقدمي لي النصيحة كلما سألتك في شيء، وأعلم أنك الوحيدة التي ستصدقين معي في النصيحة فلا تحرميني من ذلك.
وبين لها أن هذا التعليم الذي تلقيته مهما كان فإنك ستبقى خبراتك الدنيوية محدودة، ولكن بالنصيحة ستضيف عقلا إلى عقلك وستضيف فهما إلى فهمك ورأيا إلى رأيك، وبذلك ستسدد آراؤك بإذن الله ويستقيم تفكيرك.
وحاول أن تبين لها أن المجاملة المستمرة تضر ولا تنفع، وأن وقوفها بجانبك باستمرار أيضا يضرك، لأنك لا تستطيع أن تعرف الحق من الباطل، وأعتقد إن شاء الله أنك لو واجهتها مرة بعد مرة سوف تفهم، فأرجو أن تطلب منها ذلك ولا تستحي، وبين لها خطورة ما تفعله وحاجتك إلى ما تحرمك منه، وبذلك ستجد مستشارا رائعا عظيما يأخذ بيدك إلى الحق ويصوب آراءك ويسدد تفكيرك، نسأل الله لك التوفيق، ونسأله تعالى لأمك أيضا الإعانة على إسداء النصح لك.
وبالله التوفيق.