أريد أن أتحاشى الفتن والشهوات فهل أقدم الزواج على الدراسة؟

0 495

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أنا طالب في الجامعة أبلغ من العمر 19 عاما، وقد اتخذت قرار جريئا بالتوقف عن دراستي - رغم أني كنت من المتفوقين في الثانوية - حتى أعمل، وذلك بسبب انتشار الفتن والشهوات والمغريات ووقوعي في بعض المعاصي، وأريد أن أرضي ربي وأحبه ويحبني، كما أريد أن أتذوق حلاوة الإيمان من جديد، فقررت العمل لكي أتزوج، ومن ثم مواصلة الدراسة في بلدنا أو في الخارج، فهل تؤيدونني في ما فعلت؟!

وشكرا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ إسماعيل حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يبارك فيك، وأن يكثر من أمثالك، وأن يثبتك على الحق، وأن يجنبك الفواحش والفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يهديك صراطه المستقيم، وأن يجعلك من الفائزين المتفوقين.

وبخصوص ما ورد برسالتك، فإن هذا قرار رائع وقرار جريء وقرار مبارك طالما تمت دراسته بطريقة واقعية ومنطقية سليمة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أوصانا بقوله: (احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز)، وصيانة الإنسان لدينه وعرضه أولى من شهادات الدنيا كلها قاطبة، وإذا كنت فعلا قد وجدت عملا مناسبا، وتستطيع من خلاله أن تدخر قدرا من المال تتقدم به إلى إحدى الأخوات الملتزمات الصالحات اللواتي تربين في بيئة طيبة؛ فهذا شيء رائع وحسن، وبذلك قد أعنت على شطر دينك؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام أخبر أن الزواج شطر الدين – أي نصف الدين – فأنت بذلك قد أعنت على شطر دينك.

وإن كنت أنصح أن يكون عقدا ولا يكون خطبة؛ لأن الخطبة لا تقدم ولا تؤخر، وأما العقد فإنه من حقك أن تتكلم مع خطيبتك وأن تفضي إليها بهمومك ومشاكلك، وأن تختلي بها أحيانا، وهذا أمر قد ينفعك في هذه المرحلة، لأنك تحتاج إلى صدر حنون وإلى قلب واسع يسمع منك ويصغي إليك، ويقدم لك النصح، ويبادلك الحب والمودة والرحمة، فإذا كان الأمر كذلك فلا تجعلها خطبة، وإنما اجعله عقدا حتى تستطيع أن تتكلم مع الفتاة التي ستعقد عليها.

وأما ما يتعلق بالدراسة والعمل فما المانع أن تعمل بجوار الدراسة، فإذا كان هذا من الممكن فإن ذلك أفضل، خاصة وأنك من المتفوقين، فلو أن هناك عملا يتناسب مع الدراسة كأن يكون العمل صباحا أو مساء وتكون الدراسة بالعكس، وهذا يحدث لكثير من الناس الذين يعانون من ظروف اقتصادية صعبة، إذ أنهم يجمعون ما بين الحسنيين ويكتب الله لهم التوفيق.

وما دمت قد اتخذت هذا القرار فأتمنى أن تستغل هذا العام استغلالا أنسب، وأن تبحث عن عمل مناسب يدر عليك دخلا كبيرا بشرط أن يكون العمل مشروعا، ثم إذا أتيحت لك الفرصة أن تعمل عملا ولو بنصف دوام بجوار الدراسة، لعل ذلك أن يكون أفضل، حتى تستطيع أن تنتهي من الأمرين معا في وقت واحد، وتكون بذلك قد وفرت شيئا من المال للزواج وفي نفس الوقت انتهيت من المرحلة الدراسية.

وأما إذا كان ذلك سيؤثر على تفوقك فأنصحك بالاكتفاء بهذا العام الذي قررت فيه التوقف عن الدراسة، ثم مواصلة الدراسة بالتميز، سواء كان ذلك في بلدك أو في الخارج ما دمت تريد وجه الله، وما دمت أردت بذلك أن تعان على غض بصرك وتحصين فرجك، وأن تحظى بمرضاة ربك.

واعلم أن الله تبارك وتعالى لن يتخلى عنك، واعلم أن من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه، واعلم أنك لن تندم أبدا، ولكن الذي أريده أن لا تتعجل في اختيار أي فتاة لمجرد أنها تلبس الحجاب أو أنها تصلي، وإنما لابد من أن تتأكد من أنها على قدر طيب من العلم الشرعي، وأنها تحب الله ورسوله، وأنها لم تلبس الحجاب على أنه موضة أو محاكاة أو تقليد لغيرها، وإنما لبسته عن قناعة وعن اقتناع وعن يقين.

فتوكل على الله، وحافظ على الوقت حتى لا يتسرب منك هذا العام، وحقق أكبر قدر ممكن من الإنجاز في هذا العام، وأبشرك بأن من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه، وأنت تركت هذا العام من أجل الله، فأبشر بأن الله سيعوضك خيرا كثيرا في الدنيا والآخرة، نسأل الله لك التوفيق والسداد، وأن يمن عليك بزوجة صالحة طيبة مباركة تكون عونا لك على طاعته ورضاه، وأن يوفقك في عامك القادم لتكون من المتميزين المتفوقين كما كنت في الثانوية العامة.

وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات