العلاج النفسي لحالات القلق المصحوبة بصعوبة في التعبير عن الذات

0 381

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أكتم بداخلي دائما شعور الضيق إذا كلمني أحد كلاما يضايقني، حيث أسكت وبعدها بفترة يؤنبني ضميري على سلبيتي، وأخاف إن رددت على من ضايقني أن يكون ردي أقبح من كلامه.

وأشعر أني لا أجيد فن التعبير عما بداخلي، وأشعر أحيانا أنه لا أحد يفهمني ولا يحس بما أعانيه من مشاكل داخلية لا أستطيع حلها أو مشاكل في إطار العائلة.

علما بأني متزوجة وعلى وشك الوضع وأخاف من الولادة، وأمي ليست بجانبي، وأعيش في بيت العائلة، ويسكن أهل زوجي في الطابق الأسفل ولكنه لا يوجد بيننا جدار أو باب ولا أسرار، فكل خطوة أخطوها يجب أن يكون جميع من في العائلة موافقا عليها، فتجدني دائما محاصرة لا أستطيع التصرف على حريتي، وأشعر دائما بأني مسجونة ومخنوقة، فما هو علاج بطء البديهة في المواقف التي أتعرض لها؟ وفي كل وقت أستنجد بالله أن يعينني على زوجي وأن يهديه، ولكني لم أستطع، فماذا أفعل؟!

وشكرا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Heba حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن لديك أشياء إيجابية وعظيمة في حياتك ولكنك لا تتذكرينها، وجعلت الفكر السلبي يسيطر عليك بصورة مستمرة، فكونك وهبك الله تعالى نعمة الحمل ولديك الزوج ولديك الأسرة فهذه نعم عظيمة يجب تذكرها، وعليك أن تدعي لزوجك وأن يوفق الله بينكما وأن تكون حياتكما سعيدة وأن تسكني إليه وأن يسكن إليك.

وأما أهل زوجك فإن هذا واقع يجب أن تتعايشي معه، ولا أقول لك كوني مستسلمة للواقع أو أدعوك لذوبان شخصيتك في شخصيات الآخرين، ولكن عامليهم بالتي هي أحسن، والمعاملة التي تقوم على الود والاحترام والحوار الإيجابي هي التي تعود عليك بالفائدة والشعور بالرضا؛ لأن أهل زوجك مهما كان تفكيرهم السلبي حيالك حين تفرضين وجودك بتفكيرك الإيجابي وأعمالك الطيبة فلابد أن يكون موقفهم إيجابيا تجاهك، لأنهم لا مصلحة لهم مطلقا في معاداتك أو عدم إسعادك، فأرجو أن تتخلصي من هذا الفكر السلبي وكوني فكرا إيجابيا جديدا قائما على الواقع؛ لأن واقعك فيه الكثير من الإيجابيات.

وبالنسبة للولادة فلا شيء يدعوك لأن تخافي من الولادة، حيث توجد الإمكانيات الطبية الممتازة، والولادة هي أمر طبيعي وسهل، ودائما ييسر الله تعالى، وعدم وجود والدتك بجانبك يجب أن لا يكون هذا هاجسا أساسيا، فتوكلي على ربك واستعيني به، ثم استعيني بمن حولك من أهلك أو خلافهم، وتذكري أن المرأة في السابق كانت تلد في ظروف بسيطة وبدائية دون أي مشاكل في معظم الحالات، فلا تتخوفي، وكوني فرحة ومستقبلة لهذا الوليد الجديد، وسلي الله تعالى أن يرزقك ذرية صالحة كاملة الخلق والخلق، فهذا هو المطلوب.

من الواضح أن شخصيتك تحمل سمات القلق وسمات الانفعالات النفسية الداخلية المكبوتة؛ لأن لديك صعوبة شديدة في التعبير عن مشاعرك أو التعبير عن أفكارك، وهذا يتأتى بالتدريب، هناك نوع من العلاج النفسي نسميه بـ(السيكودراما Psychodrama)، ومن خلال ذلك يمثل الإنسان المواقف الحياتية التي يعيشها، فيمكنك أن تعيشي خيالا حول هذه الأحداث، تذكري موقفا معينا وتذكري ما قاله الشخص الآخر، ثم قومي بالرد مع نفسك، وعودي نفسك دائما على هذا التمرين السلوكي في داخل نفسك، وبعد ذلك أنزليه إلى أرض الواقع وطبقيه، هذا نوع من العلاج المهاراتي المعروف.

وفي بعض المراكز تطبق هذه العلاجات بأن يلعب عدة أشخاص أدوارا، ففي حالتك مثلا يمكن أن يقوم المعالج بإحضار أشخاص آخرين، وهؤلاء الأشخاص يقومون بمحاورتك وأنت تضطرين بأن تردي عليهم، وتمثلين دورك المطلوب منك بصورة صحيحة.

ولا أعتقد أن هناك إمكانية عملية لتطبيق مثل هذا العلاج (تمثيل أو لعب الأدوار) ولكن يمكنك أن تقومي بذلك خياليا، أي تتخيلي هذه المواقف، فكرري هذه المواقف الخيالية بجدية، وبعد ذلك حاولي أن تطبقيها، وأنصحك أيضا بأن تكوني أكثر انفتاحا مع من تعرفين من الناس مع أهلك، واقترحي بعض الموضوعات، وكوني أنت البادئة في طرح بعض المواضيع الحوارية، هذا سوف يزيل هذه الحواجز النفسية التي تعانين منها.

كنت أود أن أصف لك علاجا مضادا للقلق، لكني لا أرى أن هناك داع لإعطائك أي علاج دوائي في هذه المرحلة، لأنك في حالة حمل وعلى وشك الوضع، فلا أعتقد أن هناك حاجة للدواء في هذا الوقت ولهذه الحالة، ولكنك يمكن أن تتواصلي معنا في وقت لاحق بعد الولادة، ونرى إذا كان هناك أي حاجة لإعطائك دواء أم لا، لكن أنت مطالبة بالتفكير إيجابي حول نفسك وحول الآخرين، وهذا إن شاء الله يساعدك كثيرا في أن تتواءمي مع واقعك ومع زوجك ومع أهله، نسأل الله تعالى يسهل لك أمر الوضع وأن ترزقي الذرية الصالحة.

وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات