السؤال
أعاني من عدم الشعور بالمتعة في الأشياء التي كنت أستمتع بها، وأشعر أنني فقدت الأمل الذي كان يدفعني للدراسة، وهو بناء عائلة وتربيتها تربية صالحة.
وكان بداية ذلك أني شعرت بالوحدة قليلا، وترافق ذلك بسفر والدي وأحد أصدقائي الذي لم يعد يتكلم معي كالسابق، فأصابتني هذه الحالة، وقد حدثت معي هذه الأشياء قبل ذلك ولكني لم أتأثر بها.
وأشعر أن الدراسة في هذه السنة صعبة رغم أني من الطلاب المتفوقين ولا أعاني من مشاكل مالية أو غيرها، وقد قلت دراستي وصرت لا أستطيع التركيز.
وقد تعودت منذ فترة على الاستيقاظ مبكرا في الساعة الخامسة صباحا، وكنت إذا استمررت بالنوم يدق قلبي ولا أستطيع النوم، لكن عاد نومي كالسابق، وما زلت فاقدا لحس المتعة وإصراري على نيل أعلى العلامات.
وقد ذهبت للدكتور فوصف لي زولفت 50 ملجم حبتين صباحا وحبتين مساء، مع حبة تربتزول مساء، لكني أعتقد أنه وصف لي جرعة كبيرة لا أحتاجها، ولم تعجبني طريقته بأخذ القصة السريرية، فبماذا تنصحوني؟!
وشكرا لكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد سعيد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإن هذه المشاعر التي تتلخص في فقدان الرغبة في عمل الأشياء وكذلك عدم الاستمتاع بما تقوم به هي مشاعر اكتئابية تكون مرتبطة بالكدر وبعسر المزاج، وهي ليست عميقة ولله الحمد، وليست من نوع الاكتئاب المطبق، وغالبا تكون نوبة عارضة، وأنت لك تجربة سابقة مع مثل هذه الأعراض.
فأرجو منك أولا أن تفكر تفكيرا إيجابيا جادا، وذلك بأن تثق في الله تعالى أولا ثم تثق في قدراتك، وفي طاقاتك الجسدية وطاقاتك النفسية، فأنت في عمر لا يتكرر على الإنسان، عمر يجب أن ينطلق فيه الإنسان ويجب أن يبدع ويجب أن يسعى من أجل التأهل العلمي المطلوب الذي يساعده على صعوبات الحياة.
إذن: التفكير الإيجابي هو مطلب أساسي، وتذكر أنك ليس لديك مشكلة مالية ولله الحمد، وهي مشكلة يعاني منها الكثير من الناس الآن، ولديك الاستقرار الأسري المطلوب، فكل الذي نطالبك به هو أن تستشعر هذه النعم العظيمة، ومن خلالها تستطيع أن تشعر إن شاء الله بالمتعة والاستمتاع.
وبالنسبة للعلاج الدوائي فإن عقار زولفت Zoloft من الأدوية الطيبة والجيدة ومن الأدوية الممتازة والفعالة، ولكني أعتقد أن الطبيب قد وصف لك جرعة كبيرة، فإن جرعة مائتين مليجرام هي الجرعة القصوى التي تعطى، ولا أقول أن الطبيب قد خرج من نطاق الجرعة المسموح بها، ولكننا قل ما نلجأ إليه في مثل حالتك إلى مثل هذه الجرعة.
والذي أراه أن حبتين (مائة مليجرام) في اليوم سوف تكون جرعة كافية بالنسبة لك،ولا داعي لتناول التربتزول Tryptizol ليلا؛ لأنه سوف يؤدي إلى شعور بالخمول والنوم، كما أنه ليس هناك ضرورة لأن نعطي دواءين متشابهين في الفعالية.
فاستمر على مائة مليجرام (حبتين) ليلا من الزولفت،ويمكنك أن تتناولها ليلا قبل ساعة من النوم، وتوقف عن تناول التربتزول، وفي الأيام الأولى ربما تحس أن الدواء قد سبب لك بعض الاسترخاء، ولكنه ليس الاسترخاء المعيق الذي يجعلك لا تستطيع أن تقوم بأداء واجباتك وممارسة النشاطات الحياتية اليومية العادية، وعموما هذه الأعراض تختفي أيضا بالاستمرار في تناول الدواء.
والمدة المطلوبة لتناول الدواء بهذه الجرعة هي ستة أشهر، ثم بعد ذلك تخفض الجرعة إلى حبة واحدة (خمسين مليجراما) ليلا لمدة ثلاثة أشهر أخرى، ثم تتوقف عن الدواء.
وأنصحك أيضا بأن تمارس الرياضة - رياضة المشي أو الجري أو كرة القدم أو أي رياضة متاحة بالنسبة لك - فهي إن شاء الله أيضا تبعث طاقات نفسية إيجابية جديدة، وعليك أن تنظم وقتك بقدر المستطاع، فإدارة الوقت بصورة صحيحة تشعر الإنسان بفعالية وتشعره بالرضا، ويجب أن تحس بالمتعة لما تقوم به، ويجب أن تحس بمتعة النعم التي حباك الله بها، والإنسان حين يعرف قيمة الأشياء سوف يحس بمتعتها وفائدتها إن شاء الله تعالى.
وعليك بالحرص على أداء صلواتك وقراءة القرآن بتؤدة وبتمعن، فهو إن شاء الله مزيل للكرب، وعليك بالاستغفار والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذن تكفى همك ويغفر ذنبك)، وعليك أيضا بسلاح الدعاء بأن يرزقك الله العافية في الدين والدنيا والآخرة، نسأل الله لك الشفاء والعافية.
وبالله التوفيق.