السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا فتاة أبلغ من العمر 20 عاما، لاحظت منذ فترة أن تصرفات أخي الأصغر -الذي يبلغ من العمر 12 عاما- غير منضبطة وأخلاقه سيئة، حيث أنه لا يصلي ويتطاول بالكلام على أخي الأكبر منه، ويتطاول على والدتي لكن أمي تكتفي بالسكوت، ولا يهتم بنظافة جسمه، وأنا حزينة لذلك وأريده أن يصلي، وأن تتحسن أخلاقه، فكيف أتعامل معه؟ علما بأن النصيحة لا تفيد معه فهو عنيد جدا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سارة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يصلح لكم أخوكم، وأن يغفر له ذنبه، وأن يستر عيبه، وأن يحسن خلقه، وأن يوفقه لطاعته ورضاه، وأن يذهب عنه هذه الحدة، وأن يعافيه من تلك الأخلاق السيئة، وأن يرزقه صحبة طيبة تكون عونا له على طاعته ورضاه.
وبخصوص ما ورد برسالتك، فإن الابن الأخير يحظى بقدر كبير من التدليل أكثر من غيره مما يؤدي إلى فساده في معظم الأحايين، فالابن الأكبر والأصغر لهما خصوصية في الأسر عامة، فنجد أن الابن الأكبر عنده صلاحيات ومساحات أوسع من غيره، والابن الأصغر يرفع عنه العتاب واللوم ولا يستطيع أحد أن يتكلم معه في حضرة والديه، ويفعل ما يشاء ويعطى قدر زائد من الحرية، وهذا الدلال الزائد هو الذي يترتب عليه إفساده، وكلما يتقدم به السن تظهر عليه آثار هذه التربية التي قامت على الإهمال والحرية المطلقة، فيشعر أنه ليس من حق أحد أن يأمره بشيء أو أن يوجهه إلى شيء، فإذا وجد من يعارض هذه الرغبة بدأ الصدام والعراك وبدأت المشاكل.
فإذا كان هذا أخوكم الأصغر فمعنى ذلك أنه تم تدليله بكمية زائدة حتى أصبح بهذه الصورة التي ذكرتها، وفي هذه الحالة سيكون العلاج طويلا وصعبا؛ لأنه ترسخ في ذهنه وفي مخيلته أنه ينبغي أن يكون الأمر كما تعوده وأنه ليس من حق أحد أن يأمره وأن ينهاه.
إضافة إلى ذلك قد يكون هناك من زملائه أو من أصدقائه من يفعل هذه الأشياء فهو يحاول أن يحاكيه وأن يقلده؛ لأن المحاكاة والتقليد في هذه المرحلة - خاصة مرحلة المراهقة - شديدة جدا، والولد يحب أن يقلد ويحاكي كل شيء غير طبيعي، حتى وإن كان في ذلك الموت، ولذلك نجد أن هذه المرحلة هي أخطر مرحلة تربوية، ومن فضل الله تعالى ورحمته أن هذه المرحلة لا تستمر مع الإنسان إلى نهاية حياته، وإنما هي مرحلة مؤقتة تنتهي بإذن الله بنهاية فترة المراهقة، ويعود الإنسان إلى رشده وصوابه.
فأحب أن أطمئنكم بأن هذه المرحلة سوف تنتهي بإذن الله، شريطة أن نلفت الأنظار إلى خطورة التصرفات التي يفعلها، فلا نتركه يفعل ما يحلو له باعتبار أنه سيهتدي يوما ما، وإنما لابد أن نبين له خطأ فعله أولا بأول، حتى نستطيع أن نقنعه بذلك، فيخرج من هذه المرحلة وقد تعلم الانضباط والسلوك الحسن، أما تركه على هذه الحالة التي هو عليها فإن هذا سيضره مستقبلا.
وينبغي أن تعلمي أن أخاك يحتاج إلى نوع من المصاحبة، والمصاحبة هي أن يشعر أن هناك من يثق فيه، فأتمنى أن تقومي بهذا الدور، بدلا من المواجهة والتوبيخ والتعنيف، وأتمنى أن يكون هناك مصدر حنان وعاطفة في البيت ليلجأ إليه عندما يكون في حاجة إليه، ولمسات الحنان تترك أثرها في نفس الطفل أو في نفس الشاب، وبعد ذلك تتكلمين معه بهدوء، تكلمي معه عن الدراسة، تكلمي معه عن زملائه، تكلمي معه عن المدرسة، ولا يلزم أن تتكلمي معه عن السلبيات التي توجد في البيت.
حاولي أن تشعريه بأنك تعيشين نفس واقعه وأنك تواجهين نفس مشاكله، حتى يسهل عليك وضع البرنامج المناسب لعلاجه، فإذا تمت مرحلة الاحتواء وأصبحت بالنسبة له محل ثقة فإنه قطعا سيقبل منك كل شيء، أما لو وجد بأنه يضرب على كل خطأ، والأم اكتفت بالسكوت وأنت تنكرين فلن يثق بأحد في المنزل، وسيفكر بأن يذهب لأصدقاء السوء خارج المنزل، وسوف يكتسب سلوكيات خاطئة أكثر.
فعليك باحتوائه وإشعاره بأنك محل ثقة، ولا تتكلمي في كلام أخيك، ولا تتكلمي في كلام الوالدة، وإنما اجعلي كلامك أنت مشحونا بالعاطفة وبالاهتمام به شخصيا، ومشحونا ببيان مستقبله وأهميته، إلى غير ذلك من الأمور التي يشعر من خلالها أنه لم يفقد مكانه أو مكانته في الأسرة، وأنه محل اهتمام من الجميع، فهذا من أهم العوامل التي تؤدي إلى النجاح والاستقرار وإلى ترك كثير من العادات المحرمة، وأما الإهمال وعدم الذهاب إلى الناس وعدم مراجعتهم يترتب عليه أن يكون الإنسان شإذن وأن يكون الإنسان عنيدا أكثر.
وعليكم بالدعاء له، خاصة دعاء الوالدة فإن دعاء الأم لولدها لا يرد كما ثبت ذلك عن النبي عليه الصلاة والسلام، نسأل الله لكم التوفيق والسداد، ونسأله تبارك وتعالى لأخيك الهداية والرشاد.
وبالله التوفيق.