أتلعثم عندما أتكلم مع شخص وعندما أتكلم لوحدي لا أتلعثم

0 529

السؤال

أنا شاب في سن 20 أعيش حياة مستقرة، ولكن لا أجيد التكلم جيدا! أتلعثم في الكلام، مع العلم أنني عندما أكون وحدي أتكلم جيدا وبدون تلعثم ولكن عندما أتكلم مع أي شخص كيفما كان أبدأ أتلعثم في الكلام، أرجوكم ساعدوني في حل مشكلتي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عمر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:

فإنه ليس من الواضح إذا كنت تعاني من أي نوع من القلق أو ما نسميه بالرهاب الاجتماعي، والرهاب الاجتماعي هو حالة تظهر لدى بعض الناس في المواقف الاجتماعية التي تتطلب المواجهة أو حتى في المواقف الاجتماعية العادية، وهذه الحالات تظهر لدى بعض الناس في شكل تلعثم في الكلام أو شعور بالضيقة والتوتر ومحاولة تجنب الموقف بسرعة، والبعض قد يتعرق لدرجة كبيرة أو يأتيه الشعور بالدوخة أو فقدان السيطرة على الموقف.

عموما حالتك لا تشير أنك تعاني من هذه العلة أو كنت تعاني منها فهو مجرد درجة بسيطة جدا من القلق الاجتماعي الظرفي. وعموما أيضا الذي أنصحك به هو أولا:

(1) أن تعيد تقييم نفسك؛ لأن الإنسان الذي يعتقد بأنه غير مجيد لأدائه كثيرا ما يكون هنالك مبالغة في مشاعره ويكون قد حكم على نفسه أحكاما ليست صحيحة، بمعنى أنه قد جسم وزاد من حجم المشكلة وهي في الواقع تكون أقل كثيرا مما يتصوره، هذه ظاهرة نفسية معروفة. فإذن الذي أود منك أن تتصوره وتقتنع به أن مشكلتك ليست بالضخامة وليست بالحجم وليست بالشدة التي تظنها.

(2) أؤكد لك أن الآخرين لا يقومون بمراقبتك ولا أعتقد أنه يأتي إلى انتباه هذا التلعثم وعدم القدرة على التعبير؛ لأنك في الغالب تكون تعبر بصورة جيدة ولكنك لا تلاحظ ذلك وتتصور خلاف ذلك وذلك لأسباب نفسية.

(3) يمكنك القيام بتمارين سلوكية بسيطة هي مفيدة ولكنها تتطلب المداومة، فعلى سبيل المثال: وأنت جالس في مكان هادئ تصور أنك تقوم بعرض موضوع أو تلقي محاضرة أمام مجموعة من الناس وأنت المتحدث الرئيسي وقمت بتقديم المحاضرة وكان تقديما جيدا، وبعد ذلك حصل نقاش وقمت بالاستماع إلى التداخلات المختلفة وقمت بالإجابة عليها، عش هذا الخيال لمدة لا تقل عن خمسة عشر دقيقة يوميا، هذا ضروري جدا.

ثانيا: الذي أرجوه هو أن تقوم بنفس الخيال مرة أخرى – خيال المواجهة – وأنك تلقي محاضرة أو تشارك في ندوة أو تقدم عرضا لموضوع معين أمام الآخرين، وقم بتسجيل ما سوف تقوله، أي قم بلعب الدور أو تمثيل الدور كما هو واقع، وهذا نسميه أيضا بـ (السيكودراما Psychodrama) أو (الدراما النفسية) أو (تمثيل الأدوار)، وهذا ذو فائدة كبيرة.

وبعد أن تسجل على المسجل ما قمت بإلقائه قم بالاستماع إليه مرة أخرى وبكل تمعن ودقة.

هذا التمرين وجد أنه يرفع كثيرا من ثقة الإنسان بنفسه ويعطيه الشعور بالراحة والاسترخاء مما يحسن من أدائه.

ثالثا: حاول أن تتكلم ببطء وبصوت عال، وحاول أن تربط الكلام بالتنفس، بمعنى أن تأخذ نفسا عميقا وبسيطا في بداية الكلام خاصة حين تخاطب الآخرين.

رابعا: وجد أن تلاوة القرآن وتعلم مخارج الحروف بصورة صحيحة تساعد الإنسان في المخاطبات الاجتماعية وترفع من مهاراته، فكن حريصا على ذلك.

خامسا: عليك حين تتحدث إلى الناس أن تتجنب اللغة الحركية، بمعنى ألا تكثر من استعمال يديك إلا حين يكون مطلوبا، وحاول أن تتبسم في وجوه الآخرين وأن تكون منبسطا ومنشرحا، وتذكر أن الذي تخاطبه إنسان مثلك وليس أحسن وليس بأفضل منك في أي شيء، هذا شعور مهم وضروري جدا، وحاول أن تنظر إلى الناس في وجوههم ولا تتجنب ذلك، وهذه أيضا مهارة اجتماعية ضرورية ومفيدة.

بقي أن أصف لك دواء بسيطا ومضادا للقلق ويساعد في مثل هذه الحالات، وحتى إن كان لك أي مكون من مكونات الرهاب أو الخوف الاجتماعي سوف يعالج عن طريق هذا الدواء، خاصة بعد أن تقوم بتطبيق التمارين التي أوردتها لك في بداية هذه الرسالة.

الدواء يمسى بـ علميا باسم (باروكستين Paroxetine) ويعرف تجاريا باسم (زيروكسات Seroxat) أو (باكسيل Paxil)، ويسمى في المغرب باسم (ديروكسات Deroxat)، فأرجو أن تبدأ في تناوله بجرعة نصف حبة (عشرة مليجرام) ليلا، استمر عليها لمدة أسبوعين، ويفضل أن تتناول العلاج بعد الأكل، وبعد انقضاء الأسبوعين ارفع الجرعة إلى حبة كاملة واستمر عليها لمدة أربعة أشهر، ثم بعد ذلك خفضها إلى نصف حبة ليلا لمدة شهرين، ثم توقف عن تناوله.
هذا من الأدوية الفعالة والسليمة جدا فأرجو أن تبدأ في تناوله.

بقي إرشاد أخير أرجو أن تلتزم به وهو تطبيق ما نسميه بتمارين الاسترخاء، توجد طريقة تسمى بطريقة (طريقة جاكبسون Roman jackobson) وهي طريقة مفيدة، وفي هذه الطريقة عليك أن تستلقي في مكان هادئ كغرفة خفيفة الإضاءة، ضع نفسك في وضع استرخائي ويمكنك أن تضطجع على السرير، وبعد ذلك أغمض عينيك وافتح فمك قليلا وتأمل في أمر سعيد وطيب، وخذ نفسا عميقا وبطيئا، واملأ صدرك بالهواء حتى ترتفع البطن قليلا، وبعد ذلك أمسك الهواء في صدرك لمدة خمس ثوان، ثم أخرج الهواء بكل بطء وبكل قوة، ويكون إخراج الهواء عن طريق الفم.

إذن العملية تتكون من تأمل استرخائي شهيق بطيء وقوي، ثم مسك الهواء في الصدر لفترة قليلة، ثم بعد ذلك الزفير يكون أيضا بقوة وبشدة وببطء. كرر هذا التمرين خمس مرات في كل جلسة بمعدل جلسة في الصباح وجلسة في المساء، وسوف تجد فيه - إن شاء الله تعالى – فائدة كبيرة جدا.

أرجو أن تكون أكثر ثقة في مقدراتك وأنا على ثقة تامة أنك لا تعاني من علة رئيسية، هو أمر بسيط وعارض وليس أكثر من ذلك.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونسأل الله تعالى أن يحل هذه العقدة من لسانك، وأن يجعلك في صحة وعافية وطاعة.

وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات