السؤال
السلام عليكم
عندما أتكلم مع أي فتاة في مجال العمل وأحس أنها ترغبني تبدأ رجلي بالارتجاف، ويزداد نبضي سريعا، ولا أستطيع إخراج الكلام ويحمر وجهي.
وقد بدأت هذه الحالة عندما كنت في الثالثة عشر من عمري، حيث مررت في أحد الشوارع وإذا ببنت شابة تقف عند باب بيتها تغسل الرصيف، وكنت عطشانا فطلبت منها ماء فأعطتني، لكنها كشفت عن فخذيها، فصدمت وبدأت رجلي ترتجف، وقد تركتها ونجاني الله منها، ومنذ ذلك الوقت أعاني من هذه المشكلة، فكيف أعالج هذه الحالة؟ وهل هذه الحالة تمنع من مجامعة الزوجة؟ وما هي الفحوصات التي يجب إجراؤها؟
علما بأني لم أتزوج رغم بلوغي 32 عاما، وأخاف أن تصيبني هذه الحالة ليلة الدخول فلا أستطيع القيام بحق الزوجة.
وشكرا لكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإن الخوف أو الرهبة من التعامل مع الفتيات غالبا ما يكون ناشئا من بعض المفاهيم التي غرست في الذهن حول الفتاة، وكذلك النظر إلى الفتاة نظرة ربما لا تخلو من مقاصد ليست بريئة وليست طيبة، ولا أريد أن أتهمك مطلقا بأي نوع من هذه المقاصد السيئة، ولكن هذا هو أحد الأسباب الرئيسية.
ومن الأسباب أيضا أن بعض الشباب أو الرجال يحاولون إظهار أنفسهم بغير حقيقتهم أمام النساء، بمعنى أن يظهر الإنسان الأناقة في تصرفاته ويحاول أن يكون حذرا وجذابا في حديثه، ويحاول أن يستقرأ آراء الفتاة ومن ثم يبني آراءه وأفكاره على ما يعتقد أنه سوف يجعله أكثر جاذبية أمامها وأنها سوف تقبل عليه.
هذا النوع من التفكير يجعل الشاب أو الرجل يظهر بغير حقيقته، وهذا النوع من الظهور لا شك أن فيه نوعا من التكلفة على النفس، فكل من يحاول أن لا يظهر على سليقته وطبيعته فإنه يولد قلقا داخليا في نفسه، وهذا يشكل عبئا على الأداء الاجتماعي ويقلل من المهارة الاجتماعية، وكذلك فإن الخوف من عنصر النساء فقط ينشأ للبعض نتيجة مفاهيم ومحاذير خاطئة، فالبعض قد يبحث لنفسه البراءة دون أن يكون مذنبا، بمعنى أنه يرى أن أي تواصل أو أي تخاطب مع المرأة ليس مقبولا ويجب أن لا يكون لديه أي تواصل مع النساء.. هذا أيضا ينشأ لدى البعض ويكون مبنيا على مفاهيم خاطئة.
وربما يكون الخوف من التعامل مع النساء وفقدان القدرة على التواصل الاجتماعي هو جزء عام مما نسميه بالقلق أو الرهاب الاجتماعي، وعموما لا أرى أن لديك مشكلة حقيقية، فعليك أن تكون حسن المقاصد حين تتكلم مع النساء، ونحن لا ندعو إلى الفوضى أو الاختلاط غير المبرر، ولا ندعو مطلقا إلى أن ينغمس الشباب والفتيات في التحدث فيما هو غير مشروع، هذا قطعا مرفوض ولا شك في ذلك.
وعليك أن تعلم أن هنالك بعض النساء لديهن الجرأة والسلوك الابتزازي لكسب ود الرجال، وأنت يجب أن تكون متفهما لذلك، وحقيقة ما يحدث لك أرى أن فيه خير، ولكن هذه الفتاة التي كشفت عن ساقيها لا أعرف إن كان قد تم هذا صدفة أو قصدا، وإن تم هذا قصدا فلا شك أن هذا تصرف ابتزازي وتصرف مرفوض ورخيص، وكونك استغربت وتعجبت وذهلت لهذا التصرف فهذا خير بالنسبة لك.
ويجب أن تعرف أن التواصل مع المرأة يجب أن يكون حسب الحدود والضوابط الشرعية، والشيء الذي أباحه لنا الشرع، وهذا في حد ذاته يجعلنا مطمئنين لتصرفنا، فأنت حين ترى أنك سوف تتكلم مع هذه المرأة في حدود ما هو مباح وفي حدود ما هو مشروع لا شيء يدعوك مطلقا للقلق، ولكن حين يعرف الإنسان أن التصرف الذي يقوم به غير مباح شرعا وغير مرغوب فيه فهنا إذا أتاه الخوف أو أتاه نوع من عدم القدرة على التواصل ففي هذا خير له، فأنت دائما كن حسن القصد حين تتحدث مع المرأة.
وينبغي أن تغض البصر عندما تتكلم مع النساء، فهذا مطلوب شرعا وذوقا، وفي رأيي سوف يعالج مشكلتك.
وأما بالنسبة للتعامل مع الزوجة فهو أمر مختلف تماما عن التعامل مع امرأة ليست زوجة أو امرأة لا تربطك معها صفة شرعية، فالتعامل مع الزوجة يحدث بالاختيار، والاختيار يعني القبول من جانبك ومن جانبها، وهذا يبني العلاقة الوجدانية والعاطفية وعلاقة التواصل الداخلية، ثم بعد ذلك يحدث عقد الزواج، وبعد أن يقع العقد هنا يكون الرباط رباطا شرعيا، فيزول أي حاجز نفسي.
وحين تدخل على زوجتك تأكد أنك متشوق لذلك وهي متشوقة لذلك وإن كانت لا تظهره، وأمر المعاشرة الزوجية يتم في ستر كامل، ولا يكون هناك أي نوع من الخوف، وقد يأتيك شيء من الرهبة البسيطة ومن القلق البسيط وهذا مطلوب لأن هذه تجربة جديدة وتجربة حياتية أساسية، وقليل من القلق وقليل من الرهبة أيضا يؤدي إلى اللطف ويؤدي إلى الرحمة حيال الطرف الآخر، فأرجو أن تطمئن، وعليك أيضا أن تستعين بالدعاء أن يجعل الله لك في ذلك خيرا، وأن يجمعكما على خير، ولا تتردد في أمر الزواج، والعلاج الأساسي أن تغير مفاهيمك وأن تعرف أن التعامل مع المرأة يقوم على ضوابط وحدود معينة ويجب أن لا نتعداها ويجب أن لا نتخطاها.
وحتى أكون أكثر اطمئنانا على حالتك وحتى أساعدك في زوال هذا القلق العام وهذه الوساوس التي تنتابك أود أن تتناول أحد الأدوية البسيطة جدا لفترة قصيرة، هذا الدواء يعرف تجاريا باسم (فافرين Faverin) ويعرف علميا باسم (فلوفكسمين Fluvoxamine)، أرجو أن تتناوله بجرعة خمسين مليجراما ليلا لمدة شهرين، ثم تتوقف عنه، وهذا الدواء إن شاء الله يزيل عنك هذا القلق والتوتر العام، وأرجو أن تتفهم العلاقة بين الرجل والمرأة بصفة عامة، وما هو شرعي وما هو غير شرعي، ولا أعتقد أنه سوف تواجهك أي مشكلة فيما يخص الزواج، فأقدم عليه.
نسأل الله لك التوفيق والسداد.
وبالله التوفيق.