ابني بعد تعرضه لرؤية قطة مباشرة أمامه أصبح يخاف من الخروج

0 677

السؤال

لدي ابن عمره ثلاث سنوات، تعرض فجأة لقطة على سلم العمارة وكان مع أمه وصرخا الاثنان سويا، ومن وقتها لا يخرج من باب الشقة إلا بصحبة أمه وبيديها، وأثناء ركوب السيارة لا أصف لك الرعب خوفا من ظهور قطة، ويبحث عنها بعينيه، ولا يطمئن حتى يدخل السيارة ويغلق الباب بنفسه وبسرعة! كأن القطة تجري وراءه.

هذه القصة مستمرة منذ ثلاثة أشهر، أضف إلى ذلك في الزيارات العائلية يلزم الجلوس بجوار أمه، وإذا أراد اللعب مع الأولاد يكون في الغرفة الموجود بها أمه، وإذا خرجا اكتفى بالمشاهدة لهم.

مع العلم أنه لم يكن كذلك من قبل، كان يتلهف على الخروج معي لأي سبب، بل على العكس كنت أتهرب منه في بعض الأوقات، وإذا رآني ولم آخذه معي كان يجهش في البكاء، وله أخ عمره سنة، وأنا أعمل مهندسا في السعودية، والأم مرافقة لي ولا تعمل، وهي مدرسة لغة عربية في مصر، لم نذهب إجازة منذ سنتين، ولذا لا أعرف صورة معاملاته مع الأهل.

جربت كل الطرق لترغيبه في الخروج معي بمفردي حتى أني آخذ أخاه الرضيع معي ولا يكون له ردة فعل، مع أنه لا يترك أخاه يأخذ منه أي شيء مثل الألعاب أو الأطعمة أو حب أمه، وهذا طبيعي لقرب السن.

أرجو منكم إعطائي الحل.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ أحمد الحصري حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فبارك الله فيك وجزاك الله خيرا.
إن ما حدث لهذا الابن -حفظه الله تعالى- ينطبق تماما على التجربة التي قام بها العالم السلوكي (وارسون) والذي عرض طفلا يبلغ من العمر أيضا ثلاث سنوات إلى أحد الفئران البيضاء، وكان هذا التعرض لهذا الفأر مفاجئ للطفل ومن ثم تولد لدى الطفل الخوف من الفأر، وهذا الحدث كان هو الذي جعل العلماء يتوسعون في علم النفس السلوكي، وخلصوا إلى أن المخاوف مكتسبة ومتعلمة، وبعد ذلك أتت النظرية العلاجية التي تقول: إن أفضل وسيلة للعلاج للمخاوف المكتسبة هو أن يعرض الشخص لمصدر خوفه ويمنع من استجابة الهروب أو عدم المواجهة.

الصورة التي أوضحتها هي صورة مثالية جدا لما يحدث في تعلم المخاوف، ولا شك أن صرخة الفاضلة والدة الطفل في نفس الوقت كانت هي الداعم الأساسي لبناء خبرة الخوف لدى الابن – حفظه الله -.

العلاج إن شاء الله بسيط وهو ليس بالصعب ولكنه يتطلب الالتزام والتطبيق.

أول طريقة للعلاج هي أن نحاول أن نحبب الطفل في الحيوانات بصفة عامة، وليس من الضروري أن يكون القط أحد هذه الحيوانات، وأفضل أن تأخذ الطفل إلى حديقة الحيوان بصفة مستمرة بمعدل مرتين أو ثلاثة في الأسبوع، وهذا نوع من التعريض.

ثانيا: أرجو أن تجلب دمية في شكل قطة للطفل، واجعل والدته وكذلك أنت تلاطفه وتلعب معه وتحضن هذه الدمية وتجعل الطفل يقوم أيضا بذلك.. هذا نوع من التعريض المتدرج، وفي نفس الوقت نقوم بجعل الطفل يشاهد صورا للقطط، وإذا كان هنالك أي إمكانية لجعله يشاهد صورا عن طريق الفيديو أو صورا متحركة للقطط وكيف أن القطة حيوان أليف ولطيف، وهذا أيضا يجعل الطفل يتقبل الأمر بالتدريج، ولابد أن يحفز الطفل معنويا في لحظة تعريضه لمصدر خوفه بأن يقبل ويحضن ويكافئ بأشياء عينية بسيطة.

يأتي الموضوع الآخر وهو التصاق الطفل بوالدته، هذا الالتصاق الجغرافي والوجداني أعتقد أيضا أنه جزء كبير في المشكلة التي يعاني منها الطفل.

هذا النوع من الملازمة من جانب الطفل لوالدته في كل الأوقات يدل على أنه يخاف مما نسميه بقلق الفراق أو الخوف من أن يعتريه مكروه إذا لم يكن بالقرب من والدته.

لا شك أن العلاج النظري والعملي هو أن تبتعد والدته منه بقدر المستطاع، أعرف أن الطفل سوف يحتج وسوف يصرخ، لكننا يجب أن نصبر على هذا الاحتجاج.

فعلى سبيل المثال يمكن أن تظل والدته داخل الغرفة وتغلق عليه الغرفة ولا تدعه يدخل، دعه يضرب على الباب ويبكي ويصرخ، بعد ذلك لا شك أن هذا الاحتجاج سوف يقل، ويمكن للطفل أن يبحث عن خيارات أخرى، بمعنى أن يبحث عن لعبة أو ربما يأتي إليك إذا كنت أنت موجودا، وبعد ذلك تتكون وتتطور لديه المقدرة على تحمل فراق والدته.

مثل هذه التمارين تحتاج إلى الصبر وتحتاج للتكرار، وأنصح كذلك بأن تتاح للطفل فرصة بأن يختلط مع بقية الأطفال، وهذا يعني بالرغم من أنه يبلغ من العمر ثلاث سنوات ولكن أعتقد انضمامه للروضة حتى وإن كان ذلك في سن مبكرة سوف يساعده كثيرا في التخلص من قلق الفراق الذي يعاني منه. أيضا ربما يرفض الطفل الذهاب للروضة ولكن لابد أن نصر بأن يؤخذ ويحمل إلى الروضة ويترك هنالك حتى وإن صرخ وهرول خلف والدته أو من يأخذه إلى الروضة.. هذه الاحتجاجات غالبا تنتهي بعد ثلاث أو أربع محاولات من جانب الطفل.. هذا علاج أساسي وضروري ومفيد.

الأمر في رأيي أيضا يتطلب أن يشرح للطفل بلغة مبسطة جدا فيما يخص القطط وبقية الحيوانات، فالأمر بسيط فقط يتطلب الصبر والتطبيق ومقاومة احتجاجات الطفل وتحفيزه على أي سلوك إيجابي يقوم به.

عموما أرجو ألا تنزعج، وأرجو أن تكون الفاضلة زوجتك حازمة بعض الشيء، ويجب أن تقاوم عواطفها ووجدانها الذي بالطبع سوف يجعلها تنجر نحو إرضاء الطفل وعدم تحمل صراخه واحتجاجه؛ لأنه بلا شك أن هذا النهج سوف يكون مضرا بالنسبة للطفل إذا تركنا له الاستمرار في هذه الاستجابات السالبة.

يوجد كتاب جيد جدا بالمكتبات، اسمه (أولادنا من الطفولة إلى الشباب) للدكتور مأمون مبيض، هو كتاب نفسي وتحليلي جيد جدا لكيفية التعامل السلوكي مع حالات الخوف لدى الأطفال وجميع اضطرابات السلوك الأخرى، والكتاب أيضا يساعد في فهم البناء النفسي للأطفال.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا.
وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات