موقف المرأة تجاه طلاقها ظلماً

0 519

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله.

أنا فتاة عمري 19 عاما، تزوجت منذ عام ونصف، ولكني طلقت بسبب غيرة أهل زوجي، وأشعر أني طلقت ظلما، حيث كنت أرى منهم الويل والحقد والكلام البذيء، وزوجي كان يرد على أمه، وكنت أعيش في خوف كبير، وكان يتهموني باتهامات بشعة، ورغم ذلك كنت طيبة ولم أقم بعمل شيء، وكنت أرضي حماتي وبناتها وزوجة أخي زوجي، وكنت أتعرض للضرب والإهانة من زوجي.

علما بأنهم أناس لا يصلون ودينهم ضعيف، وعندما تركت البيت بعثوا لي بورقة طلاقي، وبعد أن طلقت تزوج زوجي أغلى صاحبة عندي كيدا لي، لكن إيماني بربي أكبر ولله الحمد، وأقرأ القرآن كل يوم، وأحافظ على صلاتي، وأدعو ربي أن يأخذ لي حقي وأن ينصرني عليهم، وأنام دائما ودمعتي على خدي؛ لأن الظلم صعب، وأنتظر فرج الله، فانصحوني.

وشكرا لكم على الموقع الرائع.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نور حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله العلي الأعلى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يفرج كربتك، وأن يقضي حاجتك، وأن يعوضك عما فقدت خيرا، وأن يمن عليك بزوج صالح طيب مبارك يسعدك في الدنيا ويريحك فيها، ويكون عونا لك على طاعة الله ورضاه، كما نسأله تبارك وتعالى أن ينتقم لك ممن ظلمك، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

وبخصوص ما ورد برسالتك، فإنك قطعا تعرضت لظلم شديد، رغم أنك لم تفعلي شيئا، ولكن الله أكرمك ومن عليك بشيء عظيم وهو أنك تقرئين القرآن كل يوم وتحافظين على الصلاة وأنك تكثرين من الدعاء، وما حدث تجاهك يجعلك بين أمرين:

الأمر الأول: العفو عنهم ابتغاء مرضاة الله تعالى، حتى تكوني من العافين عن الناس؛ لأن الله قال: (( فمن عفا وأصلح فأجره على الله ))[الشورى:40]، وقال أيضا: (( والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس ))[آل عمران:134]، وقال صلى الله عليه وسلم: (وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا)، واعلمي أن من عفا عن الناس في الدنيا عفا الله عنه يوم القيامة؛ لأنك لن تأخذي منهم شيئا لو تضرروا أو تعرضوا لمشاكل أو مصائب.

الأمر الثاني: من حقك أن تكثري من الدعاء عليهم على اعتبار أنهم ظلموك، ويجوز للمظلوم أن يدعو على من ظلمه، فقد دعا الأنبياء على من ظلمهم، ودعا موسى عليه السلام على فرعون وقومه لأنه كان قد ظلم بني إسرائيل، فيجوز لك أن تدعي عليهم، ودعاؤك لن يرد؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام يقول: (دعوة المظلوم مستجابة) حتى وإن كان كافرا أو فاجرا.

إذن من حقك أن تعفي عنهم، وأن تطوي هذه الصفحة نهائيا، وأن تسألي الله عز وجل أن يغفر لهم ما حدث معك، وقطعا هذا العفو له ثواب عظيم عند الله تعالى، ومن حقك أن تكثري من الدعاء على من ظلمك، وهذا جائز شرعا.

واعلمي أن الله سيأتيك بعوض كبير؛ لأن الظلم لا يحبه الله، فالله تعالى لا يحب الظالمين وقد لعن الله الظالمين، قال سبحانه: (( وعنت الوجوه للحي القيوم وقد خاب من حمل ظلما ))[طه:111]، وقال أيضا: (( ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار * مهطعين مقنعي رءوسهم لا يرتد إليهم طرفهم وأفئدتهم هواء ))[إبراهيم:42-43]، فالظلم ظلمات يوم القيامة، والله سبحانه وتعالى يقول في الحديث القدسي: (يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا)، فثقي وتأكدي من أن الله سينتقم منهم انتقاما عاجلا في الدنيا قبل الآخرة.

وما عليك إلا أن تحافظي على ما أنت عليه من الطاعة والعبادة وقراءة القرآن وقيام الليل، وأبشري بفرج من الله قريب، واعلمي أن الذي يغير الواقع إنما هو الدعاء، وأنت ولله الحمد تكثرين من الدعاء، ولكن لا تشغلي نفسك بالدعاء عليهم وتنسي نفسك فلا تدعي لها، فأكثري لنفسك من الدعاء أن يعوضك الله خيرا، وأن يرزقك زوجا صالحا، واجعلي هذا همك الأكبر حتى يستجيب الله لك.

وعليك بالصبر فهو مفتاح الفرج، والصبر أهم عامل من عوامل التغيير، قال النبي عليه الصلاة والسلام: (واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسرا)، فأوصيك بالصبر والدعاء وكثرة الاستغفار؛ لأن الاستغفار يفتح أبواب الأرزاق وخزائنها، كما أوصيك بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والإكثار من ذلك قدر استطاعتك؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال لمن كان يصلي عليه كثيرا: (إذن تكفى همك ويغفر لك ذنبك)، نسأل الله أن يرزقك زوجا صالحا يعوضك خيرا عما فقدت ويكون عونا لك على طاعته ورضاه، وأن يغفر لنا ولك ولسائر المسلمين.

وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات