السؤال
السلام عليكم.
ابنتي عمرها 14 عاما، تكون سرحانة دائما وعلاماتها متدنية، رغم أنها كانت ممتازة وذكية في الدراسة، ومنذ ثلاث سنوات صارت تطيل الجلوس في الحمام، فعاقبتها أمها منذ عدة أيام بأن تجلس في الحمام فأطاعتها وجلست، وبعد أربع ساعات دخلت عليها وأمرتها بالخروج فرفضت، وقد عدت من العمل بعد ست ساعات ودخلت عليها فوجدتها حاولت الانتحار وقصت شعرها، مع أنها لم تطلب من أمها أن تسمح لها بالخروج من الحمام ولم تبك ولم تطلب أكلا أو ماء، ولم يكن الحمام مقفلا بالمفتاح، فساعدوني في الحل لكي لا يتكرر مثل هذا.
ولكم جزيل الشكر.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سعيد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإن هذه الابنة في أغلب الظن تعاني من اضطراب نفسي من نوع القلق أو الاكتئاب النفسي، وبجانب ذلك ربما يكون لديها أيضا اضطراب في الشخصية، بمعنى أن شخصيتها غير ناضجة مقارنة بعمرها الميلادي.
وقد ظننت أن جلوسها في الحمام لفترة طويلة ناتج من إصابتها بنوع من الوساوس القهرية، حيث إن المصابين بالوساوس القهرية - خاصة المتعلقة بالنظافة - يقضون أوقاتا طويلة في الحمام في وقت الاستحمام أو الاستنجاء، ولكن يظهر أن مكوثها في الحمام لفترة طويلة هو نوع من الاحتجاج ومحاولة لفت الانتباه لها ومحاولة استدرار عطف الآخرين أيضا، وهذا ليس تصنعا منها ولكنه تفاعل نفسي على مستوى العقل الباطني أو اللاشعور.
ومحاولة الانتحار في هذا العمر لا شك أنه أمر لا يمكن تجاهله ولا بد أن نهتم به كثيرا، ولا أعتقد أنها كانت تريد أن تقتل نفسها، ولكن ما قامت به هو نوع من صرخة المساعدة ومحاولة لفت النظر إليها واستدرار العطف، وإشارة تحذيرية للآخرين لأن يستجيبوا لطلباتها أو لا يقوموا بانتقادها وتوجيهها بصورة حادة.
وفي مثل هذه الحالات ننصح بأن يجلس أحدكم مع هذه الابنة – والدتها أو أنت أو أي شخص قريب لها – يطمئنها ويعطيها الأمان التام، ويجعلها تفصح وتتحدث عما بداخلها وتعبر عن مشاعرها بكل حرية، والتعبير عن النفس في حد ذاته يعتبر نوعا من العلاج الجيد، وهذا نسميه بالتفريغ النفسي؛ لأن الإنسان حين يخرج ما بداخله يشعر أنه أكثر ارتياحا واسترخاء وقبولا لنفسه وللآخرين.
فهذه الجلسات الحوارية تتطلب الصبر وتتطلب شخصا يكون لديه القبول لدى هذه الفتاة، وفي نفس الوقت يحاول أن يحفزها وأن يشجعها حتى يعرف ما هي مشكلتها، وننصح بالابتعاد عن أساليب الانتقاد الشديد أو الترهيب، ونشجع في مثل هذه الحالات على الترغيب وتحفيز الفتاة وإشعارها بأنها مرغوب فيها وأنها عضو مهم وفعال في الأسرة، فهذه هي الأسس العلاجية الرئيسية.
وأما الدراسة فيجب أن تشجعوها وأن تجعلوها تنظم وقتها بصورة صحيحة، وأن لا تنتقد كثيرا على ما مضى، ولكن تنبه على أهمية الاهتمام بالدراسة والحصول على درجات أعلى حتى تواصل دراستها الجامعية بعد إكمال المرحلة التي هي فيها.
وهذه الابنة حفظها الله ربما تحتاج أيضا لدواء بسيط يساعد في زوال القلق والتوتر، وحتى إن كانت تعاني من اكتئاب نفسي سوف يساعدها هذا الدواء، الدواء يعرف تجاريا باسم (فافرين Faverin) ويعرف علميا باسم (فلوفكسمين Fluvoxamine)، والجرعة المطلوبة في حالتها هي خمسين مليجراما ليلا لمدة ستة أشهر، ثم بعد ذلك يمكن إيقاف الدواء.
وإذا تم فحص هذه الابنة بواسطة طبيبة نفسية يكون هذا هو الأفضل؛ لأن بعض هذه الحالات تتطلب جلسات كلامية خاصة، وهذه لن تكون متاحة إلا بواسطة الحوار المباشر بينها وبين الطبيبة، نسأل الله تعالى لها العافية والتوفيق ونشكركم على تواصلكم مع موقعكم إسلام ويب.
وبالله التوفيق.