السؤال
طلبت من أم زوجتي أن لا تزورنا يوميا فغضبت زوجتي وذهبت لأمها مع ثلاثة من أولادي، ففرحت أمها ومنعتها من الرجوع لبيتها انتقاما مني، فأطاعت أمها وبقيت عشرين يوما، فأرسلت لها من عائلتها في طلبها فأبت أن ترجع تحت ضغط أمها، فماذا أفعل؟
طلبت من أم زوجتي أن لا تزورنا يوميا فغضبت زوجتي وذهبت لأمها مع ثلاثة من أولادي، ففرحت أمها ومنعتها من الرجوع لبيتها انتقاما مني، فأطاعت أمها وبقيت عشرين يوما، فأرسلت لها من عائلتها في طلبها فأبت أن ترجع تحت ضغط أمها، فماذا أفعل؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ منير حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يصلح لك زوجتك، وأن يردها إليك مع أولادها، وأن يصلح ما بينك وبين أم زوجتك، وأن يعيد إليكم الأمن والأمان والسعادة والاستقرار، وأن يذهب عنكم كيد شياطين الإنس والجن، إنه جواد كريم.
وبخصوص ما ورد برسالتك، فإنه من حق الرجل أن يمنع أي أحد أن يزوره في بيته، فهذا حقه الشرعي، ولكن ينبغي أن ينظر في هذا الحق إلى تفصيلات: هل زيارة أم زوجتك لكم في بيتكم يترتب عليه مشاكل أم لا؟ فإذا كانت تتدخل فيما لا يعنيها أو تحاول تسيير سياسة المنزل على رغبتها أو طريقتها، أو تؤلب زوجتك عليك أو تقويها عليك أو تجعلها تخالف أوامرك أو تتدخل في شؤونك الخاصة والعامة، ففي هذه الحالة ستكون مزعجة ومن حقك أن تمنعها؛ لأنها تسبب ضررا لك ولأهلك.
وأما إذا كانت الأمور ليست بهذه الصفة، والمرأة تزور ابنتها على اعتبار أنها قريبة منها من بيتها وتجلس معها وأنت لا تتأثر بذلك، فأرى أن تمسكك بهذا الحق ليس له كبير فائدة، بل إنه قد يلحق الضرر الذي حدث، فأتمنى أن تراجع نفسك في ذلك.
فإذا كانت هناك فعلا أخطاء أو خطر في هذه الزيارة فمن حقك أن تحدد الزيارة ولو بأيام معدودة ويتم الاتفاق على ذلك، وأما إذا لم يكن هناك خطر فأتمنى أن تذهب لأم زوجتك وتعتذر لها حتى ترد زوجتك وأولادك، ما دامت المشاكل منتفية في وجودها؛ لأنه ليست كل حماة تفسد ما بين ابنتها وزوج ابنتها، بل إن أم الزوجة حريصة دائما على استقرار ابنتها أكثر من استقرار زوجة ابنها، وتهتم بابنتها وتتمنى لها السعادة وتتمنى لها الانسجام مع زوجها، فهذه طبيعة أمهات النساء كلهن في العالم كله، إلا أنها قد تتدخل من باب المصلحة التي ترى من وجهة نظرها أنها مصلحة، ومن باب الحرص على أشياء معينة قد ترى أنها مطلوبة، وكل هذا قد يتصادم أو يتعارض مع شخصية زوج البنت أو مع شخصية البنت نفسها، فإن بعض البنات قد تتأذى من تدخل أمها في حياتها، لأنها كأنها تفرض عليها نوع من السيطرة وتريد أن تسيرها في حين أنها قادرة على ذلك.
ولذلك إذا كانت حماتك أم زوجتك لا تسبب أي مشاكل في بيتك أو مشاكل بسيطة فأرى أن لا تأخذ أحدا معك وأن لا توسط أحدا، بل تذهب بنفسك وحدك إلى بيت أم زوجتك وتعتذر لها وتقبل رأسها؛ لأن أم زوجتك كأمك، وبذلك سترضى عنك وسترسل معك زوجتك وأولادك وتنتهي المسألة.
وأما إذا كان وجودها يسبب مشاكل وتشعر بأنها تؤثر على مسيرة الأسرة، فمن الممكن أن تستعين ببعض المعروفين لدى الأسرة والذين لهم تأثير في حياتهم وأن تتكلم معهم وأن تناقش معهم المسألة من حيث المبدأ.
وليست القضية الآن قضية زوجتك؛ لأن زوجتك سترجع إليك إن شاء الله، ولكن قضية جدولة الزيارات، وتقول لا مانع عندي من الزيارة ولكن لتكن زيارة أسبوعيا، حتى تقلل نسبة تواجدها في البيت إذا كنت تتضرر من ذلك، فأحيانا قد تكون الشقة ضيقة أو البيت ضيق والزوج لا يأخذ راحته في وجود حماته؛ لأنه أمام زوجته وأولاده قد يستريح في النوم وفي تخفيفه في الملابس، وقد يتعامل مع امرأته بطريقة معينة، وأما إذا كانت أمامه حماته فإنه قد يتوقف عن ذلك كله، رغم أنه قد يكون سعيدا بها.
وأنت تحتاج إلى أن تتنازل حتى تعود إليك امرأتك؛ لأن زوجتك قد انتقلت إلى صف أمها، وقد تكون امرأة ليس عندها قدر من الحكمة والعقل فقد تضحي بحياتها من أجل أمها، وهذا أيضا متوقف على مدى عقلية زوجتك، فإذا كنت ترى أنها امرأة عاقلة وأن هذا الموقف رد فعل وأنها لا يمكن أن تستغني عنك، فأرى أن المسألة مسألة وقت وتتركها أيضا حتى وإن لم تتوسط مع أحد مثلا لمدة شهر أو يزيد قليلا، لأنها بنفسها سوف تختلق أي سبب لتتكلم معك حتى تعود.
وأما إذا كان عندها بعض الرعونة أو بعض الغرور فإنها قد تستمر في عملية التدمير التي هي عبارة عن بعد عن من منزل الزوجية والإقامة مع والدتها، فأتمنى أن تعجل بسرعة بإحضارها لأنها قد لا تعود إلا بهذه الكيفية، حتى وإن قدمت التنازلات كلها، وطلبت من أمها أن تزورك يوميا فلا مانع، حفاظا على زوجتك وأولادك، وأما إذا كانت امرأتك امرأة عاقلة، وامرأة واعية، وعندها نوع من الحكمة وتحبك، فأعتقد أنك لو تركتها فسوف تتألم أكثر منك، ولعلها تختلق أي سبب لتتكلم معك حتى ترجعها، وفي هذه الحالة لابد أن تتكلم مع زوجتك بين الحين والآخر، وتتواصل معها بالهاتف وتحثها على العودة، وتذكرها بأنكم أسرة وأنك تحبها، فإذا كانت امرأة عاقلة فسوف ترسم لك طريقة العودة إلى البيت، وسوف تبين لك الآلية التي تستعملها لإرضاء أمها.
وأوصيك بالدعاء أن يصلح الله ما بينك وبين زوجتك، وأكثر من الدعاء لزوجتك أن يبصرها الله بالحق وأن لا يحرمك منها ومن أولادك، وأيضا تكثر الدعاء لنفسك أن يرزقك الله الحكمة والسداد في الرأي والتوفيق في القول، وتكثر كذلك من الصلاة على النبي محمد صلى الله عليه وسلم؛ لأن الصلاة عليه تقضى بها الحوائج وتفرج بها الكربات، نسأل الله لك التوفيق والسداد، وأن يرد إليك زوجتك عاجلا غير آجل، وأن يصلح ما بينك وبين حماتك، إنه جواد كريم.
هذا وبالله التوفيق.