نصيحة لرجل كرهته زوجته الأولى وألَّبت أولاده عليه

0 724

السؤال

السلام عليكم.

أنا متزوج من زوجتين، الأولى منذ ثلاث وعشرين سنة، والثانية منذ إحدى عشر سنة، والمشكلة أن زوجتي الأولى كرهتني وكرهت أولادي في، وأصبحت في البيت بينهم غريبا، وأنا قد تجاوزت الأربعين، وأرهقوني ماديا بكثرة طلباتهم، وأحاول أن أسدد وأقارب، فأصبحت أدخل ساكتا وأخرج ساكتا بدون كلام أو نقاش، فما هو الحل؟!

وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو ماجد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك (إسلام ويب)، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله العلي الأعلى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يصلح لك زوجتك، وأن يصلح لك أولادك، وأن يجعل بينكما المودة والرحمة والتفاهم والانسجام، وأن يذهب عنكم كيد شياطين الإنس والجن، وأن يعينك على العدل والإنصاف، إنه جواد كريم.

وبخصوص ما ورد برسالتك؛ فإن الزوجة الأولى إذا تزوج زوجها عليها تشعر بأنه قد طعنها في كرامتها وقد خانها، وقد اتهمها بأنها لم تكن زوجة صالحة، وقد فضل غيرها عليها، وقد خان الأمانة ونقض العهد.. إلى غير ذلك من الاتهامات كما لو كان الإنسان قد ارتكب جرما في حق الإنسانية كلها، وتنسى الزوجة أو تتناسى بأن هذا هو شرع الله تعالى، وهذا ليس شيئا خاصا بزوجتك أو بزوجتيك، وإنما بكل نساء المسلمين مع الأسف الشديد؛ لأن التعدد الشرعي عندنا، وأما عند غيرنا فحياتهم كالبهائم لا فرق عندهم بين هذا وذاك.

والمشكلة تكمن في الزوجة المسلمة التي ترى بأن هذا شرع الله تعالى، ولكنها رغم ذلك إن حدث لها ذلك فإنها تتهم زوجها باتهامات كبيرة، بل إن بعض الزوجات تقول: إن زوجي لو مات فإن ذلك أهون علي من أن يتزوج علي! إلى غير ذلك من المواقف العدائية التي يؤزهم الشيطان إليها ويدفعهم إليها دفعا، فزوجتك الأولى امرأة من هؤلاء النسوة اللاتي لديهن هذا الفهم الخاطئ وهذا التصرف غير الشرعي.

وترتب على ذلك أن الأولاد أصبح موقفهم كموقف أمهم؛ لأنك تأتيهم يوما بعد يوم، وأما الذي معهم ويغذيهم طيلة الليل والنهار إنما هي الأم، ولذلك فإن تصرف الأولاد في الغالب يكون هكذا، وهذا ليس عندك وحدك وإنما في غالب البيوت التي فيها تعدد، حيث نجد أن الأولاد ينحازون إلى أمهم وأن الأم تسيطر عليهم، وقد تستطيع أن تملأ قلوبهم كراهية وحقدا على أبيهم وعدم الاحترام والتقدير له.. إلى غير ذلك، بل وإشعاره بأنه غريب وأنه لا قيمة له في البيت، وأنه شخص غير مرغوب فيه.. إلى غير ذلك.

والحل يكون بأن تواصل ما أنت عليه من القسمة الشرعية، حتى لا تحدث لك لنفسك مشكلة مع الشرع أيضا، فأنت بينك وبين زوجتك مشكلة، وهي الكراهية لك وكراهية أولادك لك وإرهاقك بالمصاريف وكثرة الطلبات، ولكنك الآن سالم لأنك تذهب إليهم في الوقت الذي أعطيته لهم، سواء كانوا قبلوك أو لم يقبلوا، المهم أنك موجود؛ لأن القسمة لا تسقط إلا إذا أسقطتها المرأة بنفسها، وهي الآن تضغط عليك بهذا حتى تقع في الخطأ وهو مسألة الهجر وعدم الذهاب إليها، وما دامت لم تحلك من حقها ولم تطلب منك عدم الذهاب إليهم فلابد أن تواصل الذهاب إليهم وفق القسمة الشرعية، وعليك أن تصبر وتدعو؛ لأن الله جل جلاله قال عن زكريا عليه السلام: (( وأصلحنا له زوجه ))[الأنبياء:90]، والعلماء عندما تكلموا عن إصلاح زوجة زكريا عليه السلام قالوا: إنها كان في لسانها حدة، ولذلك أذهب الله عنها هذه الحدة وتلك الشدة، وقيل: إنها كانت لا تنجب فجعلها الله تبارك وتعالى تنجب، كما ورد في الآية أن الله أكرمهما بيحيى بعد فترة طويلة من الزمن.

إذن: عليك بالصبر والدعاء، وألا تؤدي هذه الضغوط عليك إلى تضييع الحق الشرعي، حتى لا تفتح على نفسك جبهة المعصية بأن تعصي الله تعالى وتخالف أمر نبيه صلى الله عليه وسلم في عدم العدل في المبيت، فواصل على ما أنت عليه، وحاول أن تتحلى بالصبر الجميل وأن تسدد وتقارب، وأن تكثر الدعاء لزوجتك وأولادك بالهداية، ومن الممكن أن تأخذ أولادك واحدا واحدا وتتكلم معهم، وحاول أن تفهمهم وتبين لهم حقيقة الأمر.

وكذلك أيضا زوجتك الأولى تنفرد بها وتتكلم معها، وتقول لها: لماذا هذه الكراهية؟ ولماذا تجعلي أولادي يفعلون بي ويعاملوني هذه المعاملة؟ أنسيت أن هناك يوما لا مرد له من الله؟ وأني شاكيك إلى الله، وأني غير راض عنك حقيقة نتيجة هذه الأشياء؟! حاول أن تستعمل هذا الجانب العاطفي الإيماني، وهو أسلوب الترهيب من أن هذه المسائل لن تمر دون مؤاخذة من الله تعالى، لعل الله أن يصلحها، واجتهد في العدل ولا تقصر في ذلك، حتى لا تفتح على نفسك باب شر آخر وهو معصية الله تعالى، نسأل الله لك التوفيق والسداد، كما أسأله تعالى أن يجعل لك من لدنه وليا ونصيرا، وأن يجعل لك على الخير أعوانا، وأن يصلح لك زوجتك وأولادك، إنه جواد كريم.

وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات