القلق النفسي المصحوب بارتجاف الأطراف وارتفاع ضغط الدم وكيفية علاجه

0 457

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

منذ ثلاث سنوات أصابني مرض لا يستطيع الأطباء أن يصفوه بوصف نهائي، إلا أنهم قالوا لي أنني أصبت بالاكتئاب، ولا أستبعد أن يكون عندي اكتئاب، لكن ليس إلى حد أني أسقط فاقدا الوعي.

وخلال هذه السنوات الثلاث تغيرت كثيرا، وأصبحت أخشى الله إلى درجة أني عندما أقرأ القرآن تسوء حالتي وأبدأ بالبكاء حتى يهدئني أحد أقاربي كأمي أو زوجتي، ولقد ألهم في قلبي حب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم والذي لم أكن أشعر به قبل ثلاث سنوات، وأصبحت أرى كثيرا في المنام الأنبياء والمصلين في المساجد.

وأريد أن أذكر علامات مرضي - وأستغفر الله لتسميتي هذه الحال مرضا -: (ارتجاف كل الجسم، فقدان الوعي، برودة في اليدين والرجلين، الضغط العالي للدم، دوخة)، وعندما تطرأ علي هذه الحال دائما أتلفظ بكلمات: (الحمد لله) وأكرر (لا إله إلا الله)، وأشعر أن الله يطهرني من الذنوب، وأن ما يحصل لي رحمة لي منه تعالى، فبماذا تنصحوني تجاه هذه الحالة؟!

وشكرا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Abdullah حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن الحالة التي تعاني منها فيها الجانب النفسي، بالرغم من توجهك نحو الالتزام الديني الشديد – هذا لا شك أنه أمر مفرح ومسر – ولكن لابد أن نكون واضحين معك ونقول لك أن هناك بعض اللمحات وبعض المؤشرات التي تدل على أنك تعاني من حالة نفسية، وهذه الحالة النفسية ليست اكتئابا حقيقيا، وإنما ربما يكون لديك اكتئاب بسيط مع وجود نوع من القلق الداخلي، وبسبب صبرك ولجوئك للدين كدفاع نفسي حقيقي يجعلك ذلك تكون رقيق القلب، وهذه الرقة في قلبك تضخم وتجسد لك عمل الطاعة.

ويوجد جانب آخر وهو أنه كثيرا ما يشاع في مجتمعاتنا أن الإنسان يمكن أن ينقل نفسه نقلات إيحائية مرتبطة بالعبادة، وهذه النقلات الإيحائية تجعله يعيش في عالم آخر، وهذه حالة من القلق الاكتئابي الداخلي، وأنت تلجأ للدين وللالتزام وللتقرب إلى الله كوسيلة لحماية نفسك، وهذا لا شك أنه شيء جيد ولكنه يضع عليك عبئا نفسيا كبيرا للدرجة التي يرتفع فيها ضغط الدم وتصاب بهذا الارتجاف، ولا نقول فقدان الوعي الكامل، ولكنه الانتقال من حالة مزاجية إلى حالة مزاجية أخرى تؤثر على مستوى التركيز والوعي والاستدراك.. هذا هو الذي أراه في حالتك.

وهناك أيضا حالة أخرى تشبه حالتك، ولكني لا أعتقد أنها تنطبق عليها، ولا أريدك أبدا أن تقلق لهذا الأمر أو أن تأخذه بحساسية، وهو أن بعض الناس يكون لديهم زيادة في كهرباء منطقة في المخ تسمى بالفص الصدغي أو الفص الخلفي، وهذه الجزئية من المخ هي التي تتحكم في وجداننا وعواطفنا ومزاجنا، ووجد أن الإنسان حين تحدث له هذه النوبات تختلف مشاعره كمعنى من المشاعر العادية حين يكون هناك نشاط لهذا الإفراز الكهربائي الزائد.

وهذا يتم تأكيد تشخيصه بإجراء تخطيط للمخ، وبالرغم من أن التشخيص يكون معتمدا لدرجة كبيرة على هذا التخطيط، ولكن هناك بعض الحالات التي قد لا تظهر أيضا في التخطيط، وعليه أقول لك ليس هناك داع لأن تذهب وتجري هذا التخطيط إلا إذا كان أمرا متيسرا.

وبالنسبة لضغط الدم العالي فإنه ربما يكون نوعا من الضغط العصابي أو ما نسميه بالضغط العصبي، ولكني لا أريدك أن تراقب ضغط الدم لديك، وسوف أصف لك أحد الأدوية التي أراها مفيدة وسوف أضيف له دواء آخر أعتقد أيضا أنه سوف يساعدك كثيرا في اختفاء هذه الحالة وتعديل مزاجك وربطك بالواقع بصورة معقولة.

والدواء يعرف تجاريا باسم (دبكين كورونو Depakine chorono) ويسمى علميا باسم (فالبرك أسيد Valopric acid)، أرجو أن تتناوله بجرعة خمسمائة مليجرام ليلا لمدة ستة أشهر، ثم تراقب حالتك إذا تحسنت حالتك عليه بصورة جيدة وممتازة استمر عليه لمدة ستة أشهر أخرى، ثم بعد ذلك خفض الجرعة إلى مائتي مليجرام ليلا بعد أن تكمل سنة كاملة على العلاج.

واستمر على جرعة مائتي مليجرام ليلا لمدة شهرين، ثم توقف عن تناول الدواء.
العقار الآخر الذي أودك أن تتناوله يعرف تجاريا باسم (فافرين Faverin) ويعرف علميا باسم (فلوفكسمين Fluvoxamine)، أرجو أن تتناوله بجرعة خمسين مليجراما ليلا لمدة شهر، ثم بعد ذلك ارفع الجرعة إلى مائة مليجرام ليلا لمدة ستة أشهر، ثم خفض الجرعة إلى خمسين مليجراما ليلا لمدة ثلاثة أشهر، ثم توقف عن تناول الدواء.

هذه الأدوية من الأدوية السليمة المحسنة للمزاج والمثبتة أيضا للمزاج والمشاعر الوجدانية الداخلية، وإن شاء الله تعالى سوف تختفي منك هذه الحالات الارتجافية وفقدان الوعي الذي تعاني منه.

ولا شك أن انتهاج الوسطية في الدين مع الالتزام القاطع بالعبادات هو المنهج الأفضل، وحقيقة أنا أريدك أيضا أن تجالس العلماء متى ما كان ذلك متاحا لك، إمام المسجد سوف يفيدك إن شاء الله وسوف تجد منه المساندة والاستبصار، ونشكرك كثيرا على تواصلك مع إسلام ويب.

وبالله التوفيق.
=======================================
انتهت إجابة المستشار النفسي د. محمد عبد العليم، ولإتمام الفائدة واكتمال الجواب تم عرض استشارتك على المستشار الشرعي الشيخ/ أحمد الفرجابي، فأجاب قائلا:

فلا شك أن قولك أنك أصبت بمرض لا يستطيع الأطباء وصفه شعور ينبغي أن يختفي؛ لأن الاستمرار على الهم والغم والخوف والاضطراب لا يساعد في الوصول إلى العافية، ولا يخفى على أمثالك أن الناحية النفسية أساس في العلاج، فاطرد عن نفسك الهموم ولا تحمل نفسك ما لا تطيق، وتوكل على الحي الذي لا يموت، ومن بذل الأسباب فقد أدى ما عليه، ومن الكمال له أن يتوكل بعد ذلك على الوهاب، وأن يتوجه بالدعاء وأن يسلك للصالحات الأبواب.

ولست أدري هل قرأت على نفسك الرقية الشرعية، فإنك أخلص الناس وأحرصهم على مصلحة نفسك؟ وهل عرضت نفسك على راق شرعي منضبط بأحكام وآداب الشرع الحنيف؟ وهل أنت مواظب على أذكار المساء والصباح؟ وكيف كانت حالتك قبل السنوات الثلاث؟ وهل تذكر أسبابا مباشرة لما حدث لك؟

وأما بالنسبة للعبادة فإننا ندعوك إلى أن تخفف على نفسك وأن تدرك أنه لن يشاد الدين أحد إلا غلبه، فأوغل فيه برفق، ولا تكلف نفسك ما لا تطيق، فإن ذلك يدفعها للهلاك، واعلم أن لنفسك عليك حقا فأعطها حقها من الغذاء وحظها من الراحة، واقترب من أهل العلم الفضلاء، مع ضرورة أن يأخذ كل شيء في حسابك حجمه المناسب، واحرص على استخدام الأدوية المذكورة لك فإنها سبب لبلوغ العافية بأمر الله واهب الصحة والعافية.

وهذه وصيتي لك بتقوى الله، ثم بكثرة اللجوء إليه، وأرجو أن نسمع عنك الخير، وكتابتك إلينا بهذا الموضوع يدل على أنك تقف على أبواب الشفاء، فتوجه إلى من وضع الأرض ورفع السماء، ونسأل الله أن يجمعنا بخاتم الأنبياء، ومرحبا بك مجددا في موقعك، وهذا دعاؤنا لك.

وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات