لديه طموح لكنه يصطدم بنظرته السلبية لنفسه

0 391

السؤال

السلام عليكم.

أنا إنسان أحلم بعالم جديد، وأحب إيجاد حلول للمعضلات والمشاكل وتغيير الأحوال القبيحة في المجتمع إلى أحوال طيبة ومحمودة وأحب الإصلاح والتشييد، ولكني أتساءل: هل يمكن لمثلي أن يفلح في هذه الأمور؟

فأنا لا أملك مالا، وعشت عمري كله مستضعفا ومحتقرا لا يؤبه لي!

هل يمكن أن يعطي الله مثل هذه الأمور لتافه مثلي؟

هل ثمة في التاريخ من كان في مثل حالي ثم غيره الله وأعطاه واستعمله في الإصلاح في الأرض؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Mahdi حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:

فبارك الله فيك، وجزاك الله خيرا. ونشكرك على تواصلك مع استشارات إسلام ويب.

إن الأمر الأول الذي أثرته هو أنه لديك نوع من أحلام اليقظة تود من خلالها أن تحل المعضلات، وأن تصلح أمر الناس وتغير الأحوال القبيحة في المجتمع، هذه مشاعر طيبة ومشاعر جيدة، وحقيقة هي آمال في نفس الوقت تدل على حسن خلقك وأنك تريد الخير لنفسك وللآخرين، ولكن يأتي الإشكال الأساسي في الأمر الثاني، وهو أنك تقلل من قيمة نفسك وتحتقر نفسك لدرجة الازدراء، وهذا ليس أمرا محمودا.

أنا أجد لك العذر في مثل هذه المشاعر لأنها أخذت الطابع الوسواسي، أنت لديك اندفاعات في شكل آمال تريد من خلالها أن تغير الناس والمجتمع إلى ما هو أفضل، ولكن الاندفاعات الأخرى المضادة لها هي أنك تحقر قيمة ذاتك بشكل محزن جدا.

فالذي أدعوك إليه أن تنظر إلى الأمور بوسطية، وألا تحقر أبدا من ذاتك، وأن تنظر إلى نفسك بمقاييس جديدة ومسئولية، أعط نفسك حقها، وابدأ بتغيير تفكيرك حيال نفسك.

أنت قلت: إنك عشت كل عمرك مستضعفا ومحتقرا لا يعتد بما تقول، ولا يعيرك الآخرون أي اهتمام.

أعتقد أيضا أنك قد قسوت على نفسك في هذا الحكم، ربما يكون نظرة بعض الناس لك سلبية، ولكن يجب ألا تأبه لهم، يجب ألا تعير حكم الآخرين أي اهتمام، هذه أيضا أعتقد أنها فكرة لا تخلو من الطابع الوساوسي التصقت بتفكيرك وحاولت أن تجد المبرر لنفسك أنك لا يمكن أن تقوم بأي عمل إيجابي ومفيد.

الذين ساهموا مساهمات فعالة في التاريخ كانوا لا يدركون مقدراتهم الحقيقية، ولكنهم اجتهدوا وثابروا وكانوا مرتبطين بالواقع، فأنت لا شيء يمنعك أن تساهم في إصلاح الناس وفي إصلاح المجتمع، حاول أن تغير الأمور بيدك ما استطعت إلى ذلك سبيلا وحسب ما هو متاح، وحاول أن تغير بعض الأمور بلسانك، وحاول أن تغير بعضها بقلبك وهذا هو أضعف الإيمان...هذا هو المبدأ الذي يجب أن تنتهجه.

أنت لست مطالبا بتغيير المجتمع، ولست مطالبا بتغيير الناس وطباعهم وسلوكهم الغير مقبول، ولكنك مطالب بأن تناصح في حدود ما هو ممكن وفي حدود ما هو معقول.

إذن خلاصة الأمر أقول لك: من الضروري أن تغير تفكيرك حول نفسك، واعلم أنه لا توجد استحالة في أن يساهم الإنسان في إصلاح نفسه وإصلاح من حوله. زود نفسك بالعلم الشرعي وعلوم الدنيا ما أتيحت لك فرصة في ذلك، وهذه هي الأسلحة الطيبة التي يستطيع الإنسان من خلالها أن يغير نفسه ويغير الآخرين.

بجانب ما ذكرته لك من آراء بسيطة وقد تكون معلومة بالنسبة لك، ولكني أريدك أن تتمعن فيها عسى أن يكون فيها خير لك، بجانب ذلك أرى أنه سيفيدك أحد الأدوية المضادة للشعور بالإحباط وسيطرة الوساوس، هنالك عقار يعرف علميا باسم (فلوكستين Fluoxetine)، أرى أنه سيساعدك ويجعلك على الأقل في نوع من الاستقرار والتواؤم النفسي الداخلي، وهذا - إن شاء الله تعالى – يرجعك لأن تفكر بصورة فيها واقعية أكثر بعيدة عن سطوة القلق والوساوس. ابدأ على بركة الله في تناول فلوكستين، واسمه التجاري (بروزاك Prozac) - وربما له مسميات تجارية أخرى في تونس، المهم أن تسأل عنه تحت مسماه العلمي فلوكستين – ابدأ في تناوله بجرعة عشرين مليجراما ليلا، ويفضل أن تتناوله بعد الأكل، استمر على هذه الجرعة لمدة شهر، ثم بعد ذلك ارفع الجرعة إلى كبسولتين (أربعين مليجراما) في اليوم، واستمر عليها لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفضها إلى كبسولة واحدة يوميا لمدة ستة أشهر، ثم توقف عن تناول الدواء.
أعتقد أن هذا الدواء سوف يساعدك كثيرا -بإذن الله- من أجل أن تبني مشاعر نفسية تكون أكثر إيجابية واستقرارا.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا. ونسأل الله أن يصلح أمرك وأمرنا وأمر جميع المسلمين.
وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات