عدم الاندماج مع الآخرين وبطء في الفهم وعصبية في التعامل

0 471

السؤال

ابني عمره 17 عاما، في الصف الخامس الأدبي، وصل لهذه المرحلة بعد جهد فوق الطبيعي من قبلي، وفي طريقة تدريسه يعاني من بطء في أي عمل يقوم به، يردد الكلمات مع نفسه، عصبي دائما، لا يضحك أبدا، ينسى أي عمل تكلفه به، متردد في كل شيء، يعاني من عدم إمكانية الاندماج مع الآخرين وتكوين أي حديث مع أي شخص، ولكنه يستطيع الإجابة على الأسئلة فقط.

وبعد تشخيص الحالة من الطبيب النفسي قال: إنه مصاب بالذهان. وأعطاه مجموعة أدوية، أحد الأدوية - بعد زيادة الجرعة - جعله ينظر فقط بالسقف فتم تقليل الجرعة من قبل الطبيب، والآن تظهر أعراض أخرى بعد مرور شهر ونصف على العلاج، وهي العصبية المفرطة لدرجة الغلط علي وعلى أبيه لأسباب تافهة، واضطهاد إخوته، وعدم قدرته على التركيز في الدراسة نهائيا.

علما أن طريقة الدراسة هي جلوسي بجانبه، وترديد المادة من قبلي ومن قبله، فهل أستمر على العلاج وهذه الأعراض طبيعية أم أترك العلاج وأذهب إلى طبيب آخر؟!

فأعينوني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ هاجر البغدادي حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فلا شك أن هذا الابن يعاني من محدودية في الذكاء وقوته المعرفية، كما أن الكلام لديه لم يتطور بالدرجة التي تناسب عمره، ونعرف أن هذه الحالات موجودة، فحوالي اثنان إلى ثلاثة بالمائة من الأطفال يعانون من حالات مشابهة، ولها عدة أسباب، وفي كثير من الحالات لا نجد سببا مباشرا.

ولا شك أن المنهج الذي تنتهجينه هو المنهج الصحيح وهو الاعتماد على الصبر وعلى التكرار في تدريسه لأن استيعابه محدود، وما يستوعبه الطفل العادي في عشر دقائق ربما يستوعبه هذا الابن في ساعتين، ويعرف أن أسلوب الترديد مع التشجيع والتحفيز هو الأسلوب الأفضل لعلاج هذه الحالات، وهذا نسميه بالعلاج التأهيلي، ولا بد أن يشاركك والده أو إخوته الكبار إن كان له إخوة أكبر منه، لأني لا أنصح أن تتحملي أنت العبء وحدك، وجزاك الله خيرا على هذه التضحية، ولكن قطعا للإنسان طاقات، كما أن تعدد مصادر التعلم تشجع هذا الابن في أن يكون أكثر قبولا لاستيعاب المعلومة.

ولا أشترط قطعا أن يشاركك الآخرون، ولكن هذا مجرد اقتراح، وإذا كنت تودين تحمل المسئولية وحدك فهذا لا بأس به، ولكن سوف يكون قطعا عبئا كبيرا عليك، وعموما أنت مأجورة، ولا شك أن عاطفة الأم والتزامها نحو أبنائها تحركك.

عموما ما دام هو في الصف الخامس فأعتقد أن هذا إنجاز كبيرا، ويعرف تماما أن مثل هؤلاء الصبية يكونون أكثر مهارة في تعلم الأشياء المهنية كالحدادة والنجارة وما شابه ذلك، أي أن مقدراتهم في المهن التي تتطلب أعمالا يدوية دائما تكون هذه المهارات أفضل لأن مهاراتهم الكلامية والتخاطبية تكون أقل، فلذا التطبيق العملي المهني هو وسيلة جيدة من وسائل التأهيل العلاجي.

وبالنسبة للحالة التي حدثت له أعتقد أنها من الآثار الجانبية للدواء ولا شك في ذلك، فأنت وصفت الحالة التشنجية أو ما نسميه بالحالة التخشبية وهي أنه أصبح ينظر إلى السقف، هذا أثر جانبي من الدواء، ويعرف تماما لدى الأطباء، وهذا يعالج إما بتخفيف الجرعة أو بتغيير الدواء، وأفضل من ذلك يعطى أدوية مضادة، فهنالك عقار يعرف تجاريا باسم (آرتين Artane) ويعرف علميا باسم (بنزكسول Benzohexol) يعطى في مثل هذه الحالات، وهناك عقار آخر أيضا يعرف تجاريا (إندرال Iinderal) ويسمى علميا باسم (بروبرانلول Propranlol) يعطى مع الآرتين لعلاج هذا الأثر الجانبي، وهذه الفنيات العلاجية معروفة تماما لدى الأطباء.

وأما بالنسبة للعصبية المفرطة والزائدة أعتقد أنها أيضا من الأثر الجانبي للدواء، وهذه الأدوية بالرغم من أنها تعالج أعراضا كثيرة ولكنها في نفس الوقت قد تؤدي إلى أثر جانبي، هذا الأثر الجانبي يوصف بأن المريض يحس بأنه لا يستطيع أن يجلس في مكان واحد ولا يستطيع أن يستقر في مكان واحد، وهذا يؤدي إلى عصبيته وتوتره وتفاعله السلبي مع الآخرين.

إذن الحالتان: حالة النظر إلى السقف وكذلك العصبية المفرطة وفقدان التركيز في رأيي هي ناتجة من الأدوية، وبالرغم من أنك لم تسمي الدواء ولكن الأدوية التي وصفتها لك هي أدوية مضادة لهذه الآثار الجانبية، ولكن سيكون من المستحسن أن تقابلي الطبيب مرة أخرى وأعطيه الوصف الكامل لهذه التغيرات التي حدثت له، ولا مانع أن تشيري له أننا قد أشرنا لك أن هذا من الأعراض الجانبية للدواء، وهنا يستطيع الطبيب إما أن يغير الدواء أو يكتب الأدوية المضادة لإزالة الأثر الجانبي للدواء الذي يتناوله الآن.

إذن هذه الأعراض ليست طبيعية ويجب أن لا يستمر في الدواء على وضعه الحالي، وأفضل أن تذهبي إلى نفس الطبيب المعالج، وإذا لم تكن هنالك قناعات لما سوف يقوله لك هنا لك الحق أن تذهبي إلى طبيب نفسي آخر، بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونسأل الله لابنك العافية والشفاء.

وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات