التوفيق في العلاقة بين الزوجة والأهل

0 562

السؤال

أنا متزوجة منذ سنة وليس لدينا أطفال، المهم أنا طبعي خجول، ونحن في بيت مستقل لكن زوجي دائما مع أهله، ولازم يذهب إليهم، والاتصالات كل فترة ترن، وعمري ما أحسست أني في بيت مستقل، وعلى هذا كله أشعر أن حقوقي ذهبت بسبب خجلي، وزوجي في كل شيء يطاوع أهله حتى لو قالوا له ارم بنفسك في النار! (طفشت) من حياتي؛ فكيف أجعلهم يعرفون أنه صار متزوجا وأوقفهم عند حدهم؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حزينة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله - العلي الأعلى - بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يبارك لك في زوجك وأن يبارك له فيك، وأن يمن عليكم بذرية صالحة طيبة مباركة، وأن يديم بينكما المحبة والوئام، وأن يعينكما على التفاهم والانسجام، وأن يجعل كل واحد منكما عونا لصاحبه على طاعته ورضاه وسببا من أسباب سعادته في الدنيا والآخرة.

وبخصوص ما ورد برسالتك - أختي الكريمة الفاضلة – فإن التربية تلقي بظلالها على حياة الأشخاص عموما ولابد، فكل إنسان منا مدين لبيئته التي تربى فيها وترعرع في أحضانها، ويبدو أن أسرة زوجك أسرة مترابطة.. أسرة متكاتفة.. أسرة متحابة، ولذلك ما زال مرتبطا بهم ارتباطا قويا، وهذا يحدث حقيقة في معظم البيوت المستقرة، حيث إننا نرى من خلال الواقع المشاهد كلما كانت الأسرة متحابة ومتآلفة ومتعاطفة وشعارها الاحترام والحوار والتفاهم، كلما كان الإنسان أكثر ارتباطا بأسرته الكبرى من أسرته الجديدة.

هذا في الرجال والنساء، فكثير من الأخوات أيضا رغم أنها متزوجة وقد تكون لديها أطفالا إلا أنها تشعر بالانتماء القوي إلى أسرتها الأصلية أسرتها الأولى، أي إلى والديها وإخوانها وأخواتها، بل وأحيانا تفضلهم على زوجها وأبنائها، لأنها ما رأت منهم إلا خيرا ولأنها عندما فتحت عينها على الدنيا وجدت الحب والحنان والعطف والرعاية والاهتمام والتقدير، وقطعا هذا كله ألقى بكم هائل من المحبة والمودة في قلب هذا الطفل البريء، فأصبح من المتعذر أن تخرج منه هذه الشحنة، وهذا شيء طبيعي.

فيبدو كما ذكرت أن البيئة التي نشأ فيها زوجك كانت أسرة مترابطة متحابة متعاطفة متفاهمة، ولذلك ما زال ينتمي إليها انتماء قويا، وهذا هو الذي أثر على علاقتك به بهذه الصورة التي وردت في رسالتك.

وهذه المسألة مسألة وقت، نعم أنا معك أنه لن يكره أهله ولا نريد له ذلك أبدا، وإنما سيظل مشدودا إلى بيئته الأولى وإلى محاضنه الأولى كما ذكرت على اعتبار أن هذه هي بداياته الأولى وما زالت تلقي بظلالها على حياته كلها.

سيظل هذا الأمر فترة من الزمن حتى يمن الله عليكما بالتفاهم والانسجام؛ لأن العلاقة بينكما لم تزد على سنة كما ذكرت، ولكن العلاقة بينه وبين أهله قد تكون وصلت إلى أكثر من عشرين سنة، فهل تتصوري أن علاقة عام تنسيه علاقة عشرين عاما أو ثلاثين عاما؟! هذا حقيقة من الصعوبة بمكان.

متى يحدث هذا الذي تريدين؟ إذا كان قد عانى من أسرته في تربيته، فإنه ما أن يجد زوجة حنونة عطوف تحسن معاملتها إلا ويرتمي في أحضانها بل قد ينسى أمه وأباه. بعض الرجال يحدث لهم ذلك، كذلك بعض النساء يحدث لهن ذلك، حيث إنها إذا وجدت عطوفا حنونا متفاهما يصغي إليها ويعاملها بالمعروف فإنها تنسى أباها وأمها وتعتبره هو الأب والأم والأخ والصديق بل والعشيق والزوج في نفس الوقت.

هذه مسائل تربوية، ولذلك أنا أقول: إن المسألة مسألة وقت، وهذه هي فرصتك أنت، فحسن التعامل مع زوجك، وحسن التجمل له والتبعل له، والاهتمام بنفسك غاية الاهتمام حتى تكوني كالوردة الحسنة المنظر الطيبة الرائحة، والاهتمام ببيتك - بارك الله فيك – وتهيئته وإعداده، وتطييبه بأنواع الطيب الرائعة، وعدم نقاشه في مسألة أهله، وعدم الإلحاح عليه في ذلك، وعدم الكلام في هذه المسألة؛ لأنك إن تكلمت في هذه المسألة وأنكرت عليه فستصبحين في جبهة مضادة له، وبالتالي تفقدين رصيدك، حتى وإن كنت مغضبة وإن كنت حزينة لأنه مكث فترة طويلة عند أهله، فلا تظهري له ذلك، وإنما كلما رجع قولي له: (كيف حال الذين كنت عندهم، أسأل الله عز وجل أن يجمعنا وإياك وإياهم على خير)، بهذه الطريقة تشعرينه أنك في صفه وأنك لست معادية له أو لست متألمة لذلك، ولكن بحسن المعاملة والعشرة كما ذكرت والتجمل والأخذ بالأسباب وجعل بيتك روضة من رياض الجنة، سيشعر فعلا بأن هناك مكانا قريبا من البيئة التي نشأ فيها، وبذلك ستتعدل الأمور دون أن تتدخلي أنت مطلقا.

وهذه هي رسالتك، ولكن لو أنك كلما أتاك وجدك مغضبة ووجدك حزينة وتبدو عليك علامات الضجر وعلامات عدم الراحة، فإن هذا الأمر لن يحل المشكلة، بل قد يجعلها تتفاقم وتتحول إلى كراهية، وعما قريب سترزقون بأطفال وبطبيعة الحال هذه العاطفة التي يملكها زوجك تجاه والديه فسوف تتحول إلى أبنائه وتتحول إليك، وسوف تتغير الأحوال - بإذن الله تعالى – مع قدوم المولود الأول ستشعرين أنت بنفسك، ولكن حتى قبل أن يأتي المولود الأول، ستشعرين بحسن العشرة وحسن المعاملة وحسن الاستعداد والتهيئة والكلام الجميل المعسول والحركات المثيرة في داخل البيت، أنت أحيانا قد تأخذين عقله وقلبه بالمرة، عندما تحسنين التعامل وتتعلمين فن العلاقات الزوجية، حتى يشعر زوجك فعلا بأنك نعمة وأنك متميزة عن أهله، وبذلك تسحبين البساط جزء جزء دون أن يشعر أحد، وتملكين عليه قلبه، مع عدم إنكارك عليه بزيارة أهله، بل إنك تحثينه على صلة رحمه وعلى إكرام والديه؛ لأن ما تفعلينه مع زوجك سوف يفعله أبناؤك معك في المستقبل، كما ورد في الحديث: (بروا آباءكم تبركم أبناؤكم، وعفوا تعف نساؤكم).

فإذن أقول: هذه مسألة وقت، وهي متوقفة عليك وعلى سياساتك في داخل المنزل، فحاولي أن تكوني حسنة السياسة كما ذكرت، وأن تكوني كالوردة الطيبة الريح الحسنة المنظر، وألا تنكري عليه، حتى وإن كنت كما ذكرت حزينة أو مغضبة،إذا أحسست بقدومه حاولي أن تظهري له الابتسامة والفرحة، وأن تشعريه بأنك كنت في لهفة إليه، وأن تستقبليه على الباب، وأن تحتضنينه، وأن تطبعي قبلة على وجهه، على جبهته، على جبينه، أو على فمه كما تحبين، فبهذه الكيفية - إن شاء الله تعالى – سوف تتعدل الأحوال وسوف تستمتعين بزوج سعيد عادل منصف لا يظلمك ولا يعتدي على حقك بل ولا يظلم أهله ولا يعتدي عليهم أيضا.

أسأل الله لك التوفيق والسداد، وأسأله أن يعينك على أداء مهمتك على الوجه الأكمل، وأن يجمع بينك وبين زوجك دائما أبدا على خير، وأن يمن عليكم بالذرية الصالحة عاجلا غير آجل.

هذا وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات