تأتأة مسيطرة على الفكر وأوجدت عدم قدرة على التعامل مع الأصدقاء

0 523

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا أبلغ من العمر 21 سنة، تخرجت من المرحلة الثانوية وطموحي أن أكمل الدراسة في الجامعة، عندي مشكلة التأتأة التي أصبحت تسيطر على تفكيري سيطرة تامة في الآونة الأخيرة، بحيث أنني أصبحت أفكر أنها سوف تكون مصدر فشل لي، فقد أصبحت منعزلا جدا بعد تخرجي من الثانوية في سن الـ 18 إلى 21، لم أكون علاقات أو صداقات مع أي أحد بسبب التأتأة، أو حتى الاختلاطـ .. ولكن اشتركت في ناد رياضي، لأنني سمعت أن ذلك يخفف من التأتأة ومنه أشغل نفسي بشيء نافع، وطبعا الصلاة ولله الحمد مواظب عليها.

سوف أتطرق إلى الموضوع بشكل واضح، فالتأتأة التي أعاني منها عندما أكون وحدي لا أتأتأ في الكلام أبدا سواء كنت أقرأ بصوت عال أو منخفض، وعندما أريد أن أتكلم مع أهلي أجهز ما أريد قوله، بمعنى آخر آخذ نفسا وأجهز العبارة التي أريد أن أقولها، المشكلة تكمن عندما أقابل شخصا غريبا وأريد أن أسأله أو أن يسألني، هنا تقع المشكلة وأتأتأ بشكل كبير جدا، وفي نفس الوقت الإجابة بسيطة وعندي خلفية عنها وأقدر أفيده بشكل كبير، حتى إنه في بعض الأحيان أتجنب الإجابة وأكذب كذلك كي لا أتأتأ وأوضح له أنني لا أعرف! وأنا أعرف وهذا ما يؤلمني أكثر، بدأت أكره نفسي من التأتأة وبنفس الوقت أقول: إنها خيرة، أرفع معنوياتي بنفسي وأقول: مسألة وقت ولكن زادت معاناتي لا أستطيع أن أقول قصة كاملة لأصدقائي أو أقاربي إلا وأتأتأ وأنحرج، صرت غير اجتماعي، حتى عندما أتكلم بالجوال أتأتأ بشكل أكبر، فما هو العلاج الأفضل لهذه المشكلة؟ وهل هناك أدوية تخفف من حدة التأتأة؟ أتمنى أن المشكلة وصلت بشكل واضح.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن التأتأة شائعة جدا خاصة وسط الذكور، وهي كثيرا ما تكون مرتبطة بنوع من القلق، والعلاج -إن شاء الله تعالى- ليس بالصعب، وإليك هذه التوجيهات:

أولا: يجب ألا تحس بأي نوع من النقص أو الدونية، لأنك لست الوحيد الذي تتأتأ، ويقال أن سيدنا موسى عليه السلام -كليم الله- لم يكن فصيحا في الكلام، كما قال تعالى على لسان سيدنا موسى عليه السلام: (( وأخي هارون هو أفصح مني لسانا فأرسله معي ردءا يصدقني ))[القصص:34] فأثبت لنفسه أنه لم يكن فصيحا -صلوات الله وسلامه عليه- فيجب ألا تحس بأنك الوحيد الذي تعاني من هذا الأمر.

ثانيا: أنا أؤكد أن الناس لا يسخرون منك، وحتى إن سخر منك أحد فهذا بالطبع شخص معلول في نفسه.

ثالثا: مراقبة الذات بصورة مطلقة والتركيز على ما سوف تقوله يزيد من التأتأة، فكن عفويا لدرجة كبيرة.

رابعا: حدد الحروف أو الكلمات التي تجد صعوبة في نطقها، وحاول أن تكتبها وتكررها عدة مرات.

خامسا: قراءة القرآن الكريم بتؤدة وتدبر وتمعن تقلل كثيرا من التأتأة، فأكثر من قراءة القرآن.

سادسا: هنالك تمارين تسمى بتمارين الاسترخاء، أرجو أن تتدرب عليها بشكل مبسط جدا، ولتطبيق هذه التمارين:

أ‌- عليك أن تستلقي في مكان هادئ كالسرير أو كرسي مريح.
ب‌- فكر في حدث سعيد، وأغمض عينيك، وافتح فمك قليلا.
ج- بعد ذلك خذ نفسا عميقا وبطيئا حتى يمتلأ صدرك بالهواء وترتفع بطنك قليلا.
د‌- بعد ذلك أمسك الهواء في صدرك لفترة قليلة ثم أخرج الهواء أيضا بكل تدرج وبكل قوة وبطء عن طريق الفم.

كرر هذا التمرين خمس مرات متتالية بمعدل مرة في الصباح ومرة في المساء لمدة ثلاثة أسابيع، ثم مارسه مرة واحدة في اليوم لمدة شهر، ثم بعد ذلك يمكن أن تكون ممارسته عند اللزوم.

سابعا: يمكن دائما أن تربط بدايات الكلام باستشعار جسدي آخر، مثلا: حين تقابل شخصا وتريد أن تتكلم معه ضع يدك في جيبك مثلا، أو قم بابتسامة حين تبدأ الكلام وتحييه، هذه الروابط وجد أنها تصرف انتباه الإنسان عن التركيز حول أدائه كلامه مما يقلل التأتأة.

ثامنا: هنالك مختصون في التخاطب، وجد البعض أنهم يقدمون نصائح وإرشادات جيدة، فإذا تهيأ لك مقابلة أخصائي تخاطب فهذا سيكون أمرا جيدا، وإذا لم يتيسر ذلك فاحرص على تلاوة القرآن، ويا حبذا لو تعلمت مخارج الحروف بصورة جيدة من أحد المشايخ.

بالنسبة للعلاج الدوائي أقول لك: نعم توجد أدوية جيدة جدا، وهذه الأدوية معظمها حقيقة مضادة للقلق وكذلك المخاوف، ويوجد دواء باسم (هلوبربادول Haloperidol)، وهو من الأدوية القديمة ولكنه جيد، أرجو أن تتناوله بجرعة نصف مليجرام في الصباح، أما الدواء الآخر الذي أريدك أن تتناوله يعرف علميا باسم (باروكستين Paroxetine) ويعرف تجاريا باسم (زيروكسات Seroxat)، والجرعة هي أن تبدأ بنصف حبة – أي عشرة مليجرامات – ليلا، تناولها بعد الأكل، استمر عليها لمدة عشرة أيام، ثم ارفع الجرعة إلى حبة كاملة – أي عشرين مليجراما – وتناولها ليلا أيضا، واستمر عليها لمدة ستة أشهر، ثم بعد ذلك خفض الجرعة إلى عشرة مليجرامات لمدة شهر، ثم إلى عشرة مليجرامات مرة واحدة كل يومين لمدة شهر، ثم توقف عن تناول الدواء، وهذا الدواء من الأدوية الفعالة والسليمة والمضادة للمخاوف والقلق والتوتر.

أنا أنصحك ألا تتوقف أبدا عن التفاعلات الاجتماعية، اختلط مع الناس، شاركهم في كل المناسبات، ليكن لك حضور، وأنصحك حقيقة أن تواصل دراستك، هذا موضوع يجب أن تضعه جانبا ويجب ألا يعطل حياتك أبدا، ونسأل الله أن يحل هذه العقدة من لسانك وأن ييسر أمرك، ونشكرك كثيرا على التواصل مع إسلام ويب.
والله الموفق.

مواد ذات صلة

الاستشارات