السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله أبدأ.
كنت أفعل الكثير من الخيرات، مثلا: كنت أصلي السنن وأصوم النوافل وأقرأ القرآن كثيرا وكنت أحفظ منه كثيرا وكنت أخرج الصدقات وكنت أحافظ جدا على صلاة الفجر.
أشاهد الكثير من البرامج الدينية لا أشاهد المسلسلات أو الأفلام أو البرامج اللاهية.
هذا هو كان حالي، أما أنا الآن للأسف أصبحت أفرط في السنن، لا أصوم النوافل لا أخرج صدقات إلا قليلا!
وصلاة الفجر أصبحت تضيع علي ولكني لست متعمدة أن أضيعها، أصبحت أشاهد الأفلام والمسلسلات والبرامج اللاهية.
وبالنسبة للبرامج الدينية لا أشاهدها إلا قليلا، وبسبب مشاهدتي للمسلسلات وجلوسي على الكمبيوتر أصبحت أفرط في مذاكرتي كثيرا.
وتأتي بعض الأيام أتغيب عن المدرسة لأني لم أنه مذاكرتي ولكني أريد أن أذاكر بجد لأني أتمنى أن أكون سببا في عز الإسلام لا مخذلة له.
أنا حزينة جدا على حالي، ولا أعرف ماذا أفعل؟ كلما أقول لنفسي: سأرجع لكني لا أستطيع، وخاصة أني في مرحلة دراسية سوف يتحدد بعدها مصير حياتي بأكمله.
ولكني لا أستطيع مجاهدة نفسي، ماذا أفعل فأنا في حزن شديد على هذا الحال الذي لا يرضي الله، ولا يرضيني؟
أتمنى من الذي سوف يجاوب على سؤالي إذا كان هناك سؤال مشابه له أن لا يوجهه لي ولو كلمة واحدة؛ لأن الكلام عندما يكون موجها لي يكون تأثيره علي أكبر من أن أقرأ إجابة سؤال مثل سؤالي.
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مسلمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
يا أختي! الإنسان كلما كبر يوما من عمره زاد علمه وزادت خبرته وزاد نضجه، فلو قلت: كنت غافلة، وكنت مقصرة وكنت لاهية و......ومن الله علي الآن بالهداية لتقبلنا ذلك منك، ولكن يا أختي تقولين: كنت أفعل الخيرات وكنت أحافظ جدا على صلاة الفجر وأحفظ القرآن، ثم أصبحت أفرط، وأصبحت أشاهد الأفلام و...... إلخ، هل استبدلت الأدنى بالذي هو خير؟
يا أختي! أنت تذوقت لذة الطاعة، وحلاوة الإيمان والقرب من الله، والآن تتركين للشيطان سلطانا عليك! ألم يقل لربه جل وعلا: ((قال فبعزتك لأغوينهم أجمعين * إلا عبادك منهم المخلصين))[ص:82-83].
انتبهي يا أختي فأنت على خطر، من نسى الله ينساه ومن يعرض عن الله يعرض الله عنه، حين أقبلت على الله أقبل الله تبارك وتعالى عليك، وأعانك سبحانه وتعالى على فعل الخيرات، وإنه لعسير إلا من يسر الله عليه.
أختي في الله! أقبلي على الله، وهذه أول خطوة لمجاهدة النفس فبالرغم مما قلتيه ولكن حالك يبشر بخير، وستعودين خيرا مما كنت بإذن الله قال تعالى: ((والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين))[العنكبوت:69].
يا أختي! ابحثي في خفايا نفسك لتعرفي السبب وانظري لمن حولك من الصويحبات، احتمال تغير من حولك، فقد صادقت أخوات غير صالحات فالصاحب ساحب أو انشغلت مع النت وتقلبت صفحاته، ورؤية ما فيه من بلاء ووباء، وأمراض للقلوب، وكذلك مشاهدتك للأفلام بما فيها من سفاهة ومعاصي بالإضافة إلى المعازف الموسيقى التي تفرغ القلب المملوء بحب الله وطاعته ويكون كالبيت الخرب يسكنه الهوام والحشرات.
يا أختي: مصير حياتك لا يتحدد بمرحلة دراسية وإنما يتحدد بمدى معرفتنا لله ولمعرفة حدوده.
شعورك بهذه المشاعر من التقصير، وحزنك على نفسك دليل خير، وبشير سعد، فما كان منك لم يكن إلا غفلة نقع فيها كثيرا.
ولكن انتبهي لعل الله أراد بك خيرا فأيقظ قلبك لطاعته، وهداك، فأقلبي عليه بقلبك وجهدك وخشوعك وخشيتك ورغبتك ورهبتك وأبشري فستكونين أكثر التزاما مما كنت إن شاء الله.
ولكن ابحثي عن السبب إن كنت ابتعدت عن صاحبات صالحات لك فعودي إليهم، وإن كنت رافقت صاحبات لاهيات فابتعدي عنهن، واحذري النت ولا تجلسي معه إلا لمنفعة فإنني أرى الويلات عند من يدمنون عليه ولا يعود عليهم إلا بالخسارة والضياع، فهو سلاح ذو حدين ومن لم يحسن استخدامه فإنه كالسيف يقطع مصالحهم وسعادتهم قبل أن يقطع أوقاتهم.
أكثري من الاستغفار وراجعي حفظك، ولا تنظري إلى الشاشات والبرامج اللاهية فهي كالشيطان عدو للإنسان وهي جند من جنود إبليس، وإنما احضري مجالس الذكر واستمعي للبرامج الدينية واحضري مجالس العلم، وصاحبي من تذكرك بالصلاة وتسألك عن حفظك للقرآن.
احرصي على صيام النوافل، واحرصي على الصدقة فإنها تطفئ السيئة، واخشعي في صلاتك فهي صلتك بربك.
أكرر اقبلي على الله وسارعي وبادري واسأليه بذل وضعف وخضوع أن يهديك ويشرح صدرك.
أسأله جلت قدرته أن يؤتي نفسك تقواها ويزكيها هو خير من زكاها، ويهديك لما اختلف فيه من الحق بإذنه إنه يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.
وبالله التوفيق والسداد.