السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ابني وأبوه لا يتفاهمان، مع أن كلا منهما ملتزم بواجباته نحو الآخر، ابننا متزوج ويراعي شئون أسرته على ما يرام -ولله الحمد-، ولكن الأب لا يعجبه ما يفعل الابن من تغيير وتطوير إلى الأحسن في المحل الذي يعمل فيه، ويثور ويغضب لأتفه الأسباب؛ مما يجعل الابن في حالة غضب.
وفي إحدى الأيام دخل ابننا إلى المستشفى لإجراء عملية جراحية فلم يسأل عليه أبوه، فقال لي ابني: إنه لا يطيقني لدرجة أنه لم يسأل عني وأنا في المستشفى، ولم أجرؤ أن أكلم زوجي لأنه عصبي وأخاف أن تكبر المشكلة وأخرج دون نتيجة، فما رأيكم؟
ساعدوني جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخت الفاضلة/ أمينة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فقد أسعدتني شهادتك للأب وللابن بأن كلا منهما يقوم بواجباته، وأحسب أن هذا مفتاح جيد للدخول إلى قلب كل منهما، ومرحبا بك وبهما، ونسأل الله أن يلهمهما رشدهما، وأن يعيذنا جميعا من شرور أنفسنا.
وبعض الآباء يعامل أولاده على أنهم صغار ويظل يفرض الوصاية عليهم، ويرفض أن يفعلوا أي شيء دون الرجوع إليه، ولا شك أن هذه سلبية وسبب رئيس للتصادم، ولكننا ندعو الأبناء في هذه الحالة أن يستعفوا في والدهم هذا الشيء إذا وجد فيه، وأن يتذكروا أن نيته في الأصل طيبة، وأن هذا التحكم يدل على مزيد شفقة وحرص.
ولا أظن أن الأبناء يتضررون إذا وضعوا الوالد في الصورة وأشركوه في أمورهم، وحتى لو فرضنا أنه قد يرفض بعض الأشياء فإن إرضاءه طاعة لله طالما كان الأمر ليس فيه مخالفة شرعية، وسوف يكون من المفيد التواصل مع الابن وتذكيره بحب الوالد له.
وأما بالنسبة للأب فأرجو أن تفتحي معه حوارا في أسلوب التعامل المناسب مع الابن، وتذكيره بأنه أحسن التربية ولا داعي بعد ذلك للتدقيق والتحقيق؛ لأن هذا من شأنه أن يضعف شخصية الأبناء أو يدفعهم للتمرد على الآباء كما هو الحاصل الآن.
ونحن إذ نشكر كل هذا الاهتمام والسؤال ندعوك إلى القيام بدورك تجاه الجميع، مع ضرورة اختيار الأوقات المناسبة والألفاظ المناسبة ونقل العبارات الجميلة والمشاعر النبيلة بين الوالد والولد.
كما أرجو أن تأخذ كل قضية حجمها المناسب، فإذا كان الوالد لم يزر الابن فهذا يؤثر في الابن بلا شك، ولكن أن يقول: هو يكرهني ولا يحبني، وقد يقول: يتمنى موتي؛ فإن هذا كله من الشيطان، فليتعوذ بالله من الشيطان، وهكذا كل خلاف ما ينبغي أن يأخذ أكبر من حجمه المناسب.
والصواب أن تحصر كل مشكلة في إطارها الزماني والمكاني، مع ضرورة ألا تطول فترات الصمت والبعد، بل ينبغي ألا يكون الخلاف على الأمور الدنيوية يؤثر على الضوابط والنواحي الشرعية.
وهذه وصيتي للجميع بتقوى الله، وأرجو أن يقال للابن: أنت ومالك لأبيك، فاقترب من والدك واجتهد في إرضائه وتطييب خاطره، وافعل ما يرضي الله، نسأل الله لكم التوفيق والسداد.
وبالله التوفيق.