السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا في الخامسة عشرة من عمري، أعاني من قلة الصحبة، وأشعر في أغلب الأحيان أن جميع الناس تكرهني، يأتيني هذا الشعور، وأنا من الناس الهادئة جدا، ولكن أحاول أن أفرح وأمزح مع زميلاتي، وعندها أشعر بالسعادة، ولكن أشعر بأن زميلاتي لامباليات!
ومن الجميل أن يكون للإنسان صديق يسأل عنه ويفرح لفرحه، وأنا لا أجد هذه الصديقة المقربة في المدرسة، ولا أعرف لماذا؟ فهل هذا بسبب هدوئي لا أعرف؟! وهل من الضروري أن تكون المحبة من الناس دلالة على رضى الله عز وجل عن الإنسان؟
أتمنى الصحبة الصالحة التي تذكرني بالله، وأتمنى أن أجد إنسانة أحبها وتحبني في الله.
وأسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يدخل من يرد على استفساري وجوابي الفردوس الأعلى، وأن يحشره مع الرسول صلى الله عليه وسلم، وأن يرزقه الله النظر إلى وجه الله الكريم إنه ولي ذلك والقادر عليه.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة سائلة حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإن الوحدة خير من جليسة السوء، وإذا وجدت الفتاة صديقة صالحة تذكرها بالله إذا نسيت، وتعينها على طاعة الله إن ذكرت، فتلك نعمة من الله، وقد قال عمر رضي الله عنه: ( ما أعطي المسلم بعد الإسلام نعمة أفضل من صديق صالح) ولا شك أن الصديقة الصالحة عملة نادرة، خاصة في هذا الزمان، فاشغلي نفسك بالمفيد، واجتهدي في البحث عن الصالحات، فإذا لم تجدي فاتخذي كتاب الله جليسا، واهتمي بدروسك، وأظهري الود لجميع من حولك، وكوني عونا للمحتاجة، وشجعي من فيها علامات الخير، وتذكري أن المسلمة التي تخالط الناس وتصبر على أذاهم خير من التي لا تخالط ولا تصبر.
ومحبة الصالحين للإنسان هي المطلوبة؛ لأن محبة الآخرين في بعض الأحيان لها ثمن، وقد يدفعون الإنسان إلى العصيان، وأخطر من ذلك أن يطلب الإنسان رضى الناس بسخط الله، والغافلة تحرص على إرضاء الله، وتكون العاقبة لها بحول الله وقوته، وما من رجل أو امرأة قدم طاعة الله، وعظم شعائر الله، إلا كانت العاقبة له محبة من الناس أجمعين؛ لأن الله سبحانه إذا رضي عن الإنسان أمر جبريل أن ينادي في السماء أن الله يحب فلانا فيحبه أهل السماء ثم يلقى له القبول في الأرض، قال تعالى: ((إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا))[مريم:96].
علما بأن الأنبياء لم يتضرروا من كره الكافرين، وعليه فالمطلوب والطيب هو أن ينال الإنسان محبة الصالحين بالدرجة الأولى؛ لأنهم لا يحبون ولا يكرهون إلا بموازين الشرع الحنيف.
وقد أسعدني حرصك على الصديقة الصالحة، وأفرحني دعاؤك بأن يرزقك الله بصديقة صالحة، ونسأل الله أن يحقق لك ما تريدينه، وحاولي الاقتراب من والدتك وإخواتك، واحرصي على حب رسولنا صلى الله عليه وسلم والصحابيات، واعلمي أن المرء مع من أحب، ونسأل الله أن يحشرنا مع رسولنا وحبيبنا صلى الله عليه وسلم، وقد أحسن من قال:
يا رب إن ذنوبنا في الورى كثرت *** وليس لنا عمل في الحشر ينجينا
وهذه وصيتي لك بتقوى الله، ومرحبا بك في وموقعك، ونسأل الله أن يوفقك وأن يحببك إلى خلقه، ويحبب إليك الصالحين والصالحات.
وبالله التوفيق والسداد.