السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
تبدأ المشكلة منذ حوالي 3 - 4 سنوات، بعد البلوغ بدأت ألتزم بصلواتي وديني ولله الحمد، ولكن عانيت سابقا من مشكلة الوسواس في الوضوء والصلاة من خروج ريح وبول، ولكني بعد أن بلغ السيل الزبى لم أعرها اهتماما، وفعلا تخلصت منها، ولكنها خاصة خروج الريح تعاودني بين فينة وأخرى وأتغلب عليها، لكن مؤخرا ما عدت أستطيع ذلك، ولا أخفيك أني تعبت ولا أستطيع تجاهلها بعد اليوم لخوفي على صلاتي وديني.
أصبحت أتوتر في الصلاة والوضوء، وأصبحت صلاتي بلا خشوع، لكن محاولات مستميتة للحفاظ على الوضوء، تنتهي الصلاة وقد صليتها بلا خشوع ولا وقار، وكثيرا ما أظل حائرا أخرج أم لا؟ بدأت أصاب بألم حاد في ضميري، لا أنا الذي استطعت الصلاة الصحيحة، ولا أنا الذي عدت قادرا على منع الريح، ولا التخلص من الوسواس، قلبي يؤلمني أكاد أموت حزنا وأنا أتخيل ربي غاضبا علي لتفريطي في ديني، أعيد الصلاة أحيانا مرة وربما مرتين، تأتيني هذه الوساوس بدون وجود غازات كثيرة وأحيانا منذ بداية الوضوء، لدرجة أني أتوضأ بدون تثليث (أي أغسل كل الأعضاء مرة)، خوفا من خروج الريح، ولكن أظل أجاهد خيال الريح وأحاول منعها من الخروج، وفي النهاية تخرج، ولا أعيد الصلاة وأظل أتألم على صلاتي التي لا أدري ما مصيرها ربما الرفض، أحيانا لا أستطيع تجاهل هذا الوسواس مما يضطرني لإعادة الصلاة، وقد وصلت إلى قمة الحزن، سمعت بدواء تقريبا أسمه (فافرين)، فهل له أعراض جانبية؟
أريد منكم جوابا يقتلع هذه المشكلة من حياتي، أعينوني على نفسي وديني، وهل هذا وسواس أم سلس؟ وهل هناك طرق للمساعدة؟ وهل للعلماء رأي في هذا؟ أحيانا يصل الشك إلى مداه حتى يصير يقينا.
ولكم جزيل الشكر.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أمين حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد ؛؛
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلا وسهلا ومرحبا بك في موقعك، وكم يسعدنا اتصالك بنا دائما في أي وقت وفي أي موضوع.
أولا: أيها الأخ العزيز الوساوس القهرية منتشرة جدا في مجتمعاتنا، ويمثل الطابع الديني أكثر هذه الوساوس شيوعا؛ لأن مجتمعنا مجتمع متدين بصفة عامة بفضل الله.
فيما أرى أنك تعاني من وساوس قهرية، وليس من خروج فعلي للريح، وقد عرضت علينا حالات مماثلة بعد أن تم فحصلها بواسطة الجهاز الهضمي.
ولا شك أن هناك جانبا شرعيا في الأمر، وفيما أعلم أن أهل العلم قد أفتوا أن لا يؤخذ بالوساوس مهما كان تسلطها على الإنسان، وفي هذا السياق أرجو لمزيد من الإطلاع أن تتصل بأحد الإخوة العلماء العارفين، وسوف يفيدك أكثر، ويمكنك ان تراجع فتاوى الشبكة الإسلامية لتتعرف على المزيد من أحكام هذه الوساوس في مسائل الطهارة والصلاة.
الوساوس يا أخي أصبحت الآن وبعد المستحدثات العلمية تستجيب للعلاج بصورة فعالة تصل إلى 90% من الحالات، وهذه تعتبر نسبة شفاء عالية جدا بكل المقاييس الطبية، وبالرغم من أن الاعتقاد السائد هو أن الوساوس القهرية هو سلوك مكتسب إلا أن الأبحاث الحديثة أثبتت الجانب البيولوجي، والذي يتعلق ببعض الخلل البسيط في كيمياء الدماغ، والمادة التي تمت عليها معظم الأبحاث تعرف باسم سيروتونين (Serotonin)، واكتشاف هذه المادة أدى إلى ظهور أدوية فعالة، ومنها العقار الذي ذكرته، والذي يعرف باسم (Saverin)، ولكن العلاج السلوكي يمثل المرتكز الأول، وهذا العلاج بسيط جدا إذا حاولت أن تتبعه بدقة، ويتمثل في تجاهل الوساوس وعدم الانصياع لها مطلقا.
وفي حالتك يمكن أن تبدأ بأن تكثر من صلاة النوافل، وأن تعتقد بأن الريح قد خرج منك، ولا تعيد الصلاة مطلقا، ثم تنقل نفسك بنفس المستوى لصلاة الفروض، وعليك أيضا بصلاة الجماعة؛ لأنها الوسيلة الفعالة لئلا تعيد صلاتك؛ لأنه إنما جعل الإمام ليؤتم به.
كما أرجو أن تخاطب نفسك، وتعتبر الخارطة الذهنية لديك بأن تبني أفكارا جديدة مضادة لفكرة خروج الريح، فعلى سبيل المثال يمكن أن تقول لنفسك عدة مرات (لم يخرج مني هذا وسواس لن أتبعه مطلقا).
أما بالنسبة للعلاج الدوائي أو البيولوجي، فالعقار المعروف باسم سافارين يعتبر من أفضل العلاجات لعلاج الوسواس القهري، ولكن يا أخي لابد أن تأخذه بالجرعة الكافية والمدة المطلوبة، ولا تستعجل النتائج أبدا، حيث أن التحسن من الأعراض سيحتاج لمدة لا تقل عن ستة أسابيع من بداية العلاج.
والجرعة الصحيحة هي أن تبدأ بـ50 مل ليلا بعد الأكل، وترفع هذه الجرعة بمعدل 50 مل كل أسبوعين، حتى تصل إلى 300 مل في اليوم، وهنا يمكن أن تأخذها حبة ثلاث مرات في اليوم، وتستمر على هذه الجرعة لمدة لا تقل عن ستة أشهر، وبعدها بإذن الله تكون أعراضك قد انتهت أو خفت على الأقل للدرجة التي تستطيع التعايش معها، بعد ذلك تستمر على 100 مل يوميا لمدة ستة أشهر أخرى.
وكذلك توجد علاجات أخرى مشابهة ومنها العقار المعروف باسم لستران Lustrel، وبروزاك Prozac، وسبرام Cipram، ولكن أود أن أشجعك على الالتزام بالفافارين؛ لأنه أكثر الأودية التي بحثت في هذا المجال، علما أنه من العقاقير السلمية ولا توجد له آثار جانبية بإذن الله.
وبالله التوفيق.