السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لقد تم تعييني حديثا معلمة في روضة أطفال، وهي أول وظيفة لي إن شاء الله، وأنا أنظر لهذه الوظيفة على أنها مسئولية كبيرة ملقاة على عاتقي.
فأنا أعتبر هؤلاء الأطفال أمانة في عنقي، لذا فإني أسعى لأوفر لهم أفضل ما يمكن أن يتعلموه ويعينهم في المستقبل.
أرجو توجيهي ببعض النصائح في هذا المجال، وإن أمكن إرشادي لبعض الكتب أو المراجع التي بإمكاني الاستفادة منها.
مع فائق الشكر والتقدير لمجهوداتكم.
الإجابــة
الأخت /جهاد حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية فأهلا وسهلا ومرحبا بك.
أختي الكريم: في البداية نشكر لك هذا الاهتمام والتقدير للمسئولية، ونسأل الله أن يكتب لك التوفيق، وأن ينفع بك بلاده والعباد، ونبشرك بأن هذا الشعور والحرص من علامات النجاح مستقبلا بإذن الله في هذه الرسالة العظيمة، وهي تربية الأجيال وصناعة الأبطال.
أختي الكريمة! أطفالنا هم نصف الحاضر لكنهم كل المستقبل بإذن الله، فبعد ربع قرن فقط ستكون المسئوليات في أيديهم، وإذا أحسنا توجيههم وتربيتهم نضمن بإذن الله لأمتنا غدا أفضل في يومها.
أختي الكريمة : هذه المرحلة من حياة الأطفال من أخطر مراحل حياتهم، والإنسان يتذكر ما حدث منه وله في هذه السن وقد ينسى ما حدث له قبل عام فقط، فأطفالنا في هذه المرحلة أخطر من كل أجهزة التسجيل والتصوير، فإذا استطعنا أن نحفظ أعينهم عن الحرام، وآذانهم عن سماع الشرور، أوشكوا أن يتكلموا بالحكمة، وإذا أهملنا وقصرنا فإن وسائل الإعلام تقوم بدور لا يسر أحدا وتنتشر ثقافة التلقي والسطحية وتحطم روح الإبداع والابتكار في نفوس الأطفال، فالرسوم المتحركة مثلا تحطم العقيدة وتعلم الانحلال.
ولذا فأرجو أن تجعلي هؤلاء الصغار بمنزلة أبنائك وتحرصي على غرس العقيدة في نفوسهم، وغرس القيم الفاضلة، والطفل يتأثر جدا من المعلمة وعليه أرجو أن تحرصي على الآتي : -
1) أن تكوني قدوه حسنة لهم، فكما قال معاوية رضي الله عنه لمؤدب أولاده: (ليكن أول ما تبدأ به من تأديب أبنائي تأديب نفسك، فإن أعينهم معقودة بعينك، فالحسن عندهم ما استحسنت والقبيح عندهم ما استقبحت).
2) العدل بينهم فإن العدل يصلح الأطفال، واحرصي على أن تساوي بينهم في الاهتمام والملاطفة، وحتى القبلات، وإذا عدم هذا فإننا نربي في الصغار الحقد والحسد والغيرة المذمومة، والكراهية للطفل الذي فضلناه عليهم.
3) مراعاة الفروق الفردية بينهم والاهتمام بالضعفاء وتشجيعهم والأخذ بأيديهم واكتشاف المواهب فلكل طفل موهبة، لكننا بكل أسف نفشل في اكتشاف تلك المواهب.
4) عدم الثناء على بعضهم دون الآخرين، فإن هذا يوغر الصدور، ولكن الصواب أن نقول: فلان مجتهد، وفلان مهذب، وفلان يسمع الكلام، أو ما أحسن فلان لو كان ينتبه للدرس، وهذا منهج نبوي عظيم، فقد قال رسول الله عليه وسلم لابن عمر رضي الله عنه: (نعم الرجل عبد الله لو كان يصلي من الليل) فما ترك ابن عمر قيام الليل حتى لقي الله .
5) الاهتمام بمشاعر الأطفال مهما كانت والأخذ بأيديهم إلى المعالي، فإذا جاء طفل بلعبة نقول له ما أحلاها من لعبة، ونقول له أنت ممتاز وعليك أن تسمح لإخوانك باللعب معك لأن المسلم يحب إخوانه ويتعاون معهم، والاهتمام بالمشاعر مدخل عظيم إلى القلوب، وهذا رسولنا صلى الله عليه وسلم يقول: (يا عمير ما فعل النغير) يسأل عن طائر كان عنده، فلما مات الطائر ولاحظ عليه صلاة الله وسلامه حزن عمير شاركه أيضا في مشاعر الحزن.
علينا كذلك أن نشجع الأطفال لتخرج ما في نفوسهم، وهنا نجد فرصة للتوجيه والتصويب، وقد جاء أنس رضي الله عنه إلى مجلس الرسول صلى الله عليه وسلم وكان يتخفى فبادره وقال: (ماذا عندك يا أنيس) هكذا بالتصغير، وهذا يجعل الطفل يتخلص من الحياء المذموم .
6 ) عدم استخدام الألفاظ الجارحة فوخز اللسان أحد من وخذ السنان، والكلمات المجرحة والقاسية تترك آثارا درامية في نفوس الأطفال الصغار، بل وربما حطمناهم من حيث لا نشعر . وأخطر من ذلك ذكر العيوب الخلقية، كأن نقول: اسكت يا أعرج، أو انتبه يا أعمى، وهذه الأشياء تحطم شخصية الطفل وتجعله ميالا إلى الانطواء والبعد عن الناس، وتلك سلبية قاتلة.
7 ) تفهم حاجة الأطفال إلى اللعب والترفيه، وقد (أرسل رسولنا صلى الله عليه وسلم أنسا لحاجة فتأخر فخرج في إثره فوجده يلعب مع الصبيان، فوضع يده على وجهه من خلفه قال أنس: فالتفت فإذا رسول الله يبتسم وقال: يا أنس ماذا فعلت في ما أرسلناك لأجله؟ قال أنس: قلت الآن اذهب وانطلقت في حاجة النبي صلى الله عليه وسلم).
8 ) إعطاء الأطفال حرية الحركة، فإذا خرج طفل من الصف فالصواب أن تتركه ثم نخرج خلفه، فربما خرج لقضاء حاجته، وبعدها نجعل هذه فرصة للتوجيه، فنقول: هذا الطفل ممتاز، ولكن يا أبطال إذا أراد إنسان أن يخرج لابد أن يستأذن . أما إذا منعناه من الخروج فربما تبول في الصف أو حبس الفضلات وتضرر جدا.
9 ) التغافل عن بعض الأخطاء حتى لا نرسخها في نفوسهم، والتدرج في المعالجة، ومعرفة الوسيلة الناجحة لعلاج كل حالة وكل طفل .
وأخيرا الإخلاص في هذا العمل العظيم، والقراءة في السيرة النبوية والسنة.
وربط الطلاب بكتاب الله وغرس حب الإسلام في نفوسهم، وممن كتب في هذا المجال من الأقدمين الإمام الغزالي، والإمام الباجي، وابن الجوزي وغيرهم، ولهم كتب مختصرة ومطبوعة، وممن كتب حديثا – عبد الله ناصح علون – ورسالة علمية بعنوان منهج الإسلام في تربية الطفل – وغير ذلك من المؤلفات بالإضافة إلى بعض المجلات الإسلامية مثل مجلة ولدي .
ونسأل الله التوفيق .