توجيه في التعامل مع الأب البخيل القاسي على زوجه وأولاده

0 636

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أما بعد:
فأنا أبث إليكم معاناتي ليس لكي تواسوني، بل لتواسوا قلبي الجريح وألمي المر.

فأنا فتاة أعيش بين أسرة مفككة: أب لا يعرف الرحمة ولا يحب زوجته، ويحاول بكل الوسائل جرحها وإهانتها، وبالرغم من كل ذلك فهو مصاب بداء خطير ومرض نفسي مدمر، ألا وهو البخل والنفاق.

بالرغم أن لديه من المال الكثير، والله! لا تصدقونني لو قلت لكم: إن لديه جمعية وعقارات ومنازل وأراضي زراعية وفيلا، كل ذلك في الخارج ونحن هنا نعيش في بيت إيجار ولا يعطينا من مصروفه ريالا واحدا، ونعيش على حساب إخوتنا، وليت الأمر انتهى على ذلك، ولكنه لا يترك أمي لحالها ويأخذ منها كل يوم صباحا مبلغا من المال، بالرغم من علمه أنها لا تملك إلا مصروف البيت وهو يملك الكثير في البنك، وليس هذا أيضا هو ما يجرحني، ولكن الذي يجرحني عندما يمد يده مثل الفقراء لزوجات إخوتي ويطلب منهن خمسة ريالات لكي يذهب بالتاكسي ويردونه خائبا!

مع أن جميع إخوتي يعطونه مصروفا كل شهر ولكن سرعان ما يذهب بتلك الأموال إلى البنك.

لا نعرف له دواء، ولداء النفاق الذي به، ووالله! لو أشرح لكم لما كفى كتاب كامل، وهو أيضا يصرف على الغير، ولكن لا يصرف علينا نصف ريال، ويعمل لبعضهم تذاكر ونحن أبناؤه وبناته لا نجد منه شيئا.

ولا يطيق رؤيتنا، ويسعد إذا رآنا محرومين من النعم أو يقوم أحد بإذلالنا، ويسبنا يوميا، ويعود علينا بالرغم من أننا نقوم بواجباته وحقوقه، وهو لا يقوم بأبسط حقوقنا وهي أن يعبرنا بكلمة لطيفة أو تشجيع.

أبناؤه جميعهم لا يريدون رؤيته؛ لأنهم مجرد أن يروه فإنه يقوم بطلب المال والأغراض ويقوم بتوزيعها على أناس أغنياء بغرض المصلحة وعلى حساب أبنائه.
أتدرون كم يبلغ من العمر؟
إنه الآن يبلغ 75 عاما، ولا يستطيع المشي جيدا، ويبول في ملابسه أعزكم الله، وأنا من أتولى تنظيفه راجية من الله الأجر والمثوبة.

أفيدوني جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمة الودود حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلا وسهلا ومرحبا بك.
أختي الكريمة!
أرجو أن تحرصي على إرضاء هذا الوالد فقد أصبح كبير السن، بل لا يجوز أن يظهر الإنسان له الغضب، فقد قالت عائشة رضي الله عنها: (ما بر أباه من أحد إليه النظر عند الغضب)، ونحن نقدر هذه المعاناة ولكن أرجو استخدام اللطف معه ومعالجة هذا الأمر مع إخوانك حتى لا يحتاج إلى زوجات أبنائه في متطلباته اليسيرة.

والوالد يسعد حين يأخذ حاجته من جيب أولاده الذين رباهم منذ أن كانوا في بطون أمهاتهم، وهذه الأموال في النهاية هي أموالكم، وهذا اختبار لصبركم، فالتعامل مع الوالدين في الكبر صعب، ولذلك جاء في كتاب ربنا: (( إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما * واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا ))[الإسراء:23-24].

والله وحده هو الذي يعلم الصادق في بره ووفائه لوالديه، ولذلك قال: (( ربكم أعلم بما في نفوسكم إن تكونوا صالحين فإنه كان للأوابين غفورا ))[الإسراء:25].

وأرجو أن تتجنبي العبارات الجارحة في وصف الوالد، وكونه لا يطيق رؤيتكم فقد يكون لذلك أسباب، فربما كان في بعضكم تقصير في البر به خاصة من إخوانك المتزوجين، أو ربما تكون الوالدة قاسية عليه أو عاملته بطريقة معينة جعلته ينفر من البيت، ولا شك أن الشريعة لا تبيح له ذلك، ولكن أرجو ملاطفته، والتفاهم معهم في هذه الأشياء شريطة أن يكون الذي يحاوره هو أحبكم إليه، كما أرجو أن تطلبوا المساعدة في إقناعه من أرحامكم الذين يقدرهم أو ببعض دعاة الإسلام الذين يصلي معهم.

وكيف لا يطيق أبناؤه رؤيته؟! والمطلوب أن نلبي رغباته بقدر استطاعتنا، وإذا كان الحال ميسورا فليكن رضا الوالد مطلبا نسعى جميعا لتحقيقه، وإذا كانت الأخرى فأرجو أن تحسنوا الرد والأدب معه.

وشكر الله لك البر وأرجو ألا تضيعي أجرك، وسوف يعوضك الله بأبناء بررة وقد صبرت الكثير ولم يبق إلا القليل، وقيامك بالاهتمام بنظافته عمل عظيم، وأسأل الله أن يتقبل منكم، وتذكري أن كل بيت فيه كبار السن يجد أهله بعض المعاناة، ورغم أنف من أدرك أحد أبويه أو كليهما ولم يدخل ببره لهما الجنة.
والله الموفق.

مواد ذات صلة

الاستشارات