السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
تزوجت منذ حوالي سبع سنوات ممن لم يتق الله في ثم طلقت بعد عام ونصف ومررت بتجربة غاية في القسوة لا أزال أعاني منها حتى الآن؛ نظرا لأخلاق طليقي وعدم التزامه الخلقي والديني هدانا الله وإياه وسائر المسلمين.
والحمد لله على كل حال فأنا بخير وأحاول قدر استطاعتي الالتزام وطاعة الله تعالى نسأل الله لنا ولكم الثبات.
المشكلة في أنه يتقدم لي الكثير للزواج، البعض يعلم بطلاقي ويكون لديهم أبناء وأنا -ولله الحمد- لم أرزق بأبناء في زيجتي السابقة.
والبعض الأخر ربما لا يعلم وأشعر بحرج بل بخوف من أن أجرح إذا أخبرتهم بسابق زواجي فيرفضوا فأجرح لذا فأنا أرفض بدون إبداء أي أسباب.
ومنذ عدة أيام تقدم لي رجل ملتزم دين كما أخبروني ولديه ثلاثة أبناء وهو حديث الطلاق ويكبرني بعشرة أعوام وربما أكثر ويعيش في أمريكا.
وقد رفضته لرفضي أن أكون زوجة أب يكرهني أبناؤه أو أن أصبح زوجة ثانية إذا ما عاد لزوجته السابقة، ولكني أخاف أن أكون قد رفضت من يرضى دينه وخلقه وأخشى غضب ربي خاصة وأني أتمنى أن يرزقني الله زوجا صالحا كفؤا لي.
فهل أخطأت في ذلك؟
جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلا وسهلا ومرحبا بك في موقعك، وكم يسعدنا اتصالك بنا دائما في أي وقت وفي أي موضوع.
أختي الكريمة! أسأل الله أن يقدر لك الخير، وأن يوفقك لما يرضيه، وأن يستخدمنا جميعا في طاعته.
التجربة السابقة رغم مرارتها لها فوائد، ومن أبرزها أهمية دين الخاطب وطاعته لله، وقد قيل للحسن البصري: من نزوج بناتنا؟ فقال رحمة الله: (زوجها التقي؛ فإنه إن أحبها أكرمها، وأن أبغضها لم يظلمها)، فتقوى الله حاجز ومانع من الظلم والعدوان، والحمد لله أن هذه التجربة لم يكن من ورائها طفل، ونوصي الأولياء بأن يتقوا الله في بناتهم، فإن من زوج ابنته من عاص لله يقطع رحمها مهما كانت حالة الخاطب المادية أو عمله أو شكله، وإن أكرمكم عند الله أتقاكم.
وأرجو أن تحرصي على طاعة الله واللجوء إليه سبحانه، ولا تجعلي هذه التجربة حاجزا بينك وبين النظر إلى المستقبل، ولا تتركي نفسك ضحية للوساوس، فليس كل الناس أشرارا، بل الأصل في الناس هو الخير ولله الحمد.
وعليك أن تبيني للخاطب الجديد حقيقة تجربتك وأسباب فراق ذلك الشرير، فإن البعد عن الأشرار ورفض العيش معهم ميزة وليس عيبا في المرأة، بل هو دليل صلاح وعلامة خيرية بإذن الله، وقد طلقت كثير من الصالحات، وحدث الخلاف بين الأزواج، حتى عند سلفنا الأبرار، والأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف، ومعرفة الزوج الجديد بحقيقة الأمر مما يساعد على بناء حياة سعيدة أساسها الصدق والوضوح، أما رفض كل من يطرق الباب خوفا من الحرج، فهذا ليس بصحيح، وليس له ما يبرره، والطلاق علاج شرعي رغم مرارته، بل فيه علاج لبعض المشاكل التي تعجز عن حلها بالوسائل الأخرى، والله تبارك وتعالى يقول: ((وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته وكان الله واسعا حكيما))[النساء:130].
فاتقي الله يا أختي الكريمة، وأملي ما يسرك طالما حرصت على الالتزام بهذا الدين، وإذا تقدم إليك رجل يرضى دينه وخلقه فاستخيري الله ثم شاوري من حولك من الصالحات والصالحين، ثم اقبلي به حتى ولو كان عنده أولاد، وتأكدي بأن المرأة الصالحة تحول تلك العداوات إلى وفاق وألفه وهي مأجورة عند الله .
وهذا الرجل مناسب، ولكن يفضل أن يعرف الأهل سبب فراقه لزوجته إذا كان ذلك ميسورا، والأمر لك أولا وأخيرا، ولا يهم يا أختي الكريمة أن تكوني زوجة ثانية أو ثالثة، فهذا مما أباحته هذه الشريعة العظيمة، وعلى الرجل أن يتحرى العدل بين زوجاته، والمرأة الصالحة تعين زوجها على صلة أهله، وتأمره بالعدل وتشجعه عليه.
ولا شيء عليك في رد الخطاب حتى تجدي صاحب الدين، ولكن تذكري أن المرأة لا تستغني عن رجل يعفها ويعينها على طاعة الله، وقد يرزقها الله ذرية صالحة تنسى بصلاحهم مرارة الظروف وآثار الأزمات، وعجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا لله.
نسأل الله أن يرزقك الزوج الصالح والذرية الصالحة، وأن يجعل الصلاح ميراثا في ذرياتنا إلى يوم الدين، والله الموفق.