السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا متزوج منذ ثمان سنوات، ولدي ولدان، مشكلتي أن زوجتي عصبية جدا خاصة مع أولادنا، فعلى سبيل المثال وليس الحصر، عندما تبدأ في المذاكرة مع ابني (الصف الأول الابتدائي) فالصوت يعلو والشجار والبكاء، ولا يستوعب ابني شيئا على الإطلاق، فأضطر - لفض الاشتباك - أن أذاكر أنا للولد بهدوء، فأفاجأ أن استيعابه سريع، ويحفظ الدرس بسرعة، وتستطيع أن تقيس كل شيء على ذلك.
فأنا بمجرد أن أدخل المنزل بعد عمل يوم شاق، أسمع الصراخ والبكاء والصوت العالي من طرف زوجتي (سواء في الشجار أو حتى المناقشات العادية)، وقد لفت نظرها عدة مرات ولكن دون جدوى.
هذا بالإضافة إلى إهمال نظافة المنزل من الأتربة، ولفت نظرها أيضا عدة مرات لذلك، ولكن دون جدوى، فهي لا تهتم بذلك إلا عند زيارة أحد لنا.
حتى أهلي أصبحوا ينتقدون ذلك -خاصة أمي - وعند زيارتنا لا يمكثون أكثر من نصف ساعة، حتى أن أمي في آخر زيارة فوجئت بأنها أحضرت معها منشفة حتى لا تستخدم منشفتنا.
بالطبع أمي مبالغة جدا جدا، وأصبحت معاملتها مع زوجتي قاسية للغاية، فعلى سبيل المثال عندما تتصل بنا في الهاتف وترد زوجتي تفاجأ أن أمي لا تقول لها سوى: أريد أن أكلم ابني، فأصبحت العلاقة فاشلة جدا بيني وبين أمي وبيني وبين زوجتي.
وأصبحت مستاء جدا من أمي، وفي نفس الوقت أريد أن أوازن بينهم لأن تفكيري الدائم في ذلك الموضوع قد يدفعني إلى ما لا يحمد عقباه.
أريد من سيادتكم أن تدلوني إلى التصرف الصحيح.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ تامر عاطف حفظه الله .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أخي الكريم: نسأل الله العظيم أن يرزقنا وإياكم حسن الخلق، فإنه لا يهدي لأحسن الأخلاق إلا هو سبحانه، ولا يصرف سيئها إلا هو، نسأله سبحانه أن يصلح لنا ولكم النية والذرية، ونعوذ به سبحانه من الشقاق والنفاق وسيئ الأخلاق .
وأرجو أن تركز على الجوانب الإيجابية عند هذه المرأة وتبني عليها، وتجتهد في تغيير الصفات المذمومة، وإذا عجز الإنسان عن تغيير الخلق السيئ فليجتهد في تغيير مجاريه وتضييق أبوابه، وتأكد أننا سوف نتخلص من صفة سيئة كلما اكتسبنا فضيلة من الفضائل، والإنصاف يقتضي ذكر المحاسن والمساوئ، وهذا نور وقبس من توجيهه صلى الله عليه وسلم: (لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلق رضي منها آخر).
ولا شك أن مهمة التدريس لا يستطيعها كل أحد، وقد يفشل الآباء والأمهات في هذه المهمة مع أبنائهم، وذلك لأننا أحيانا نصطحب معنا سلوك الأبناء وإزعاجهم لنا، فنبدأ الدرس بعد أن نضع أقدامنا على عتبة الغضب، وسرعان ما نثور لأتفه الأسباب.
وقد يكون السبب في توتر هذه الأم هو خوفها الزائد على مستقبل أطفالها، ورغبتها في تفوقهم، وهذه المشاعر ربما يقابلها الطفل بعدم المبالاة أو الاهتمام، وهذا لصغر سن هذا الطفل، وعدم معرفته لحلاوة النجاح وعاقبة الإهمال.
وربما كان سبب التوتر هو فقدها للسيطرة على أطفالها الذين دللتهم، والآن تريد أن يجتهدوا في الدراسة وهيهات !! وإذا كان الدلال مضر فإن القسوة أيضا إذا زادت تعطل قدرات الطفل، خاصة إذا كان معها صراخ وضرب، والحل الأول هو أن تتولى أنت مهمة التدريس، وتجعل هذه المرأة تشتغل بمهام أخرى في البيت، وإذا كان الحال ميسورا فخير لهؤلاء الأطفال أن تبحث لهم عن مدرس يخاف الله ويتقيه.
وتحاول بعد ذلك النظر في أسباب التوتر، فقد تكون هذه المرأة اعتادت على ذلك في بيت أهلها، أو لأن أطفالكم فيهم شيء من العناد، وعلى كل حال فهذه الحالة تحتاج لوقت وسوف يتغير الحال بإذن الله .
وأرجو أن تجتهد في بر والدتك، وأكد لها أن زوجتك تحبها وتذكرها بالخير، واتفق مع زوجتك على منهج في معاملة هذه الوالدة، وهي والدة الجميع، وأخبر زوجتك بأن صبرها على هذه الأم يزيد من مقدارها عندك وحبك لها، واحرص على إظهار الجوانب الإيجابية فقط عند أهلك ووالدتك، أما جوانب الخلل فالصواب أن تعالجها سرا مع هذه الزوجة.
وأوصيك بالصبر، فالأم كثيرا ما تغار من زوجة ابنها؛ لأنها شاركتها في حبه وجيبه، بل وربما أخذته منها بالكلية، والابن الصالح يزيد من بر والديه بعد زواجه؛ حتى لا يشعرا بمثل هذه المشاعر، وبكل أسف وسائل الإعلام والثقافة الشعبية تشعل نيران الغيرة بين الزوجة والأم، وأرجو أن تذكر هذه الزوجة بأن هذه الوالدة صاحبة فضل علي وعليك، وساعد زوجتك على البر بأهلها، واحرص على احترام أهلها فهذا مما يخفف من حدة التوتر.
وأحذرك من عقوق الوالدة أو ظلم هذه الزوجة، فالإسلام دين العدل يوصي ببر الوالدين، ويحذرنا من ظلم الزوجة، وتأكد من حسن العشرة وتمامها احتمال الأذى وليس مجرد المعاملة الحسنة، وكن إيجابيا بتشجيعك لهذه الزوجة عند نظافة المنزل وترتيبه أو إعداد الطعام.
وأخيرا عليك باللجوء إلى الله، فإن القلوب بين إصبعين من أصابع الرحمن، ونسأله تبارك وتعالى أن يؤلف بين القلوب، وردد دعاء الأخيار (( والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما ))[الفرقان:74]، والله الموفق.