السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
جزاكم الله كل خير على جهودكم.
لا أستطيع أن أقول أنها مشكلة واحدة، بل عدة مشكلات، أنا في 19 من العمر، أدرس بالجامعة.
ما أعاني منه وبصراحة هو أنني كلما نظرت لرجل أعجبت به، حتى وإن كان متزوجا، ذلك يزعجني حقا وأستحقر نفسي لذلك، حتى وصل بي الأمر أن أعجبت بأستاذي الجامعي الذي هو متزوج ولديه أولاد، وأعجبت بشاب معي بالكلية ويسكن معي في نفس الحي الذي أعيش فيه، أنا أحاول لفت نظري إليه، ولكن أشعر أنه هو أيضا ينظر إلي، وكان يقصدني في بعض مواقف في الكلية، مع العلم أنني منقبة، وعلى قدر من الجمال - والحمد لله - أريد المساعدة كيف أتخلص من شعوري هذا؟
وأمر آخر: هو أنني عندما أتخذ القرارات لا أتخذها بناء على تفكير بعمق، ولا أستشير أحدا، بل أتخذها هكذا، كتخصصي الجامعي وغيره وغيره.
وأصبح في كثير من المواقف في حياتي مهما كان الموقف لا أبالي به، ولا أتأثر به، وأشعر أنه عادي جدا.
شكرا لكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة / المهتدية .. حفظها الله تعالى
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. وبعد:
ابنتي! بوركت وبورك إحساسك وسعيك في السؤال والاستفسار عن الحق.
خير علاج لغض البصر - ابنتي الكريمة - يكمن في قال الله تعالى: {وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن}.
الله سبحانه وتعالى أعلم بمن خلق، لم يحرم شيئا إلا لحكمة يعلمها من يعلمها ويجهلها من يجهلها، فأنت - ولله الحمد والفضل والمنة - قد هديت للطريق - إن شاء الله - ونقابك وحشمتك دليل ذلك، لا سيما وأنت تعلمين أنك على قدر من الجمال، فصنت هذا الجمال عن عيون غير المحارم.
إحساسك بالاحتقار لنفسك في مواقف ذكرتها، دليل على علو همتك وطهارتك وسمو خلقك؛ لأنك لم تسمحي لنفسك حتى في التفكير بأشياء لا تجوز شرعا، وقد يكون هذا الإحساس رحمة بك حتى لا تنظري إلى من يحرم النظر إليهم.
أما بالنسبة للشاب الذي ذكرته فانتبهي - عزيزتي - فأنت أعلى وأسمى من أن أقول لك لا تنخرطي في طرق ملتوية، لا يكفي إحساسك أنه يريدك أو يقصدك في بعض المواقف، هناك الطرق الصحيحة الواضحة لمن يريد زوجة، فله أن يطرق بابك ويخطبك من أولياء أمرك، ويعاملك بما يستحقه قدرك ومكانتك، ولك الحق في اتخاذ القرار حين ذلك سواء بالإيجاب أو الرفض بعد الاستشارة والاستخارة.
أما بالنسبة للاستشارة الثانية فعلى ما بيدو أنك مندفعة بعض الشيء أي متسرعة، فأرجو أن تتريثي قبل أن تتخذي أي قرار، وهذا سيكون سهلا عليك - إن شاء الله - لأنك ذكرت بعض طرق العلاج من خلال سطور المشكلة، كقولك لا استشير أحدا، فلا بد -يا ابنتي- من التريث قبل إبداء الرأي في أي أمر، لا بد أن تفكري قبل اتخاذ أي قرار، لأننا مسؤولون عن نتائج قراراتنا، فكما يقال: في التأني السلامة، وفي العجلة الندامة، والعجلة من الشيطان، والشيطان لا يهدي إلى الخير.
أيتها الغالية: القرارات السريعة دليل عدم النضج وهذا لا يناسب شخصيتك؛ لأن احتقارك لنفسك حين تعجبين بشخص ليس من حقك أن تفكري به دليل على نضجك وعمق تفكيرك.
حبيتي: عودي نفسك أن لا تصدري قرارا قبل أن تدرسي الموقف بجدية وتبحثي عن أبعاد هذا الموقف، ونتائج هذا القرار، حاولي وتعلمي، فقد قال -صلى الله عليه وسلم-: (العلم بالتعلم، والحلم بالتحلم).
فهناك من هو مفطور على ذلك وهناك من يكتسبه بالتعلم، ثقي أنك تستطيعين وستنجحين لاسيما أنك شعرت بمشكلتك، فأول خطوة في حل المشكلة هو الشعور بالمشكلة، وسؤالك وبحثك دليل على توفيقك بحول الله تعالى، وأهم خطوة في الموضوع أن تسألي الله تعالى وتلحي في الدعاء أن يعينك ويوفقك.
أسأله تبارك وتعالى أن يريك الحق حقا ويرزقك اتباعه، ويريك الباطل باطلا ويرزقك اجتنابه، وأن يرزقك الزوج الصالح.
وبالله التوفيق والسداد.