السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا شاب عمري 30 عاما، متزوج وأعمل إداريا ومسؤولا عن قسم الكمبيوتر، ومشكلتي تكمن في أني غير فصيح في الكلام، ولا أجيد إيصال المعلومات بشكل واضح للناس، وقد تحصل تأتأة في بعض الأحيان.
وعندما نكون في اجتماع فإنني لا أكثر من الكلام، بل أغلب الوقت أكون مستمعا حتى لو أني أملك بعض المعلومات عن موضوع الاجتماع، وأحيانا أتهرب من حضور المناسبات بسبب هذه المشكلة، كما أني لا أجيد إلقاء النكتة، وفي بعض المواقف يحتاج الشخص للضحك مجاملة لمن ألقى النكتة، إلا أنني لا أستطيع سوى التبسم، بينما في بعض الأحيان يرتفع صوتي بالضحك.
علما بأني مطلع وأحب القراءة ولدي معلومات معرفية وثقافية كثيرة، فأرجو مساعدتي في الوصول لحل لهذه المشكلة المزمنة المؤرقة.
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سلطان حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فيجب أن تثق في مقدراتك، وقد ذكرت أنك رجل مطلع وتحب القراءة ولديك معلومات معرفية وثقافية كبيرة، فهذه يجب أن تكون ذخيرة ونقطة انطلاق حقيقية لأن يكون أداؤك التواصلي مرضيا لك وللآخرين.
ثانيا: أخاف أنك تكون من نوع الناس الذين يحكمون على أنفسهم بقسوة شديدة، بمعنى أنك ربما تكون حسن الأداء ولكن تصورك عن ذاتك تصور سلبي، فأرجو أن تصحح من ذلك إذا كان هنالك شيء منه.
ثالثا: يمكنك أن تقوم مثلا بإجراء تمارين سلوكية في المنزل، هذه التمارين هي حقيقة في الخيال ولكنها يمكن أن تنقل للواقع، أجلس مثلا في المنزل، وأنت جالس على كرسي مريح تخيل أن عددا كبيرا من الناس هم أمامك ويستمعون إليك، وقم بمخاطبتهم في موضوع معين، يمكنك أن ترتجل أو يمكنك أن تقرأ، ويمكنك أيضا أن تقوم بتسجيل ما سوف تتحدث عنه، وبعد ذلك أعد الاستماع لما قمت بتسجيله، وحاول في المرة القادمة أن تعيد التسجيل وفي موضوع آخر، ويمكنك الاستفادة من أخطائك السابقة لتحسين أدائك في المرة الثانية، وهكذا.
وقد تلاحظ أن معظم الذين يعتقدون أن كفاءتهم أقل من المطلوب حينما يقومون بتسجيل هذه الرسائل، يتضح لهم أن مقدراتهم عالية وممتازة.
رابعا: أرجو أن تتخذ قدوة ما، مثلا حاول أن تتمثل بخطيب مسجدكم، أو حاول أن تقلد أحد الأشخاص المتفوهين المتحدثين، هذا أمر جيد ومفيد جدا.
خامسا: يمكنك أن تدخل في نوع من ما يسمى بالسيكودراما، أي أن تختار أحد أصدقائك وتوضح له هذه المشكلة، وتلعب دورا تمثيليا معه، بأن تقوم أنت بدور ويقوم هو بدور آخر، هذا مثبت الجدية والفعالية، وسوف تجد أنه قد تطور من مهاراتك جدا إذا استطعت أن تطبقه.
وأدعوك لأن تحضر حلقات التلاوة، لأنها تساعد الإنسان على المواجهة، وتجعل الإنسان أكثر قدرة في أن يكون مفوها ومخاطبا للآخرين.. هذه هي الأشياء الأساسية التي أعتقد أنها سوف تفيدك كثيرا.
أضف إلى ذلك وبما أنه لديك قلق اجتماعي بسيط سيكون من المفيد لك أن تتناول أحد الأدوية المضادة للقلق الاجتماعي، ومن أفضلها دواء يعرف تجاريا باسم (زولفت Zoloft)، واسمه الآخر التجاري (لسترال Lustral) ويسمى علميا باسم (سيرترالين Sertraline)، هو يوجد في عبوة خمسين مليجراما – أي الحبة تحتوي على خمسين مليجراما – قم بتناول نصفها – أي خمسة وعشرين مليجراما – يوميا، تناولها ليلا بعد الأكل لمدة أسبوعين، ثم بعد ذلك ارفع الجرعة إلى حبة كاملة يوميا، واستمر عليها لمدة ستة أشهر، ثم خفضها إلى خمسة وعشرين مليجراما – أي نصف حبة – يوميا لمدة شهر، ثم توقف عن تناول الدواء.
هذا الدواء من الأدوية المفيدة ومن الأدوية الجيدة، وهو يساعد في علاج الخوف والرهاب والقلق الاجتماعي، ولا شك أن التأتأة أيضا مرتبطة بهذا الخجل الاجتماعي، وبتناولك لهذا الدواء وبناء ثقة جديدة في نفسك وتصحيح المفاهيم حول ذاتك سوف تجد إن شاء الله أنك أصبحت أكثر تفوها وقدرة على التواصل وعلى التخاطب.
بالنسبة للضحك، فالضحك الكثير لا فائدة فيه، فهو يميت القلب، وحتى هذه النكات لا أعتقد أنها أمر ضروري ليكون ملازما للإنسان في حياته، ولا أقول لك أنها ممنوعة أو شيء من هذا القبيل، ولكن يجب أن لا تكون منزعجا لهذا الأمر، هذه أمور تلقائية إذا تعايش معها الإنسان أو كان له الموهبة وكان له الميول لها فلا بأس في ذلك، ولكن الضحك المفرط لا شك أنه من العادات الاجتماعية غير المقبولة، فلا تنزعج لهذا الأمر.
وأريدك أن تبني صورة إيجابية عن نفسك، وزد أيضا من اطلاعاتك، زد من تواصلك، وأريد أن أوجه لك نصيحة أخيرة وهي أن تنخرط في أي عمل تطوعي يتطلب التفاعل مع الآخرين؛ لأن النشاطات الاجتماعية والثقافية والتطوعية ترفع من مقدرات الإنسان المهارية فيما يتعلق بالتواصل والتخاطب والاندماج الاجتماعي، وترفع مما نسميه بالذكاء الوجداني أو الذكاء العاطفي لدى الإنسان، فكن حريصا على ذلك.
وختاما فإني أشكرك كثيرا، ولا أعتقد أن لديك مشكلة أساسية، وإن شاء الله باتباعك لهذه النصائح التي ذكرناها وتناول الدواء سوف تحس أن حالتك قد تحسنت، وعليك أن تدعو الله دائما ((رب اشرح لي صدري * ويسر لي أمري * واحلل عقدة من لساني * يفقهوا قولي))[طه:25-28]، ويمكنك الاستزادة بالاطلاع على علاج عدم القدرة على الحديث والتعبير عن الذات والتأتأة سلوكيا في الاستشارات التالية: (267560 - 267075 - 257722).
وبالله التوفيق والسداد.