السؤال
السلام عليكم.
أنا مهندس لبناني أعمل بالمملكة العربية السعودية منذ أشهر، كان والدي قد توفاه الله منذ عام ونيف رحمه الله، وأمي الآن تعيش وحدها في لبنان، ولديها خادمة ترعاها، وبعض إخوانها يعيشون قريبا منها، وهي -بحمد الله- حالتها الصحية جيدة بشكل عام.
ولدي اثنان من الإخوة الشباب، لكننا كلنا نعيش في الخارج، وأخي الأكبر في دبي، والأوسط في أمريكا، ويؤلمني كثيرا أن تكون أمي وحدها، خاصة أن موت والدي كان مفاجئا، بالرغم أنها تزورنا دوما، لكنها لا تستطيع ذلك كل السنة، فهل علي أن أعود إلى بلدي وأعيش هناك وأكون بقرب أمي دوما؟ وهل علي أن أعيش معها في نفس البيت إذا عدت إن لم تكن زوجتي راغبة في ذلك؟
علما بأن علاقتي بأمي جيدة جدا ولله الحمد، فأفيدوني.
جزاكم الله كل خير.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ رنيم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد:
فقد أسعدني اهتمامك بالوالدة، ورحمة الله على الوالد، وبشرى لك بهذا البر، علما بأن الاهتمام بالأم بعد الأب لون من البر لهما جميعا، وسوف تنال خيرا كثيرا ببرك لوالديك بحول وقوة من أمرنا بالإحسان إلى الوالدين وهو الله، ومرحبا بك في موقعك، ونسأل الله أن يسهل أمرك وأن يلهمك رشدك والسداد.
ولا شك أن ما تطلبه الوالدة هو الخير، فإن رضيت أن تتجول بينكم، وتحرصوا على السفر إليها أيضا من حين لآخر؛ فلا حرج في بقائك في مكان عملك، مع ضرورة الاستمرار في الاهتمام بها والسؤال عنها.
وإذا شعرت أنها تريد عودتك وقربك منها، ولم يكن في إخوانك من يستطيع أن يرجع؛ فاجتهد في أن تلبي لها طلبها، وإذا كان الإمكان سكناها معك في المملكة أو سكنك معها في لبنان فهذا هو المطلوب، وإن تعذر ذلك فلا أقل من أن يكون منزلها مجاورا لمنزلك لتتمكن من زيارتها والاطمئنان عليها ليلا ونهارا.
ومن هنا يتضح لك أن الأصل هو أن نستمع لرغبة الوالدة، وسعيد في الناس من يبحث عن إرضاء والديه، وأرجو أن تشكر زوجتك على حبها لوالدتك، وهذا دليل على أصالة معدنها وكمال عقلها؛ فإن حب الأم هو أقصر الطرق إلى قلب الرجل البار من أمثالك.
وإذا اعتبرت زوجة الابن أم الزوج أما لها جاء الخير للجميع، كما أن الرجل يكرم زوجته وأهلها عندما يشعر أنها تحترم أهله، فيعم الحب وتتسع دائرة المشاعر النبيلة.
وهذه وصيتي لك بتقوى الله ثم بكثرة اللجوء إليه، ونسأل الله أن يقدر لك الخير ثم يرضيك به.
وبالله التوفيق والسداد.