حكم انتفاع الأب بالأمانة الخاصة بولده بغير إذنه

0 218

السؤال

تحية طيبة وبعد.. اسمحوا لي أن أستفسر عن فتوى بحثت عنها طويلا في الشبكة العنكبوتيه ولكن للأسف الشديد لم أجد جوابا شافيا للموضوع.. السؤال سيدي: ما حكم الإسلام في شخص استلم أمانة (نقودا) ليوصلها لابنه ولزوجته ولم يوصلها عند رؤيته لهم بل أعطاهم جزءا من هذه الأمانة والباقي استعملها لأغراضه الشخصية وأكمل تسليم الأمانة بعد مرور زمن طويل، مع العلم بأنه لم يقل لابنه وزوجته بأنه سوف يستعمل الأمانة وإنما قام بذلك من تلقاء نفسه ولم يذكر أيضا ممن هذه الأمانة، حيث علمت الزوجة والابن بعد فترة من الزمن بأنه لهم أمانة من هذا الشخص ولكن حياء من الوالد والزوج لم يناقشوا معه عن الموضوع خوفا من المشاكل، فأرجو سيدي الكريم أن تعطينا حكم الإسلام في هذا الموضوع الحساس وما هو العقاب الإسلامي في الدنيا والآخرة لمن يقدم على فعل هذا؟ ولكم منا جزيل الشكر ودمتم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن هذه النقود التي تسلمها هذا الرجل لإعطائها لزوجته وابنه أمانة يجب عليه أداؤها لهما كاملة غير منقوصة من غير تأخير كما يجب أداؤها لغيرهما، فقد قال الله سبحانه وتعالى: إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها  {النساء:58}، وقال جل وعلا: يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون {الأنفال:27}، وقال سبحانه وتعالى في وصف المؤمنين: والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون {المؤمنون:8}، وإذا فرط في ذلك وأخر دفع شيء منها من غير عذر شرعي أثم بذلك، وكان معرضا للوعيد والعقوبة على خيانة الأمانة، وقد تقدمت الإشارة إلى شيء من العقوبة الأخروية في الفتوى رقم: 63921. أما العقوبة الدنيوية فلا نعرف فيها نصا خاصا ولكن هي داخلة في العقوبات العامة على المعاصي والأوزار، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 29853.

وهذا الذي ذكرناه هو من حيث الأصل، ولكنه إذا كان هذا الرجل محتاجا وقت تسلمه لهذه النقود، وكان يعلم أن ولده يملك شيئا منها، وأن أخذه منها لا يترتب عليه إلحاق ضرر بالولد أو بمن سلمه هذه النقود كان له أن يأخذ من نصيب ولده منها بقدر حاجته، ولا يلزمه استئذانه وذلك لعموم قوله صلى الله عليه وسلم لمن شكى إليه أخذ أبيه لماله: أنت ومالك لأبيك. رواه أبو داود عن جابر، وابن ماجه. وقوله صلى الله عليه وسلم: إن أولادكم من أطيب كسبكم، فكلوا من أموالهم. رواه أحمد وابن ماجه.

وعلى كل حال فالذي ننصح به الزوجة والولد هو غض الطرف عن هذا الموضوع والعفو والصفح درأ للخلاف ومحافظة على الود واجتماع الشمل، فقد قال الله تعالى: فمن عفا وأصلح فأجره على الله  {الشورى:40}.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة