السؤال
سدد الله خطاكم وجزاكم عنا كل خيير
سمعت أحاديث عن الخلافة الراشدة التي سوف تعم الدنيا بإذن الله وسمعت أن هناك إماما سوف يؤم المسلمين ويقودهم في آخر الزمان ألا وهو المهدي كما سمعت، ما هي هذه الأحاديث وماذا صح منها؟
وأريد ان أسأل هل هذه الخلافة الراشدة على منهاج النبوة المذكورة في الأحاديث مرتبطة بهذا الإمام أي هو من سينشئها أم هناك احتمال أن تقام خلافة إسلامية على منهاج النبوة يقيمها أي إنسان مسلم عادل في الأزمنة القادمة؟
أرجو الاستدلال.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فأحاديث المهدي قد بلغت حد التواتر كما صرح بذلك جماعة من أهل العلم.
قال السفاريني في لوامع الأنوار البهية: وقد كثرت بخروجه الروايات، حتى بلغت حد التواتر المعنوي، وشاع ذلك بين علماء السنة، حتى عد من معتقداتهم إلى أن قال: وقد روي عمن ذكر من الصحابة وغير من ذكر منهم رضي الله عنهم، بروايات متعددة، وعن التابعين من بعدهم، ما يفيد مجموعه العلم القطعي، فالإيمان بخروج المهدي واجب كما هو مقرر عند أهل العلم، ومدون في عقائد أهل السنة والجماعة. انتهى.
ومن الأحاديث التي جاءت ببيان اسمه وصفته ومكان خروجه ما يلي:
1- ما رواه أحمد والترمذي وأبو داود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تذهب أو لا تنقضي الدنيا حتى يملك العرب رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي. وفي رواية لأبي داود: يواطئ اسمه اسمي، واسم أبيه اسم أبي. والحديث قال عنه الترمذي: حسن صحيح، وصححه أحمد شاكر والألباني.
2- وعن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: المهدي مني أجلى الجبهة، أقنى الأنف، يملأ الأرض قسطا وعدلا، كما ملئت ظلما وجورا، يملك سبع سنين. رواه أبو داود والحاكم، وحسنه الألباني في صحيح الجامع.
3- وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: المهدي من عترتي من ولد فاطمة. رواه أبو داود وابن ماجه وصححه الألباني.
4- وعن علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: المهدي منا أهل البيت يصلحه الله في ليلة. رواه أحمد وابن ماجه، وصححه أحمد شاكر والألباني.
قال ابن كثير في كتابه النهاية في الفتن والملاحم: أي يتوب الله عليه، ويوفقه ويلهمه، ويرشده بعد أن لم يكن كذلك.
5- وعن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يخرج في آخر أمتي المهدي، يسقيه الله الغيث، وتخرج الأرض نباتها، ويعطي المال صحاحا، وتخرج الماشية، وتعظم الأمة، يعيش سبعا أو ثمانيا. يعني حججا. رواه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي، وقال عنه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة: هذا سند صحيح رجاله ثقات.
6- وعن ثوبان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يقتتل عند كنزكم ثلاثة كلهم ابن خليفة، ثم لا يصير إلى واحد منهم، ثم تطلع الرايات السود من قبل المشرق، فيقتلونكم قتلا لم يقتله قوم ثم ذكر شيئا لم أحفظه فإذا رأيتموه فبايعوه ولو حبوا على الثلج، فإنه خليفة الله المهدي. رواه ابن ماجه والحاكم وقال: على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي، وقال ابن كثير: هذا إسناد قوي صحيح.
7- وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامكم منكم. رواه البخاري ومسلم.
فهذا عن الشق الأول من سؤالك، وأما الشق الثاني منه فجوابه أنه قد ورد في السلسلة الصحيحة للشيخ الألباني ما يلي: تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها ثم تكون خلافة على منهاج النبوة فتكون ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها ثم تكون ملكا عاضا فيكون ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها ثم يكون ملكا جبريا فتكون ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها ثم تكون خلافة على منهاج النبوة ثم سكت. رواه أحمد.
وقد علمت من الأحاديث السابقة أن الإمام المهدي خليفة سيكون في آخر الزمان، وأنه سيصلح الله به أمر الأمة، وأما الحديث عما إذا كانت الخلافة المذكورة في الأحاديث الشريفة مرتبطة به أم لا، فإن ذلك لا سبيل إلى الخوض فيه إلا بتوقيف من الشارع، وهو ما لم نقف له على دليل.
والله أعلم.